الاقتصادية
الكويت بين أكثر دول العالم في عدم المساواة في الدخل والأجور
الثلاثاء 11 فبراير 2020
5
السياسة
* تقلص الفارق بين متوسط الدخل للموظف الماهر ونظيره القيادي يعزز دور الحكومة في منع الهدر المالي * مؤسسات وطنية تشكو من تأثير المحسوبية في حركة التعيينات ومنح المكافآت والاحتفاظ بالمناصب* مؤشر "عدم المساواة" لا يكون سلبياً إذا ارتبط تقييم الأجور والمكافآت بنجاعة الأداء الوظيفي وتكافؤ الفرصجاءت دول الخليج ما عدا سلطنة عمان والامارات متأخرة في تصنيف أكثر دول العالم تطبيقاً لمعيار المساواة في الدخل والأجور بين الموظفين والقياديين في القطاعين العام والخاص. وحلّت الكويت في المرتبة قبل الأخيرة عالمياً والأخيرة خليجياً في تصنيف لأكثر دول العالم تحقيقاً للمساواة في الدخل والأجور بين الموظفين حسب دراسة متخصصة لأحدث البيانات والاحصائيات الدولية التقديرية لمستوى متوسط الفارق بين ما يكسبه الموظف الماهر وما يتقاضاه كبار الموظفين (المديرين أو القياديين) في قائمة تضم 30 بلدا في العالم والتي تمثل أكثر الدول نموا في سوق العمل بينها دول مجموعة العشرين ودول مجلس التعاون الخليجي العربية وعدد من الدول الصناعية المتقدمة الأخرى.ويقيس التصنيف الدولي الذي أصدره مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf) ضمن دراسة متكاملة تطبيق مؤشر المساواة في الدخل والأجور والمكافآت والبدلات بين الموظفين والقياديين في القطاعين العام والخاص (csrgulf parity of income index) في 2020. واعتمادا على مراجع مختلفة أبرزها بيانات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والشفافية الدولية فضلاً عن تحديث احصاء الأجور والدخل التقديري بالنسبة للموظفين والقياديين في اكثر من 30 بلدا وفق بيانات تقديرية منشورة في يناير 2020 ومتوفرة على منصات مختلفة تقوم بمسح دوري لتقدير سقف الأجور في دول العالم،ويرصد التصنيف مدى تعزز مبدأ العدالة وتكافؤ فرص الترقي الوظيفي خاصة في القطاع العام ومعايير الشفافية والحوكمة خاصة في سلم الرواتب ومنح المكافآت حسب الكفاءة والمردودية.واتسع الفارق بين دخل الموظفين الكويتيين الماهرين مقارنة بما يكسبه القياديون الى أكثر من 5 أضعاف، وما يمثل قلقاً أن هذا الفارق في الدخل يعتمد بشكل محدود على معايير “اصلاح نظام العمل والمكافآت حسب الكفاءة” والذي بات أمرا ملحا في دول متقدمة بعد الأزمة المالية العالمية.اصلاح العمل في الكويتوتواجه الكويت مثلها مثل بقية دول الخليج والعالم العربي تحديات متأصلة في اصلاح نظام العمل خاصة في القطاع الحكومي لعل أقلها ثقافة انتشار المحسوبية أو الواسطة والعقد الاجتماعي طويل الأمد القائم على العمل مقابل التمتع بفوائد الدولة الواسعة، وهو ما ساهم في انخفاض الإنتاجية في القطاع العام أو الخاص. وعلى الرغم من مصادقة جل دول الخليج على اتفاقية الأمم المتحدة ضد الفساد، الا انه لا توجد أي تشريعات خليجية واضحة تجرم الرشوة في القطاع الخاص.ومع ذلك، فإن التوظيف والترقي الوظيفي في الخليج ليس سهلاً بالنسبة للمواطنين أيضًا. اذ تشير الدلائل العملية إلى أن التعيينات تتم في كثير من الأحيان من خلال الروابط الشخصية. ويمكن اعتبار ذلك شكلاً من أشكال المحسوبية أو الفساد الذي يسهم في انخفاض الإنتاجية والاستياء خاصة في ظل استمرار عدم المساواة في الدخل بين الافراد ومحدودية الاعتماد على معيار الكفاءة.ويكشف التصنيف بالنسبة للقطاع الحكومي، أنه كل ما تقلص الفارق بين متوسط الدخل والامتيازات الممنوحة للموظف الماهر والدخل الأعلى والمكافآت المسندة للقيادي في القطاع العام، تعزز دور الحكومة في منع هدر المال والفساد الإداري. وتسند على ضوء ذلك المكافآت والامتيازات لمن يستحقها وفق المردود والجهد والكفاءة.الهدر الماليوكلما اتسع الفارق بين متوسط دخل الموظفين والدخل الأعلى للقياديين خاصة داخل مؤسسة تسجل تعثرات، زادت احتمالات هدر المال وفرص صرف امتيازات مالية غير مستحقة، وقلّت آليات الرقابة وارتفعت احتمالات الفساد الإداري وعدم المساواة في المستحقات المالية والامتيازات، وهو ما يخلق زيادة الشعور بعدم المساواة بين الموظفين، ويشجع على الفساد من أجل الحصول على مكاسب أكبر ليس على مبدأ الكفاءة بل المحاباة. وحسب آخر الأبحاث المعمقة يمكن إثبات المحسوبية عندما يكون هناك صرف لمكافآت مفرطة لمديري وأعضاء مجالس إدارة الشركات ذات الأداء الضعيف. وكل هذه المظاهر تؤثر على النجاعة المالية وتحقيق إيرادات أكثر للمؤسسة.وقد أثبتت الدراسة أنه بالنظر لتعثرات مؤسسات كويتية سواء في القطاع العام أو الخاص وعدم تلبيتها لأهدافها المنشودة، فقد أثبتت هيئات وشركات كثيرة ضعفاً إدارياً في إدارة المخاطر والمنافسة العالية وابتكار الحلول ما جعلها متأخرة في تجاور تداعيات الأزمة المالية العالمية (2008) الى اليوم فضلاً عن محدودية إدارة زيادة المنافسة العالمية وإدارة المخاطر المتزايدة في ظل عدم استقرار جيو-سياسي في المنطقة.القطاع الحكومي والمحسوبيةبينت الدراسة أن الإدارة في القطاع العام أو الخاص ماتزال تفتقد لتحديث معايير فرضتها الأزمة المالية العالمية خاصة على مستوى التعيينات أو المكافآت المسندة غير المبررة. وعلى ضوء ذلك فانه على الرغم من الإصلاحات المعلنة وتشديد الرقابة، ماتزال مؤسسات كويتية تشكو من تأثير عامل المحسوبية والولاءات والدور العائلي في حركة التعيينات ومنح المكافآت والاحتفاظ بالمناصب بغض النظر عن كفاءة القياديين مع محدودية تطبيق معيار تكافؤ الفرص والترقي الوظيفي حسب نجاعة الكفاءة. الى ذلك ارتفع مؤشر عدم المساواة بين الأجور والدخل في المؤسسات الكويتية.لاحظت الدراسة أن مؤسسات كثيرة حكومية أو خاصة في الدول المتقدمة بشكل أساسي عدلت معايير زيادة الأجور أو المكافآت أو الترقي الوظيفي بتقليص الاعتماد على معيار الأقدمية في المؤسسة واستبدال ذلك بمعيار (نجاعة القدرة على ابتكار حلول إبداعية أو متميزة) لتحقيق أهداف الشركة الخاصة أو الهيئة الحكومية.خلصت الدراسة الى أن مؤشر “عدم المساواة” لا يكون سلبياً دائماً إذا ارتبط تقييم الأجور والمكافآت بنجاعة الأداء الوظيفي وتكافؤ الفرص في معايير الترقي الوظيفي كما تعتمد على ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا التي حلت في أواخر الترتيب الى جانب الكويت.مؤشر المساواةحلًت في التصنيف الولايات المتحدة الأميركية في آخر ترتيب الدول المطبقة لمؤشر المساواة في الدخل والأجور نظرا لأن الإصلاحات في سلم الأجور والرواتب تنظمها قوانين صارمة ضمنت زيادة مستمرة في الحد الأدنى لأجور الموظفين. وأتت بريطانيا أيضاً في أواخر الترتيب بعد الكويت في المرتبة 28 عالمياً على الرغم من جهود اصلاح نظام المكافآت غيرة المبررة للقياديين والتي شهدت صرامة في منحها. الا أنه تم تسجيل تحسن كبير في مؤشر تكافؤ الفرص مع زيادة حركة تغيير القياديين وفق معيار اثبات الكفاءة.وتصدرت ألمانيا قائمة أكثر دول العالم تحقيقاً لـ”المساوة بين دخل الموظفين الماهرين والقياديين” وذلك بزيادة القيود الصارمة على تضخم دخل القياديين وإخضاع نفقات ومكافآت كبار الموظفين لمعايير الرقابة والمحاسبة والشفافية ومعيار قدرة القيادي على انجاز الأهداف مع تعزز آليات سحب الثقة منه في حال عدم تحقق الأهداف المرجوة.وأتت في المرتبة الثانية روسيا، لتحل في المرتبة الثالثة سلطنة عمان، ثم فرنسا في المرتبة الرابعة، فاليابان في المرتبة الخامسة، والدنمارك في المرتبة السادسة، فالإمارات في المرتبة السابعة عالمياً في قائمة أكثر دول العالم تطبيقا لمؤشر المساواة في الأجور والدخل بين الموظفين والقياديين.وخليجياً حلّت سلطنة عمان الأولى في مرتبة أفضل دول الخليج تطبيقاً لمؤشر المساواة في سلم الرواتب والأجور والمكافآت الممنوحة للموظفين والقياديين، لتأتي الامارات في المرتبة الثانية، وحلّت البحرين في المرتبة الثالثة، فقطر في المرتبة الرابعة، تليها السعودية في المرتبة الخامسة، وتذيلت الكويت الترتيب الخليجي.تفاصيل التصنيف حسب كل دولة:أتت ألمانيا في المرتبة الأولى عالمياً كأكثر الدول مساواة بين دخل وأجور الأفراد. اذ أن الموظف الماهر الذي يعمل في ألمانيا يكسب نحو 4000 يورو شهريًا كمتوسط دخل تقديري ويمكن أن يكون أقل من ذلك أو أكثر. بينما يناهز متوسط الحد الأقصى لرواتب كبار الموظفين أو القياديين نحو 16000 يورو (متوسط الحد الأعلى) مع وجود استثناءات فقط في القطاع الخاص حيث قد يصل راتب القيادي في بعض المؤسسات الخاصة العملاقة أو متعددة الجنسيات الى أكثر من 5 ملايين يورو سنوياً. ويصل معدل الفارق بين متوسط الدخل والحد الأعلى منه في ألمانيا الى نحو 4 أضعاف فقط. وحلت روسيا في المرتبة الثانية عالمياً في مؤشر أكثر الدول مساواة في دخل الافراد، حيث أن العامل او الموظف الماهر الذي يعمل في روسيا عادة ما يكسب ابتداء من 50 ألف روبل الى 105 آلاف روبل في الشهر. في حين تتراوح رواتب القياديين من 334 ألفا إلى 463 ألف روبل (متوسط الحد الأقصى الفعلي للراتب).وجاءت سلطنة عمان في المرتبة الثالثة، حيث يكسب الموظف العماني الماهر متوسط نحو 1900 ريال عُماني شهريًا كدخل تقديري. في حين يصل راتب القيادي نحو 7،900 ريال.الكويت الـ29وحلت الكويت في المرتبة التاسعة والعشرين، حيث يكسب الموظف الماهر في الكويت متوسط نحو 1478 دينارا كويتيا شهريًا كقيمة متوسط دخل تقديري بالنسبة للكويتيين[. في حين يتراوح دخل القياديين شهريا بين 5666 دينارا الى8500 دينار (متوسط الحد الأقصى الفعلي التقديري للراتب، وقد يكون أعلى في بعض الحالات او القطاعات او المؤسسات باحتساب الامتيازات والبدلات والمكافآت). ويصل معدل الفارق بين متوسط الدخل للموظفين والحد الأقصى منه بالنسبة للقياديين نحو أكثر من 5 اضعاف ونصف. وتختلف الرواتب بشكل كبير بين المهن المختلفة.