الأربعاء 25 يونيو 2025
36°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

الكويت إلى أين

Time
الأحد 27 يناير 2019
View
5
السياسة
علي يوسف المتروك

منذ فترة ليست قصيرة امتنعت عن الكتابة بسبب المرض، إلا أن خبراً نشر في جريدة "الأنباء" الغراء بتاريخ 11 يناير الجاري، استفزني لأكتب هذه المقالة.
ثلاثة مليارات ونصف المليار دينار تقريبا تحويلات المقيمين في تسعة أشهر، وهذا أمر يستحق الوقوف عنده بتمعن لما له من دلالات تحتاج إلى علاج.
المقيمون ووجودهم في الكويت واقع لا يحتاج إلى نقاش، ومن يقول إننا لسنا بحاجة إليهم فهو إما مكابر، أو لا يرى أبعد من أرنبة أنفه، لكن المشكلة تكمن في أننا لم نحسن التعامل مع المقيمين بالشكل الذي يجعلهم يشعرون بالاطمئنان والأمن، فمع كل صوت يرتفع ضد المقيمين يزداد هؤلاء فزعاً وخوفاً، وأول رد فعل لهم إخراج مدخراتهم إلى الوطن الأم خارج البلاد.
نحن بحاجة ملحة لإيجاد الفرص لتوطين مدخرات المقيمين، أو بعضها، وفتح قنوات استثمارية لجذب ولو جزءا من مدخراتهم، كالسماح لهم بتداول الأسهم، وشراء الشقق السكنية بمساحات محدودة، وإعطاء أبنائهم ممن ولدوا في الكويت ودرسوا في مدارسها وتحدثوا بلهجة أبنائها إقامات مجانية، مثل باقي البلدان المتحضرة، والمبادرة الى سن تشريعات تتماشى مع روح العصر وتتسم بالطابع الإنساني وتراعي ما توصلت إليه الدول المتحضرة من إنجازات تصب لصالح حقوق الإنسان تحفظ كرامة المواطن والمقيم.
أما على الصعيد المحلي، فمع الأسف، هذا البلد الذي عاش في أيامه الأولى على التجارة بينه وبين الدول المجاورة، كالعراق وإيران والسعودية، حتى أصبح أسطول السفن الكويتية يذكر في التاريخ، قد تقهقر إلى الوراء، وأصبحت الكويت شبه مغلقة، وعلى سبيل المثال، فإن الكويت التي ساهمت مساهمة مهمة وأساسية بتحرير العراق من الحكم الصدامي، ولم تستفد من التجارة البينية معه لمنع التنقل بين الكويت والعراق.
وربما قال قائل: إن العراق لم يستقر سياسيا حتى الآن، إلا أن مد اليد للعراق ومحاولة احتواء أوضاعه لما لنا من دالة عليه واجبة، ولما لدينا من ديبلوماسية نشطة تستطيع تصفية الأجواء، وقد نشر في وسائل الإعلام اخيرا: أن الصادرات الإيرانية تربو على سبعة مليارات دولار سنويا، بينما الكويتيون محرومون من ممارسة هذا الحق، وهم الذين احترفوا التجارة في العراق قديماً، وكان التجار الكويتيون من أكبر العائلات والبيوت التجارية موجودون بالبصرة في العهد الملكي، وهم من يدير تجارة العراق يومذاك. وكان أسطول السفن الكويتية يزيد أحيانا عن مئة سفينة ترسو في ميناء البصرة لنقل وتبادل البضائع.
إذا كان إغلاق البلد لدواع أمنية كما يدعي البعض، فهذا ليس أمنا، إنما الأمن الحقيقي أن تفتح البلد، وأن تفرض الأمن بالوسائل الحديثة، كما هو معمول في دبي وغيرها من البلدان الأخرى، حيث يدخل إليها ويخرج منها آلاف المسافرين يوميا.
ماذا جرى لهذا البلد، ولماذا أصبحنا عاجزين عن حل قضايانا العالقة، كالسجال الذي لا ينتهي في مجلس الأمة، وكقضية "البدون" التي أصبحت أكثر تعقيدا مع مرور الزمن، ولماذا لا يستعاض عن التجنيس بالإقامة الدائمة للمستحقين لمدة عشر سنوات، ريثما تدرس ملفاتهم على مهل، لكي لا تصبح مادة للدعاية أحيانا والتكسب السياسي أحيانا أخرى؟
نحن بحاجة إلى قفزة نوعية بتشريعات تنفض الغبار عن هذا الواقع المتبلد، لتعيد للمواطن الكويتي ثقته بنفسه، وجمال بلده وموقعه الستراتيجي، وإعادة أمجاد أولئك الرجال الأوائل الذين وضعوا اللبنات الأولى في بناء هذا الوطن، وحفروا الصخر بأظافرهم ليتركوا لنا بلدا في الصدارة بين بلدان العالم المتحضر.
آخر الأخبار