الخميس 10 أكتوبر 2024
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الفقي: الكاتب الناجح يبني علاقة بين شخصياته والقارئ

Time
السبت 29 سبتمبر 2018
View
5
السياسة
القاهرة –إيمان مهران:


اختارت لنفسها خطاً مختلفاً عن الآخرين في مجال الأدب، اهتمت بقضايا المرأة، تعرضت للكثير من المتاعب والمشاق وهي تدافع عن فكرة الحرية بكل أشكالها وأنواعها. أصدرت روايتها الأولى " سعيدة درب الأربعين " في معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام. حاولت الغوص في النفس البشرية لتجيب عن تساؤلات عدة في أذهاننا من خلال ناديا بطلة روايتها الثانية " سنوات التيه ".
للتعرف على عالمها الروائي الخاص،القضايا التي تتناولها،جديدها، التقت "السياسة" الأديبة شاهيناز الفقي في هذا الحوار.
لماذا اخترت " سعيدة درب الأربعين " عنوانا لروايتك؟
لأني وجدته يعبر عن محتوى الرواية، فأنا من أشد المؤمنين بأنه إذا لم يكن لعنوان الكتاب علاقة بمحتواه يعتبر تدليسا على القارئ، خصوصا أن بعض الكتاب يستخدمون العناوين البراقة التجارية لجذب القارئ. شخصياً يصيبني الإحباط حينما أقرأ كتابا و اكتشف أثناء القراءة أن العنوان ليس له علاقة بالمحتوى.
وما دلالة عنوان روايتك؟
من يقرأ "درب الأربعين " يفكر في الطريق الصحراوي بين مصر والسودان، الصحراء مكان يتسم بالقسوة و الجفاف، أما "سعيدة " فهي كلمة غامضة تجعل القارئ يتساءل: هل هو اسم للفتاة بطلة الرواية، أم صفة لحالة الفتاة، كيف تتوافق السعادة مع قسوة المكان؟ لذا جاء العنوان ليكشف جزءا من أسرار الرواية و يثير فضول القارئ للمعرفة.
هل ترين أن الغلاف جاء مناسباً للمضمون؟
فكرته كانت في ذهني منذ البداية، تم تطويرها بعد ذلك، كنت أريده معبرا عن محتوى الرواية و عنوانها،كان لابد من وجود" سعيدة ودرب الأربعين" استطاع المصمم محمد علي أن يعبر بمنتهى الإبداع عن ذلك. كانت الفتاة الأفريقية تنظر للمجهول،تعبيرات وجهها مزيج بين الحزن والترقب، تمر من أمامها قافلة في صحراء درب الأربعين، حتى اختياره للألوان كان له مدلول مهم، لأن سعيدة تقف في مكان ليس به بصيص للضوء، بينما القافلة تمر من أمامها في ضوء لا يستطيع القارئ تمييزه، هل شروق أم غروب. أما السؤال المهم فهو: ما الذي سوف تقدمه القافلة لسعيدة، هل تأخذ بيدها للنور أم تجذبها نحو المزيد من الظلام و العتمة؟
هل هي شخصية خيالية أم من الواقع؟
حقيقية، قرأت عنها في التاريخ، فتاة من سيوة تم بيعها ضمن صفقة لبيع العبيد في عهد الخديوي إسماعيل، تم استغلال قضيتها سياسياً من الدول الاستعمارية فرنسا و بريطانيا، قامت الكثير من الحركات تندد بتجارة الرقيق و صدر قانون تجريم بيع البشر.
هل تناقش الرواية تلك القضية؟
مضمون الرواية ليس فقط قضية سعيدة، إنما تعتبر مدخلا لقضايا مهمة أخرى تتناولها الرواية. سعيدة في الرواية تعد رمزا للمرأة التي تتعرض للقهر في كل مراحل حياتها، اذ تتعرض للاغتصاب وهي طفلة، بدلاً من أن تلوم الجاني تلوم نفسها لأنها أنثى، تتعرض للتحرش من الجنرال الإنكليزي، تباع في سوق الجواري، الرواية تحمل رؤية أعمق من أن نحصرها في قصة فتاة تباع في سوق العبيد و تحرر لها وثيقة حرية.

الأنثى المقهورة
هل ترمز للمرأة المصرية أم الأفريقية؟
قد تكون رمزا للأنثى المقهورة، قد تكون رمزا لأفريقيا المسلوبة التي اغتصبها الاستعماريون بشكل وحشي في القرن الماضي للاستيلاء على خيراتها و استغلالها، قد تكون رمزا لشعوب تسعى للحرية لكن خوفها من المجهول يدفعها للخضوع و الإذعان للعبودية و القهر. سعيدة لها أبعاد كثيرة و مختلفة.
ماالذي أردت توصيله للقارئ؟
الرواية تحمل الكثير من المعاني بين السطور، تركت للقارئ حرية تأويلها، لم أفرض وصاية عليه فأقدم له وجهة نظر واحدة أو أفكارا محددة، تركت له المجال ليسأل ويبحث ويفكر. الرواية مليئة بالأحداث والشخصيات، ليست سعيدة فقط،
كل شخصية من شخصيات الرواية تحمل معنى وعمقا.
لماذا اخترت عهد الخديوي إسماعيل بالذات للكتابة عنه؟
لأنه عهد ثري تاريخيا، إسماعيل كان يعشق مصر، كان صاحب مشروع مكمل للنهضة التي بدأها جده محمد علي، كان يطمح أن تكون دولة قوية مستقلة، الانجازات في عهده كثيرة، كانت له ميول توسعية في أفريقيا ما دفع الدول الاستعمارية، خوفاً على مصالحها، للإطاحة به بعد تكبيله بالديون، كما أن قصة الجارية سعيدة كانت بالفعل محركا لبعض الأحداث السياسية في عهده،منها على سبيل المثال استغلال القضية لحل البرلمان وقتها.
لماذا تهتمين بالكتابة التاريخية؟
أعشق قراءة التاريخ،لكن للأسف التاريخ يحتمل وجهات نظر، والوصول إلى الحقائق التاريخية في غاية الصعوبة، لكن قراءة التاريخ ممتعة و لها جاذبية خاصة بالنسبة لي.
هل استعنت بمراجع لكتابة الرواية؟
الرواية تتحدث عن تاريخ لم يتطرق إليه أحد من قبل، التحضير لها استغرق مني أكثر من عام في قراءة المراجع و المصادر، كان البحث ليس فقط عن طريق درب الأربعين بل عن الحياة الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية لمصر والسودان، كذلك حروب تلك الفترة لضم أجزاء من السودان لمصر، حروب القرم التي وصلنا فيها لحدود روسيا. كان لابد أن أتحرى الدقة في الأحداث التاريخية، جغرافية المكان، العلاقات بين الشخصيات، اللغة في ذلك الوقت، أشياء كثيرة استغرقت مني وقتا طويلا في البحث و الاطلاع.
ماذا عن بطلة روايتك ناديا في روايتك " سنوات التيه "؟
ناديا فتاة من أسرة متوسطة، تكتشف أنها فقدت من حياتها ثلاث سنوات لا تدري عنها شيئا، يساعدها الطبيب النفسي للشفاء من تلك الحالة المرضية. تمر أحداث كثيرة، تنتهي الرواية بسؤال: ما الأفضل، غيبوبة سعيدة أم واقع مؤلم؟
هل كان ضروريا الغوص داخل النفس الإنسانية من خلال البطلة؟
الغوص داخل النفس الإنسانية من أمتع هواياتي، اعتدت دائما أن أنظر لما أبعد من المظهر الخارجي للأشخاص. القارئ حين يبدأ في قراءة رواية يتعايش مع الأحداث و الأبطال، يحب أن يدخل في تفاصيل الشخصية، لابد للكاتب أن يراعي تلك النقطة، أن يرضي فضول القارئ تجاه شخوص الرواية، أعتقد أن الكاتب الناجح هو الذي يستطيع أن يقيم علاقة بين القارئ و أبطال حكايته، يصنع بينهما جسراً من الشغف،من خلال هذا الجسر يمكنه طرح أفكاره و توصيلها للقارئ بمنتهى السلاسة.
المرض النفسي
تطرقت في هذه الرواية إلى نظرة مجتمعنا إلى الطب النفسي، كيف ذلك؟
مازلنا في مجتمعاتنا العربية لا نعترف بالمرض النفسي، نخجل منه، نخاف من الطبيب النفسي، من الأدوية التي يصفها. كثيرون ممن يعانون المرض النفسي لا يلجأون للطبيب، لا يطلبون العلاج خوفاً من نظرة المجتمع، طرحت كل ذلك في الرواية. عند بداية ظهور أعراض المرض النفسي على ناديا رفضت والدتها رفضاً قاطعاً اللجوء للطبيب النفسي، لجأت للمشايخ و القساوسة، ظناً منها أنها معمول لها عمل، في النهاية اضطرت ناديا أن تذهب وحيدة لعيادة الطبيب، حين وصف لها الطبيب دواء قررت ألا تتناوله، ما زاد من أعراض المرض لديها و كلفها ذلك ثلاث سنوات من حياتها، فقدت الوعي خلالها، تاهت عن نفسها وعن أسرتها.
هل يمكن تحويل روايتك الى عمل درامي؟
أتمنى ذلك بالطبع، ليس فقط من أجل نجاح الرواية، لكن لأنني ارتبط عاطفياً بشخوص رواياتي و قصصي، أتمنى رؤيتهم يتحركون أمامي على الشاشة ما سيحقق لي سعادة كبيرة، لكن من دون المساس بالأفكار الأساسية و المعاني المهمة التي تقوم عليها الرواية.
هل تجدين كتاباتك مختلفة عن الآخرين؟
كل كاتب لديه ما يميزه، لابد من الاختلاف، لن نجد كاتبا يشبه الآخر أبداً. إذا طرح موضوع أو فكرة معينة ليكتب فيها أكثر من ألف كاتب سنجد للموضوع زوايا وأبعادا وطريقة تناول مختلفة من قبل كل واحد منهم، لأن الكاتب يغترف من بيئته، ذكرياته، تجاربه،مشاهداته،قراءاته أثناء تناول فكرة معينة أو موضوع ما، بالتالي فرؤيتي للحب، للفضيلة، للحرية، لأي من المعاني التي أطرحها في رواياتي و قصصي ستختلف عن رؤية أي كاتب آخر. كذلك اللغة و الأسلوب، انهما كما البصمة لأي إنسان، كل كاتب لديه الأسلوب الذي يميزه عن غيره و اللغة الخاصة به.
ما تفاصيل مشاركة الرواية بمسابقة "كتارا " للرواية العربية؟
تقدمت بالرواية للمسابقة بتشجيع كبير من أساتذة في الأدب، هذه المسابقة لها أهميتها في العالم العربي.
هل لديك أعمال ستنشر في الفترة المقبلة؟
إن شاء الله سيصدر لي قريباً مجموعة قصصية نسائية، مستوحاة من قصص حقيقية، مختلفة في الشكل و المضمون، لون أدبي جديد أكتبه للمرة الأولى.


آخر الأخبار