كل الآراء
الكويت تنتظر الإجماع العربي
الاثنين 31 ديسمبر 2018
5
السياسة
حسن علي كرمعلى اثر الزيارة غير المعلنة للرئيس السوداني عمر البشير الى دمشق ، و التي خلفت الكثير من الزوابع و الغبار السياسي ، كرت سبحة الزيارات ،فقد قيل إن الرئيس العراقي برهم صالح و الرئيس اللبناني ميشيل عون سيزوران دمشق ، ولم يكد ينتهي زخم زيارة الرئيس السوداني و زيارتي الرئيسين العراقي و اللبناني المرتقبتين ، حتى تواترت الأنباء عن زيارة رئيس الاستخبارات السورية اللواء علي المملوك الى القاهرة و الاجتماع بقرينه في الاستخبارات المصرية عباس كامل، وان هذه الزيارة ستمهد لزيارة مسؤولين مصريين ،وقد قيل وزيري الخارجية و الدفاع الى دمشق ، حيث وقد فُتح الباب على مصراعيه على دمشق ،سارعت دولة الامارات بفتح سفارتها بعد أقل من أسبوعين على زيارة الرئيس السوداني ولحقت بها البحرين التي فتحت سفارتها، معللة ان العلاقات بين المنامة و دمشق لم تنقطع ،وان خطوط الطيران كانت مفتوحة ،وان مقر السفارتين في كلا العاصمتين كانا مفتوحين ويزاولان العمل ،و قد تزامن مع فتح سفارتي الامارات والبحرين هبوط اول رحلة طيران من دمشق الى تونس بعد سبع سنوات من التوقف ، و اذا ما أضفنا الى ان هناك سفارات عربية في دمشق لم تغلق ،حيث رفضت حكوماتها قرار الجامعة العربية بسحب السفارات و منح مقعد سورية في الجامعة الى فلول المعارضة ، هنا نرى ان الكويت كالعادة تقف على خط الانتظار لوصول القطار الاخير لتركبه ،لا لكي تنزل في دمشق ،ولكن لتصل الى مقر الجامعة العربية لتستأذن المقام العالي أمين عام جامعة الدول العربية البيك احمد أبوالغيط ، لكي يتكرم بالترخيص لها كي تفتح سفارتها هناك ، باعتبار سحب السفراء كان قراراً صادراً من بطن الجامعة العربية، وان الكويت المؤدبة والملتزمة قرارات الجامعة والحياوية لن تخترق القرار العربي وانها ستبقي سفارتها مغلقة الى ان يتجلى البيك أمين الجامعة العربية بوحي أو بحلم ينزل عليه بعد تناول وجبة عشاء دسمة وثقيل…!ربط القرار الكويتي برهن قرار الجامعة العربية أضحوكة و معيب ، بل و مهزلة من مهازل القرارات الحكومية و مهازل سياسات وزارة خارجيتنا التي أُوجدت من اجل ان تهندس السياسة الخارجية ،و ترسم اقصر وأنجع الطرق لعلاقات الكويت مع العالم ، وتفعيل المصالح ، لكن وهنا المهزلة ينتظرون حتى تأتيهم الأوامر ، بعد ان خلت الساحة ، وطارت الطيور بأرزاقها ،و لم تبق للكويت الا الفتات ، فأين هو الاجماع العربي ، حتى تتمسك به الكويت ، لو كان هناك اجماع عربي موحد و لسان عربي واحد ، و مصالح عربية واحدة ، لما تجرأ المجرم صدام حسين ليعتدي على حرمة دولة الكويت ويغزوها ، و لوكان هناك اجماع عربي ، لرأينا استنكاراً عربياً موحداً لجريمة الغزو ، لا تأييداً وتصفيقاً ورقصاً في الشوارع …!لم تكن في يوم من الايام علاقة الكويت مع سورية مأزومة منذ عهد الرئيس شكري القوتلي ، بل لعل سورية على رأس الدول العربية التي بقيت العلاقة بينها وبين الكويت في اوج قوتها، فالأبواب بين البلدين ظلت مفتوحة ،والزيارات الرسمية و الشعبية مستمرة و المنافع متبادلة ، و طلاب كويتيون يلتحقون بجامعاتها و معاهدها ، كل هذا "كوم "وموقف سورية حافظ الأسد ابان الغزو العراقي الغاشم للكويت "كوم " فالرئيس حافظ الأسد رحمه الله اظهر صلابة و رفضاً قاطعاً للغزو ، ففي القمة العربية الطارئة التي انعقدت في القاهرة في التاسع من اغسطس، أي بعد سبعة أيام على الغزو، لم يكن اكثر صراحة ووضوحاً من بين كل الرؤساء العرب الحاضرين الا حافظ الأسد ، كان موقفه يدل على المسؤولية و الشهامة العربية .ان موقف سورية الرافض للغزو، وهي الدولة العربية الاولى التي شاركت في حرب تحرير الكويت، كل ذلك كان ينبغي ان يوضع في حسابات الكويت ، الا ان السياسة الرخوة التي استمرأتها وزارة خارجيتنا أدخلتنا في طرق ملتوية و معطلة .لا أظن قد خفيت على وزارة الخارجية ، وان خفيت فهي اذا في غيبوبة أو في سبات عميق أو في حلم ينز من شفتيها العسل المر ، ان الازمة السورية لم تكن في مبتدئها ثورة شعبية أو انقلابا على الحكم ، و انما مؤامرة خارجية خماسية الأطراف وخماسية الأبعاد ، و كان الهدف من المؤامرة الخبيثة إلحاق سورية بمحرقة الربيع العربي التي أحرقت نيرانها شعوبا عربية انخدعت بربيعها المزيف ، و كانت تحلم بحياة افضل ، و بكرامة إنسانية ، شعوب كانت مغلوبة على امرها،ولا حول و لا قوة لها ،فانجرفت خلف سراب خادع تمثل بثورة خضراء و مستقبل زاهر ، فلا الثورة اثمرت ولاحلم المستقبل ازدهر. كان على الكويت منذ اليوم الاول ان تظهر صلابة الموقف ، وتقف الى جانب سورية ضد الانقلابات و المؤامرات ، التي ترعاها دول متآمرة وارهابيون تجار دين ، سماسرة بيع الشعوب على مذبح الدولار وعملات حمراء و صفراء و خضراء . لقد اخطأت وزارة الخارجية عندما أوعزت لغلق السفارة السورية في البلاد. و الخطأ الأعظم عندما تخاذلت قوات الامن ازاء شرذمة إرهابية متطرفة اعتصمت في ساحة السفارة السورية في الكويت ، وطالبت بطرد السفير . و كان الخطأ المنكر تصويت الكويت بسحب عضوية سورية من الجامعة العربية وتسليم المقعد للمرتزقة السوريين . والآن نتساءل: ماذا بقي يا وزارة خارجيتنا الفطنة ،يا حريفة السياسة من الثورة الاكذوبة ؟ فلا معارضة صمدت على مبادئها ، و انكشفوا على حقيقتهم قبيضة باعوا وطنهم بالمال القذر على حساب آلام ودماء شعبهم ، هل هناك أقذر من هكذا خيانة و سفالة و حقارة …؟ماذا تنتظرين يا خارجيتنا ؟ هل تنتظرين ان يفتح الله عليك بحلم أو بأمر يأتي من السماء كي تفتحي سفارتنا في دمشق ، ام تنتظرين أوامر البيك أمين الجامعة التي لا تهش و لا تنش ؟ و لماذا نقف على الرصيف بانتظار القاطرة الاخيرة لنركبها الى دمشق ؟ هل الكويت دولة قاصرة حتى تنتظر أوامر من الآخرين ، أم ليس لنا مصالح ، أم مصالحنا في مكان آخر ؟ فهمونا ، لقد تأخرت الكويت على دمشق و كان يجب ان تكون السباقة ، بل لم يكن هناك ما يدعو لسحب السفير و تعليق العلاقات بين البلدين . الكويتيون يحملون جميل حافظ الأسد، و سيبقى هذا الجميل دينا علينا ، ان الكويت التي عقدت ثلاثة مؤتمرات على ارضها لإعاشة اللاجئين السوريين، والكويت التي لاتزال تمد يد العون و المساعدة للسوريين في بلاد الملجأ ، كان عليها ان ترفض غلق سفارتها في دمشق ، فإغلاق السفارة تنقيص و تهميش للسيادة الكويتية، الكويت تنتظر الاجماع العربي ، سلم لي على الاجماع ...! صحافي كويتي