كتب ـ محرر الشؤون المحلية:تحوَّل موقف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية عيسى الكندري، تجاه ما نشرته "السياسة" ووسائل إعلام أخرى، عن مسلسل المخالفات المالية والإدارية في الوزارة، الذي شهد في آخر فصوله "صرف مكافآت مالية تحت عنوان أنشطة صيفية خلال سريان قرارات حظر التجول وتعطيل الدوامات" إلى ما يُشبه مسرحية هزلية سخيفة. في آخر تطورات تلك المسرحية، غرّد الوزير الكندري، أمس، عبر حسابه على (تويتر) ليقول: إنه "سيقوم بتشكيل لجنة تقصي حقائق محايدة من الفتوى والتشريع بشأن التباين بين ديوان الخدمة المدنية المعارض لمكافآت الموظفين والمراقب المالي الخارجي الموافق على الصرف واستناد الوزارة الى قرار وزاري سابق بالعمل "أونلاين" خلال فترة الحظر"، مضيفاً: "كما اننا نكافئ المجد فسنحاسب المخطئ". تغريدة الكندري اللافتة للانتباه جاءت بعد 18 يوماً، فقط، من تغريدة أخرى سابقة قال فيها: "تابعت ما نشر حول هدر وصرف لمكافآت لعدد من الموظفين، والوزارة نفت هذا الصرف ونرحب بالنقد إذا كان صحيحاً ومبنياً على حقائق دامغة، فمن واجب من يملك دليلاً على ذلك أن يتوجه إلى نزاهة".
أوساط سياسية، استغربت تناقض مواقف الوزير الذي تشهد عليه التغريدتان، إذ نفى الكندري في أولاهما أن يكون هناك أيُّ هدر للمال العام أو أن تكون هنالك ثمة مخالفة مالية، ودعا من لديه دليل إلى الذهاب إلى هيئة مكافحة الفساد "نزاهة"، لكنه عاد في التغريدة الثانية ليُعلن عن تشكيل لجنة تقصي حقائق يصفها بـ"المحايدة" من إدارة الفتوى والتشريع بشأن ما اعتبره "تبايناً بين الخدمة المدنية المُعارض لمكافآت الموظفين والمراقب المالي الخارجي الموافق على الصرف خلال فترة الحظر". الأوساط ذاتها، اعتبرت موقف الوزير "اعترافاً ضمنياً" بحدوث مخالفة، وإن أسماها "تبايناً"، واستغربت تشكيل لجنة تقصي حقائق، لا لجنة تحقيق، متسائلة عن سبب اللجوء الى "الفتوى والتشريع" وعدم احالة الملف إلى هيئة مكافحة الفساد أو إلى النيابة العامة مباشرة! وأكدت الأوساط السياسية ان تبدُّل وتحوُّل موقف الوزير من النفي والانكار إلى "الاعتراف الضمني"، جاء بعد خروج الادلة الدامغة والمستندات إلى العلن وكنتيجة طبيعية مباشرة لضغط الرأي العام.وفيما ألمحت إلى أنَّ الأصل في لجان تقصي الحقائق أنها تُخصص لجمع المعلومات من دون سلطة إصدار القرار، أوضحت أنه "إذا كانت هناك شبهة تجاوز فربما كان الأولى بالكندري -إذا كان حريصاً حقاً على المال العام وعلى التصدي للهدر- أن يُحيل الملف برمَّته إلى النيابة العامة بدلاً من المحاولات المكشوفة لكسب الوقت وتمييع القضية بهدف حماية وكيل الوزارة المنتمي للتجمع السلفي المساند للوزير في الانتخابات.ودعت الأوساط السياسية سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد إلى تدارك ما يجري في "الأوقاف" من تجاوزات صارخة، وترجمة توجهاته وشعاراته، التي رفعها خلال لقائه مع قياديي الدولة في مركز جابر الثقافي إلى واقع على الأرض، لا سيما تأكيده على أن "الحكومة لن تتوانى في محاسبة أي مسؤول وتقديمه للمُحاكمة متى ثبت تورطه في المساس بمكتسبات الدولة والاعتداء على المال العام"، لافتة الى أن عدم اعمال هذه الشعارات في ملف "مكافآت الأوقاف" يجعلها حبراً على ورق.