دعا رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم، أمس، الى ضرورة ان يضطلع الاتحاد البرلماني الدولي بدوره الاخلاقي في تبني موقف جاد وحاسم ازاء كل ملفات الصراع في العالم.وقال الغانم: إن البعض يريد تحويل الاتحاد البرلماني الدولي الى "هايد بارك سياسي " ومكان لتبادل الخطب والكلمات فقط بينما يريد العالم من الاتحاد تحمل مسؤولياته الاخلاقية الثقيلة.وأضاف الغانم في كلمته امام جلسة المناقشة العامة للجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي في دورته الـ140 المنعقدة في العاصمة القطرية الدوحة تحت عنوان "البرلمانات كمنصات لتعزيز التعليم من أجل السلام والأمن وسيادة القانون": "إن قطر إحدى لآلئ مجلس التعاون الست التي تشكل قلادتنا الخليجية البراقة، ودوحة الخير وهي لمن لا يعرف شقيقة الرياض وأبوظبي ومسقط والمنامة والكويت". وتابع قائلا: "أنا أراجع المذكرة التوضيحية لموضوع مناقشتنا العامة استوقفني السؤال المتعلق بكيفية تمكين أعضاء البرلمانات من تعزيز نموذج تعليمي يكافح التعصب، والتطرف الذي يؤدي الى العنف، وخطاب التحريض على الكراهية، لانني تذكرت على الفور صورة اللاجئ السوري خالد حاج مصطفى، الذي قطع اكثر من 16 الف كيلومترا ليهرب من احتمالية الموت على يد متطرف باسم الإسلام في سورية، ليلاقي حتفه على يد موتور باسم المسيحية في نيوزلندا.ورأى أن ما حدث في كرايست تشيرتش في نيوزلندا أيقظ المغيبين والواهمين بقصر التطرف على دين معين، أو عرق محدد، أو ملة بعينها فما حدث زلزل القناعة بحصرية جغرافيا الإرهاب على إقليم ومنطقة. وأكد ان الإرهاب والتطرف والتعصب والتعنصر لا دين لهم وان قضايا الإرهاب والعنصرية والتطرف قضايا عابرة للقارات والثقافات. وأضاف: لقد أدنا منذ اليوم الأول، كل جاهل متطرف مارس القتل باسم نبينا الأكرم، لأننا نؤمن ان نبينا محمد داعية حب واخاء، وان الإسلام دين الرحمة والسلام لكننا في ذات الوقت نبهنا وحذرنا، من ذلك الذي يصفي الفلسطيني باسم سيدنا موسى، ومن ذلك الذي يستهدف الروهينغا باسم بوذا، وممن يأتي على الأبرياء باسم سيدنا عيسى، كما حدث في كرايست تشيرتش.
وأوضح أن أول علاجات التطرف والتعصب تكمن في شمولية التشخيص، ووضوح التعاطي، وعمق التناول وبدلا من الذهاب في السعار المنفعل، والتركيز على الإجراءات الأمنية الوقائية، والافراط فيها لدرجة ظلم فئات وشرائح بعينها يجب علينا تفعيل التضامن المجتمعي، وضبط الجانب الحقوقي، ومواجهة الإرهاب بمزيد من الشفافية والديمقراطية والحكم الرشيد. وذكّر بأن ما حدث في نيوزلندا، حدث مثله في الكويت قبل أكثر منذ ثلاث سنوات، عندما استهدف الإرهاب مسجدا للشيعة، ما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء وبدلا من تحقيق هدف الإرهابيين في احداث الانقسام المجتمعي والدخول في فتنة طائفية، دوت جملة (هؤلاء أولادي) التي اطلقها سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد من موقع الحدث ووسط أشلاء الشهداء والجرحى، في كل أرجاء البلاد، وأقيمت مراسم العزاء الجماعية سنة وشيعة في مسجد الدولة الكبير، في ملحمة مجتمعية استثنائية كانت محل حديث العالم حينها.وألمح الى ان ما فعلته نيوزلندا قبل أسبوعين، وفعلته الكويت قبل أكثر من ثلاث سنوات، هو الذي افتقدناه في مناطق أخرى، وصراعات أخرى وخير مثال على ذلك تعاطى العالم، مع أهم موضوع يتجلى فيه الإرهاب والعنصرية والتمييز، بشكل يومي ومنذ اكثر من 70 عاما، ودون أن يكون للمجتمع الدولي موقف حاسم وقاطع ازاءه وهو إرهاب الدولة الذي مارسه -ولا يزال يمارسه- الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين ويتم التغاضي عالميا عن الحسم الأخلاقي ويسمح العالم له ان يمارس القهر والإرهاب والتمييز والتنكيل والفرز على الهوية واحتلال الأراضي وتصبح القرارات الدولية القاطعة، مجرد كلام غير ملزم وغير ذي فائدة.في السياق ذاته، اكد الغانم رفضه للإعلان الأحادي الأميركي الأخير، بالاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان المحتل، لما تمثله تلك الخطوة من خروج على قرارات الشرعية الدولية، وخاصة القرارين 242 و497 ولما تسببه من أضرار وتأثير سلبي على عملية السلام، المصابة بالجمود منذ سنوات.وأوضح ان على الاتحاد البرلماني الدولي مسؤولية أخلاقية ثقيلة، في تبني موقف جاد وحاسم إزاء كل الإجراءات الأحادية المتعلقة بكل ملفات الصراع في العالم، التي تمثل نكوصا وخروجا على المرجعيات الدولية محل الاتفاق عالميا، وتفتح الباب على مصراعيه لسياسات المحاباة والانحياز والتعامي والاستثناء.وحذر من مساعي البعض لتحويل الاتحاد الى "هايد بارك سياسي" ومكان لتبادل الخطب والكلمات فقط، بينما نسعى نحن الى جعلها منظمة، تضطلع بكل ثبات وثقة، بدورها الأخلاقي، كجامعة عالمية تضم كل ممثلي شعوب الأرض.