بيروت ـ السياسة : بدعوةٍ من البطريرك بشارة الرَّاعي، عقد بطاركة الكنائس المسيحيَّة الشَّرقيَّة ورؤساؤها، أمس، في الصَّرح البطريركيّ المارونيّ في بكركي، قمّةً روحيَّةً للتَّداول في الأوضاع الخطيرة التي يمرُّ بها لبنان منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ولا تزال بعض نتائجها تقلق جميع المواطنين.وأشار بيان القمة، إلى أن المجتمعين، ناقشوا مجريات تشكيلِ حكومةٍ لبنانيَّةٍ جديدةٍ، وما رافقها من تجاذباتٍ ومساومات، امتدَّت أكثر من شهرين بشأن نوع الحكومة وعدد الوزراء وكيفيَّة تسميتهم، فيما الشَّارع يغلي، والوضع المالي والاقتصادي والمعيشيّ آخذ بالتَّدهور، وهم إذ يُسجِّلون بعد ولادة هذه الحكومة، ارتياحهم إلى وجوهٍ وزاريَّةٍ من أصحاب الاختصاص والخبرة، فإنَّهم ينتظرون من أداء الحكومة القدرة على كسب ثقة الشَّعب اللُّبنانيّ، لا سيَّما شبَّانه وشابَّاته، في انتفاضتهم السِّلميَّة، وثقة المجتمع الدَّوليِّ والجهات المانحة .وحثت القمة أهل السِّياسة أن يواكبوا بروحٍ إيجابيَّةٍ العمل الحكوميّ، حتَّى يتسنَّى للحكومة الإنصراف إلى تنفيذ الإصلاحات في البُنى والقطاعات من أجل النُّهوض الاقتصاديّ المنشود، وتطبيق مبادئ العدالة الإجتماعيَّة البعيدة كلّ البُعد عن منطق المصالح الفئويَّة والمحاصصة الذي ساد البلاد منذ عقود . ولفت المجتمعون، إلى وجوب المُسارَعة في محاربة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، وضبط الهدر المتواصل في المال العامّ، كشرطٍ لا بدَّ منه للدَّفع بالاقتصاد اللُّبنانيّ نحو الإنتاجيَّة الكفيلة وحدها بضبط الحركة الماليَّة وتحقيقِ دورةٍ إقتصاديَّةٍ طبيعيَّة تُنمِّي القطاعات المختلفة، بما يُحقِّق الإستقرار ويُساعِد في وضع برامج مستقبليَّةٍ وفي إنجاحها .
وأكدوا على حقّ التَّظاهر السِّلميّ طلبًا للإصلاح، ولكنَّهم يدينون بشدَّة الغوغاء في الشَّوارع والسَّاحات، خصوصًا في العاصمة بيروت، مخافة أن يميل الحراك عن أهدافه النَّبيلة، ويُحيُّون الجيش وقوى الأمن الدَّاخليّ في تعاملهما مع الأحداث .وناشدوا العاملين على تأجيج العنف، العودة إلى العمل الدِّيمقراطيِّ الصَّحيح والسَّليم، فليس المال العامّ والخاصّ مطيَّةً للغايات المُريبة، ولا إراقة الدِّماء هي السَّبيل السَّويُّ للخلاص الوطنيّ .ودعا بيان القمة، المواطنين المتظاهرين وبخاصَّة الشَّباب منهم الذين كان لهم التَّأثير الأساسيّ في هزّ الضَّمائر وترسيخ فكرة وجوب التَّغيير في الأداء السِّياسيّ، إلى التَّعامل بحكمةٍ مفسحين في المجال أمام الحكومة لتحمُّل مسؤوليَّاتها، بحيث يأتي التَّقييم لهذا العمل تقييمًا واقعيًّا وموضوعيا وحضاريًّا، فتتابع انتفاضتهم مسارها المُشرِق، وترتفع أكثر فأكثر إلى مستوى المواطنة الحقيقيَّة، وبناء دولة الحقّ والعدل والمساواة، الدَّولة التي تتَّسع لآمالهم وطموحاتهم، ويتجلّى فيها الغد المُرتجى للبنان وأهله .