السبت 05 يوليو 2025
42°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

المتحف القومي للحضارة المصرية الأول من نوعه في العالم

Time
الخميس 13 أبريل 2023
View
5
السياسة
كتب ـ اندريا لوريا:

بالإضافة إلى دول الخليج، بدأت ظاهرة المتاحف الفائقة في مصر، التي رغم عدم امتلاكها للموارد الاقتصادية نفسها، مثل الإمارات العربية المتحدة أو الكويت أو قطر، إلا أنها أدركت القوة الإعلامية للمتاحف الفائقة، وكيف ان من خلال المتاحف الفائقة يمكنهم تغيير صورة بلدهم.
المتحفان المصريان الفائقان هما المتحف القومي للحضارة المصرية الذي تم افتتاحه في عام 2021 والمتحف المصري الكبير الذي سيتم افتتاحه على الأرجح خلال العام الحالي، وكلاهما يقعان في القاهرة.
حتى لو كانت المتاحف المصرية مختلفة عن المتاحف الخليجية الضخمة، فلا يزال تحليلها مثيرا للاهتمام، لكن دعونا نرى معا سبب اختلاف المتاحف المصرية عن متاحف الخليج.
سأعمل اليوم على تحليل المتحف القومي للحضارة المصرية، وهو أول متحف تم إنشاؤه.
يقع المتحف في منطقة الفسطاط بالقرب من حصن بابليون حيث يطل على بحيرة عين الصيرة. يشغل مساحة تبلغ نحو 33.5 فدان بما في ذلك 130 ألف متر مربع من المباني ومن المتوقع أن يضم 50 ألف قطعة أثرية من عصور مختلفة من التاريخ المصري، وستغطي المجموعة الفترة الزمنية من مصر القديمة إلى تاريخ البلاد المعاصر.
يعد المتحف القومي للحضارة المصرية هو الأول من نوعه في مصر والعالم العربي، الذي يقدم رؤية شاملة للحضارة المصرية من عصور ما قبل التاريخ وحتى يومنا هذا من خلال إبراز التفاعل بين المصريين والأرض التي عاشوا عليها عبر التاريخ من خلال موضوعات ثقافية مختارة لتسليط الضوء على تراث مصر المادي وغير المادي.
بعد افتتاح جزئي في فبراير 2017، افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي المتحف رسميًا في 3 أبريل 2021، بعد الانتهاء من عملية نقل 22 مومياء من المتحف المصري الواقع في ميدان التحرير.
تم نقل 22 مومياء خلال حفل يسمى "موكب المومياوات الملكية"، وهو حدث بوساطة دولية حقق نجاحا كبيرا في جمهور التلفزيون، وكان في الواقع ممتعًا للغاية.
يعود مشروع إنشاء المتحف القومي للحضارة المصرية إلى عام 1982، وهو العام الذي أعلنت فيه اليونسكو مسابقة دولية لإنشاء المتحف القومي للحضارة ومتحف النوبة في أسوان.
في البداية كان ينبغي بناء المتحف في وسط مصر القديمة، لكن لاحقًا، في عام 1999، تم تحديد الموقع الحالي في الفسطاط.
بدأت أعمال الحفر لبناء المتحف في عام 2000 ووضع الحجر الأول للمبنى في عام 2002. تم تمويل إنشاء المتحف بالكامل من مصر، بينما قدمت اليونسكو الدعم الفني والعلمي في تصميم المتحف.
تم تصميم المتحف من قبل المهندس المعماري المصري الغزالي كسيبة، أستاذ الهندسة المعمارية في كلية للفنون الجميلة بالقاهرة، في حين تم صمم قاعات العرض الداخلية المهندس المعماري الياباني أراتا إيسوزاكي (أويتا، 1931).
لماذا أخبرتكم أن المتاحف الضخمة في مصر تختلف عن المتاحف الكبيرة في شبه الجزيرة العربية؟
إذا كان متحف اللوفر ابو ظبي مثالاً ممتازًا للمتحف الفائق، فإننا نرى أن المتحف القومي للحضارة المصرية لا يتمتع بالصفات نفسها.
يعد المتحف القومي للحضارة المصرية بالتأكيد معلمًا قويًا لأنه ضخم بكتل معمارية هائلة، وله تأثير بصري قوي على المنطقة.
جلب افتتاحه فوائد هائلة للمنطقة من خلال إعادة تطوير المنطقة من منظور حضري وطبيعي.
المنطقة كانت مهملة وبحيرة عين الصيرة ملوثة، وحاليا أعيد تطوير الحي وتنظيف البحيرة مما جعلها في متناول المواطنين. وأصبحت البحيرة أكثر جمالًا بفضل إنشاء حديقة المتحف الجميلة التي تربط المتحف بالبحيرة.
رغم أن المتحف يعد معلمًا قويًا ولديه الخدمات الموجودة في جميع المتاحف اليوم، لا يمكننا بالتأكيد أن نقول أن المتحف هو أول عمل فني في المجموعة. كما أوضحت في مقالتي الأولى، يجب أن يكون المتحف الفائق أول عمل فني للمجموعة، لذا يجب أن يكون السبب وراء ذهابنا لرؤية هذا المتحف.
عندما نذهب لزيارة متحف غوغنهايم في بلباو أو متحف اللوفر ابو ظبي، نفعل ذلك لأننا في المقام الأول نريد أن نرى تلك المتاحف الجميلة ليس بسبب المجموعة.
إن المتحف القومي للحضارة المصرية ليس كذلك بالتأكيد، فهو ليس له شكل منحوت مثل غالبية المتاحف الفائقة التي تتمتع جميعها بشخصية معمارية قوية، المتحف القومي للحضارة المصرية هو مجرد حاوية مهيبة.
لقد أخبرتكم أن المتحف تم افتتاحه في عام 2021، لكن في الواقع لم يتم الانتهاء منه وهو مرئي جزئيًا فقط، لكن هذه عادة مصرية لفتح المباني غير المكتملة والتي يمكن الوصول إليها بالحد الأدنى، وأنا بصراحة لا أفهم هذه العادة المصرية لكني إيطالي لذا ربما هذه هي المشكلة.
على أي حال، حتى لو لم يكن من الممكن تقييم فعالية تخطيط المتحف، حيث أنه مفتوح في حده الأدنى، فإن تخطيط القاعة الرئيسية الداخلية الذي صممه المهندس المعماري الياباني أراتا إيسوزاكي يبدو ممتعًا للغاية.
هدف المتحف هو تقديم الحضارة المصرية من عصور ما قبل التاريخ حتى يومنا هذا باستخدام طرق مختلفة، بدءا الطرق التقليدية في عرض القطع الأثرية إلى أكثرها ابتكارًا بفضل الأدوات التكنولوجية الجديدة.
وبالتالي، فإن المتحف ليس مساحة لعرض الأعمال الفنية أو الاكتشافات الأثرية فقط، لكن من خلال اتباع نهج متحفي جديد، فإنه يريد أيضًا أن يكون نوعًا من المعرض المفاهيمي الذي يسلط الضوء ليس فقط على التراث المادي، لكن أيضًا على التراث الأخلاقي للبلد.
القاعة الرئيسية مجهزة بلوحات تعريفية وعلامات إرشادية تعرض المومياوات من خلال شاشات الوسائط المتعددة والأجهزة الجديدة، وسيتم عرضها بطريقة فريدة من نوعها مع شاشات تفاعلية و"الهولوغرام ثلاثية الأبعاد". يشعر الزائر داخل مقبرة حقيقية، ويجب أن أقول إنه حقًا طريقة رائعة ومعاصرة لتقديم القطع الأثرية القديمة.
المجموعة الدائمة في القاعة الرئيسية مقسمة إلى منطقتين منفصلتين، واحدة تاريخيا والأخرى مواضيعية. أما المناطق المقسمة بطريقة تاريخية فهي كالتالي: العصور القديمة، والفرعونية، واليونانية الرومانية، والقبطية، والعصور الوسطى، والإسلامية، والحديثة والمعاصرة.
مستقبليا سيتم عرض مجموعات متحفية في تسع غرف، بما في ذلك معرض دائم كبير عن أهم إنجازات الحضارة المصرية، مع ستة معارض مواضيعية تغطي فجر الحضارة ونهر النيل والكتابة والدولة والمجتمع والثقافة والمعتقدات والأفكار و معرض المومياوات الملكية.
يضم المتحف مساحات عرض موقتة كبيرة وقاعة ومركز أبحاث، بالإضافة إلى معرض متعلق بتطور مدينة القاهرة الجديدة. سيخدم مجموعة متنوعة من الأحداث، بما في ذلك عروض الأفلام والمحاضرات والأنشطة الثقافية، وسوف يلبي احتياجات الجماهير المحلية والوطنية والدولية. سيشمل المتحف مباني خدمية وتجارية وترفيهية وبحثية ومركز أبحاث للمواد القديمة والترميم.
إلى جانب القاعة الرئيسية، تم افتتاح مكان آخر للمعارض، وهو قاعة المومياوات الملكية التي تقع تحت القاعة الرئيسية، ويمكن الوصول إليها عن طريق درج لأسفل عند مدخل القاعة الرئيسية للمتحف.
تم تصميم مدخل قاعة المومياوات الملكية لتشعر وكأنها مقبرة، فالمدخل يشبه الكهف الذي يعد الزائرين لأجواء المقبرة في وادي الملوك. بمجرد الدخول، يمكن للزوار اتباع أسهم الاتجاه على الأرض للمرور عبر الممرات، والتجول في القاعة بأكملها، ومشاهدة جميع المومياوات، والتي يتم عرض معظمها بجوار التوابيت التي تم العثور عليها فيها.
تضم قاعة المومياوات 20 مومياء ملكية، بما في ذلك 18 ملكًا وملكات من الأسرة السابعة عشر الي الاسرة العشرين. ومن أهم هذه الموميات مومياء الملك ساهون رع والملك تحتمس الثالث والملكة حتشبسوت والملك رمسيس الثاني والملك رمسيس الثالث.
إذا لم يكن المتحف القومي للحضارة المصرية مثيرًا للاهتمام، وبخاصة بسبب هندسته المعمارية، فإن ما جعله ممتعًا للغاية من منظور وسائل الإعلام ودراسة المتاحف الفائقة هو افتتاحه.
كان حفل الافتتاح في الواقع عرضًا مثيرًا للإعجاب، استمر لمدة ساعتين و 15 دقيقة بعنوان موكب المومياوات الملكية. خلال العرض، تم نقل 22 مومياء (بما في ذلك 18 فرعونًا و اربع ملكات)، من المملكة الحديثة لمصر القديمة، من المتحف المصري الواقع في ميدان التحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية.
كان العرض مثيرًا للإعجاب وقريبًا جدًا من تصوير سينمائي ضخم. لم يتم التغاضي عن أي شيء، ليس فقط الأزياء المصرية وآلاف الإضافات، ولكن أيضًا المدينة المكان الطبيعي للحدث تم ترميمها وتزيينها من أجل العرض. كان مخرج الحفل هو أحمد المرسي، الحائز على العديد من الجوائز والذي قدم مقطوعة سينمائية للحدث، مع مشاركة الآلاف من الإضافات في الأزياء المصرية ولكن أيضًا الخيول والمركبات وكذلك العربات و فرقة ضخمة.
موكب المومياوات الملكية خلال الافتتاح في 3 أبريل 2021، في المقدمة يطفو الاثني عشر مومياء.
لم يكن موكب المومياوات الملكية مجرد نقل للمومياوات الملكية من متحف مصري في ميدان التحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية، بل كان حدثا إعلاميا يهدف إلى نشر صورة جديدة للبلاد.

الكاتب والمترجم

بروفيسور أندريا لوريا هو عالم آثار إيطالي تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة في روما. وهو حاصل أيضا على درجة في تاريخ الفن من جامعة روما تري في روما. أندريا لوريا يحاضر لطلبة الماجستير في علم المتاحف في جامعتي تور فيرغاتا في روما وجامعة تمبل الأمريكية (حرم روما الجامعي). في عام 2020، أصبح مؤلفًا منشورًا لكتاب: "من عصر النهضة إلى المتحف المعاصر" وهو أيضًا يعد دليل محاضراته. مجال بحث لوريا هو ظاهرة المتاحف الفائقة مع اهتمام خاص بالدول العربية مقارنة بالعالم الغربي.
الترجمة العربية: المعمارية المصرية ايلاريا عبد المسيح.

القاعة الرئيسية مع "الهولوغرام ثلاثية الأبعاد"


قاعة المتحف الرئيسي


قاعة المومياوات
آخر الأخبار