الأحد 27 أبريل 2025
26°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

القلم... وسيلة العلم والحضارة ودليل على أهمية القراءة

Time
الثلاثاء 13 أبريل 2021
View
100
السياسة
أشياء أقسم بها الله في القرآن

كتب ـ محمود خليل:

"نزل القرآن الكريم بلغة العرب ومن عاداتهم القسم إذا أرادوا تأكيد أمر، وقد جرى القران الكريم على هذا النحو، فاستخدم صيغا متعددة للقسم، منها ماهو ملموس وما هو معنوي، فما الأشياء التي استخدمها الله تعالى في القسم وما دلالاتها ؟"

القلم
نزلت سورة القلم، على الرسول، صلى الله عليه وسلم، في مكة المكرمة، وهي ثاني السور المكية بعد سورة العلق، تقع في الجزء الـ 29 من القرآن الكريم، وترتيبها الـ 68 في المصحف.
سميت كذلك لأنها بدأت بالقسم بالقلم، ما يدل على تعظيم وتكريم القلم واستخدامه العظيم في الكتابة، وعلى أهمية القراءة والكتابة في الإسلام ورفعة مكانتها، كما سميت بسورة نون، لأنها السورة الوحيدة التي تبدأ بحرف النون، ويقال إن "نون"، اسم الحوت الذي ابتلع سيدنا يونس، يقول آخرون "ن" حرف من حروف الرحمن.
يدل هذا القسم على عظمة المقسَم به، كالقسم بالسماء، النجوم، الأرض، والشمس، هذه الأشياء التي أقسم بها سبحانه لها عظمتها وشأنها، والقلم يأتي في الأهمية والعظمة، مثله مثل باقي مخلوقاته التي أقسم بها في قرآنه الكريم، إذ نزل القرآن الكريم وسط مجتمع يعاني من التخلّف، الجهل، والأُميّة، وكان عدد من يجيد القراءة والكتابة في العصر الجاهلي لا يتجاوز عدد أصابع اليدين، مع ذلك يؤكد الله سبحانه وتعالى ويقسم على مكانة القلم والكتابة، بعدها تمكن العرب بالقلم من صنع الحضارة الإسلامية وسيادة العالم لعدة قرون.
أما مادة "ق ل م"، في اللغة فأصلها يدلُّ على تسويةِ شيء عند بَرْيه وإصلاحه، من ذلك، قَلَمْتُ الظُّفُر وقلَّمْته، ويقال للضَّعيف، هو مَقلُوم الأظفار، والقُلاَمَة، ما يسقُط من الظُّفُر إذا قُلِم.
ذكر الله تعالى القلم باللفظ، في القرآن الكريم، إفراداً وجمعاً في أربعة مواضع، منها قوله تعالى: "ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم"، المقصود بالأقلام في الآية القداح التي يقترعون بها وقيل، هي الأقلام التي كانوا يكتبون بها التوراة، اختاروها للقرعة تبركاً بها.
من هذا الباب سمِّي القلمُ قَلماً، ويقال سمِّي به لأنَّه يُقْلَم منه كما يُقْلمُ من الظُّفر، ويمكن أن يكون القِدحُ سُمِّي قلماً من تسويته وبَرْيه، يقول الله تعالى، "ومَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ" ويقول جل وعلا "، وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "، يقول الزمخشري، المعنى أن "ولو أنّ أشجار الأرض أقلام، والبحر ممدود بسبعة أبحر، وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات الله، لما نفدت كلماته ونفدت الأقلام والمداد".
يقول المفسرون إن المراد "بما يسطرون"، أي ما يكتب بالقلم، وهذا من أروع ما يدعو الإنسان للفخر بهذا الدين العظيم، الذي كرّم العلم حتى أقسم الله سبحانه بما يُكتب من العلوم التي تنهض بها الأمم، إذ يعد القلم أداة العلم والمعرفة، به تملأ أوعية العقول، وتحفظ كنوز الأمم، ذكره الله في كتابه العزيز ذكراً مميزاً فأقسم سبحانه به في سورة القلم، في قوله تعالى: "ن، والقلم وما يسطرون"، كما جعله وسيلة للتعلم، فقال، "علَّم بالقلم"، لذا وصلتنا من خلاله علوم الأولين، وحفظ لنا السلف التاريخ وبه عرفنا سير السابقين، واعتبرنا بما كان من حوادث الزمان، ولولاه لدخلت علومهم وأخبارهم في غياهب النسيان. يروي أبوهريرة، أن رجلا من الأنصار كان يجلس إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فيسمع منه الحديث فيعجبه ولا يحفظه، فشكا ذلك إلى النبي، فقال له: "استعن بيمينك" وأومأ بيده للخط.
قبل هذه الآيات جاء قوله سبحانه: "اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم"، فأول كلمة تنزلت على الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، كانت الأمر بالقراءة، ثم الإشادة بالقلم.
لهذا يعد القلم عظيما بعظمة ما يتعلق به من العلم، فبه كُتب القرآن الكريم، أشرف الكتب، وبه سطّر العلماء كتب العلوم الشرعية وغير الشرعية واستفاد منها العالم كله لتكون مناراً لهم يعمرون به الأرض.
آخر الأخبار