الاثنين 30 سبتمبر 2024
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

الكويت... بالتيمور جديدة

Time
السبت 10 يونيو 2023
View
17
السياسة
نايف عبدالهادي القحطاني

سرد الروائي الأميركي دايفيد سيمون قصصاً عن جرائم القتل والمخدرات في مدينة بالتيمور الاميركية على لسان رجال الشرطة وأفراد العصابات فيها، ورجالها السياسيين، وخرج برائعته "the wire" التي لخص فيها سوء حال بالتيمور نتيجة سوء السياسيين وخضوعهم للمال القذر الخارج من تجارة المخدرات، والذي أثر على قراراتهم في إدارة أحوال المدينة. وتناول كيفية قهر المصلحين من رجال الشرطة عبر دوامة التسلسل الإداري وتوجهات السياسيين وقادة الشرطة في تحديد الأوليات، وتسخير الإمكانيات المادية للقضايا التي يريدها السياسيون. فربطت من خلال سرده لتلك القصص بما تعيشه الكويت حاليا من توحش جرائم القتل، التي لم تشهدها البلاد إلا في العقد الأخير، وانتشار المخدرات بين الشباب بشكل خطير، أصبح يزلزل هذه الشريحة التي فيها ينهض المجتمع. ولم نجد رادعا لهذه الآفة إلا ببعض التحركات الإعلامية التي تهدف إلى تلميع مسؤول ما، أو بعض حملات التوعية من بعض الغيورين على مستقبل البلد، وهي حملات غاب عنها الدعم السياسي، مما أدى الى عرقلتها في تحقيق أهدافها. وكذلك يوحي الفساد السياسي الذي نهش جسد غالبية قطاعات الدولة، بما يرويه سيمون، فالتعليم في الكويت ليس بعيدا عن بالتيمور فقد ذكر دايفد أن مسؤولي المدينة صاروا يلاحقون تطور التعليم بالتحايل على اختبارات الجودة، وهو ما شهدته الكويت في آخر شهر فبراير الماضي من محاولات وزارة التربية بتدريب الطلاب والطالبات على اختبارات "تيمز" حتى يحققوا نجاحا وهميا؛ يساعدهم في تحسين مركزها العالمي من دون سعي الى إصلاح المشكلات الحقيقية، ورأس هذه المشكلات تولية مسؤولية التعليم لمن لا يستحق ومن هم دون المستوى. أما قطاع الأمن فما زالت لعبة الإحصاءات هي الأهم بالنسبة لرجال الأمن على حساب الأمن الحقيقي، وهي ناتجة من ضغط القيادات العسكرية التي تربت على هذه اللعبة، فيقيسون إنجاز القطاع الأمني بإحصاءاته لا بنوعية هذه الاحصاءات، فالسجون مليئة بموزعي المخدرات الصغار ومتعاطيها، لكن لا تجد أحدا من التجار الكبار داخلها.
إن الوضع الحالي في الكويت سائر إلى مقارعة أسوأ مدن العالم في الفساد، ولن يقف ذلك إذا لم يفطن المجتمع الى هذا السوء. والواجب أن يكون الصدق هو شعار المسؤولين، فلا يسعى المسؤول الى تجميل الصورة المشوهة، بل الواجب أن يظهرها كما هي حتى تحل بشكل صحيح، فأولى خطوات حل المشكلة هي تحديدها وإظهارها، لا نفي وجودها، وكأنها من عالم مواز، وليجعل المسؤول شعاره ما قاله المصطفى (صلى الله عليه وسلم): "دع ما يُرِيبُك إلى ما لا يُرِيبُك، فإن الكذب ريبة والصدق طمأنينة".

كاتب كويتي

@nayefalsayaah
آخر الأخبار