الثلاثاء 06 مايو 2025
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الفخفخينة المبهجة وصناعة فنان

Time
الاثنين 10 أكتوبر 2022
View
5
السياسة
عماد عبد الوهاب

بداية كلامي هنا من خلال حول واقع التشكيل المصري، فشخصية الفنان إلى حد كبير شخصية مركبة وتحمل في طياتها متناقضات كثيرة، وتكون واضحة في سلوكه العام ومن خلال أعماله الفنية المقدمة عن طريق طرحه لافكار كفرد من داخل النسق المجتمعي، وما يؤثر عليه به من متناقضاته سواء الايجابية أو السلبية وبالتالي التعبير من خلال أطروحات برموز بصرية.
وكلمة "بصرية" هنا كلمة خادعة في الفهم بمعنى أن البعض يقوم بتفسيرها على أنها "كل ما هو جميل ومبهج" ولكنها في الأصل هي "الاستمتاع الحسي عن طريق الرؤية – البصر" ليداعب العقل لما يحمله العمل من قيم فكرية أو فتح الباب للعقل لاستقبال مفاهيم، والبعض له أراء وهو الاكتفاء بالحس والمتعة البصرية فقط دون المضمون لان من مقاصد الفن واهدافه يكون من ضمنها دون جدال (البهجة البصرية) لذلك فإن استهداف البهجة او المتعة البصرية ليس عيبا فى حد ذاته.
وأنا اختلف مع ذلك نهائياً، وإنما أختلف في أن هذا المفهوم هو الذي يتصدر الواقع التشكيلي ويصدر على أنه هو الفن في ذاته، ومنها ظهرمصطلح جديد (الفن المبهج) والذي أصبح اتجاها بدأ يظهر في الساحة التشكيلية المصرية، وفي الحقيقة اكتشفت أنه موجود من فترة ولكنه كان مستترا ولا يقال بشكل علني، وكان المبدأ في عروض فنية كثيرة غريبة واختيار لفنانين ذوي تجارب فنية بسيطة بل يتم اختيار أحد لا يزالون يدرسون من قبل تخرجهم من الكلية أو حديثي التخرج بمعنى أنه لم يتسلم شهادته أصلا والبدء في صناعة وتوجيهه نحو صناعة عمل فني مبهج.
ويصطحب هذا المصطلح مصطلحا آخر وهو (فن الفخفخينة) الفخفخينة كلمة دالة على خلط عدة عناصر وأشياء مع بعض ويقدم على أنه عنصر واحد، ولان الفنان الاصيل ذو التجربة الفنية الحقيقية يرفض فرض أي رأي على عملة أو تغير ألوانه أو تعديل في شكل العمل الفني ليتوافق مع الاخرين، فلماذا التعب؟
فيأتون بشاب ممارس للرسم ولا يوجد أي مانع أنه يكون ذا شخصية معدومة وليس له فكر أو رأي أو اتجاه وما في مانع من وجود بعض مركبات نقص، ولو بنت عانت من القهر في المجتمع الذكوري المتعفن ونعطيها مجموعة آليات اللفظية ومصطلحات متهالكة لتستخدمها لتعلن عن تواجدها، ونعطيهم نماذج مختلفة من فنانين لكن عيبهم "أنهم أصحاب فكر وتجارب حقيقية " ومع التوجيه من فنان وأستاذ كبير في اختيار شكل وعناصر من فنان وفنان آخر كالتصميم وغيره، ونضربهم مع بعض يعملو " شوب الفخفخينة المحترم – حبيبي يا فرغلي يا بتاع العصير " تظهر أعمال الفخفخية (فن الفخفخينة) مع البهجة يكون شيء لا يوصف، وطبعاً يتم إقامة معارض لهم لاثبات التواجد الفني، وطبعاً المجتمع الفني يتعامل مع تلك الظاهرة من خلال المصلحة مع "الصانع الاكبر" ولان المجتمع محافظ في ظاهرة "لا تظهر أعمال خادشة للحياء أو حاملة فكر " الناس والمجتمع والعادات والتقاليد كلمات مستخدمة لقمع الفكر الحر الحقيقي.
ولكن في الحقيقة كلها تجارة وتجارة رخيصة من أشخاص أنانية يتلاعبون بكل شيء تمسه أيديهم، ومع كل هذا أنا لست بضدد، ولكن يجب علينا أن نكون على وعي بحدوث هذا، ولا ننجرف وراء كل ما هو مادي نتيجة "الحاجة والعوز"، فلا سبيل إلا العودة إلى مؤسسات الدولة، بدليل أننا نجد أن كل من تمت صناعته بتلك الطريقة على فترات زمنية متفاوتة ومعروفين بالاسم على فكرة نجد توجههم من قبل صانعيهم بالمشاركة بفاعليات فنية تشكيلية الدولة كصالون شباب – بينالي القاهرة الدولي والحصول على جوائز وطبعا منح تلك الجوائز من آخرين للاسف لارضاء الصانع الاكبر" المصالح"، ليه؟ للحصول على الشرعية وفي نفس الوقت يستطيعون النقد فيها وأنهالا تضيف شيئا ماديا.
حقيقي نحن نعيش مأساة تم فيها خلط الحابل بالنابل، في فنانين مهمين عاشوا وماتوا من غير ما حد يحس بيهم، ليس بسبب ضعف تجربتهم الفنية بل بسبب احترامهم لنفسهم وأنه لم يمتلكوا مقاومات التعريض الفني، ويوجد من تم إقصاؤهم من الحركة التشكيلية لان وجوده يهدد آخرين في تجاربهم المشوهة، وأكرر أنا مش ضد كل ما ذكرته نهائي من سلبيات لانه ضروري وجوده حقيقي، توجد أشياء كثير مرفوضة وغير مرغوب بها ومارقة ولكنها موجودة لاحداث التوازن الطبيعي للحياة، بس يكون عندنا الوعي والفهم لسبب وجودها ولا نعطيها حجما أكبر من حجمها حتى ولو استغلوا كل الفرص الممكنة للتواجد وتصدر المشهد، ويكون عندنا الوعي الحقيقي للفصل بين كل ما هو غال ونفيس وبين الزجاج الذي يبرق من أشعة الشمس وبالوقت يبرد ويطوس لكن بعد ما يكون لعب دوره في تقطيع أوتار الفن الحقيقي.

فنان تشكيلي - دكتوراة في فلسفة الفنون وتاريخ الحضارات
آخر الأخبار