الخميس 22 مايو 2025
42°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الكويت… كالعيس في البيداء يقتلها الظما
play icon
الافتتاحية

الكويت… كالعيس في البيداء يقتلها الظما

Time
الثلاثاء 16 يناير 2024
View
837
sulieman

ينطبق علينا في الكويت بيت شعر لطرفة بن العبد:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول
إذ لا يمكن لأي مراقب أن يقتنع بالمبررات التي تسوقها الحكومات، والمجالس النيابية المتعاقبة، أن بلداً لديه ثروة طائلة، ولا يعرف كيف يستثمرها في تحسين مجالاته الحيوية، وأهمها التعليم والبنية التحتية، والصحة، ولا يستطيع الخروج من مأزقه المستمر منذ أكثر من أربعة عقود، جراء اختلاف وجهات النظر بشأن الأولويات.
في الدول المتقدمة يكون الاستثمار في التعليم هو أساس، فيما لدينا مناهج متخلفة، ومعالجاتها مسكنات لا ترتقي إلى القضاء على المرض، لذلك انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة الغش، وفي مرات عدة كانت بمطالبات برلمانية، وهي أسوأ ما تجنيه أي دولة في العالم، وذلك لا يحدث حتى في جمهوريات الموز.
لهذا حين نتحدث عن الفساد، علينا أن نعترف أنه من صنع مؤسساتنا التعليمية، وبمشاركة السلطتين، لأنهما قبلتا أن تتحولا مجرد حاضنة لتخريج الفاسدين، فمن يقبل أن ينال شهادته بالغش لن يكون أميناً على المؤسسة التي يعمل فيها، ومن خان نفسه سيخون وطنه.
من أسباب ذلك أن الإنفاق على هذا القطاع بني على المظاهر، وليس الجوهر، من هنا لا بد أن يبدأ العمل على تأسيس قطاع تربوي وتعليمي منتج وسليم، لأنه إذا صلح الأساس كان البناء أقوى وأكثر قدرة على التطور.
أيضا لا بد من ملاحظة أمر حيوي آخر، وهو حين تتحكم لجنة برلمانية بسلوك الناس، وتضع ضوابطها الخاصة النابعة من أجندتها المؤدلجة، والتي لا تنسجم مع ثقافة المجتمع، وتمارس وصاية ديكتاتورية، متناسية المكونات الاجتماعية الأخرى، ومخرجات البرلمان، وعندما ترضخ لها الحكومات المتعاقبة، كل هذا يدل على الاستهانة بمتطلبات الشعب الأهم.
جراء ذلك، رأينا هذا التراجع المخيف في كل المجالات طوال السنوات الأربعين، وترسخ الفشل، خصوصاً بعد التحرير، بدءاً من المشاريع الإنتاجية مروراً بالصحة، وصولاً إلى الخدمات العامة، والبنية التحتية، ومرافق الترفيه، وغيرها مما تسعى الدول إلى تطويرها كي تكون لديها القدرة على المنافسة، أو بالحد الأدنى تؤمن ما يحتاج إليه المواطن كي ينفق أمواله في الداخل وليس في الخارج، بينما في الكويت، بات حتى الضحك ممنوعا، وكأننا أصبحنا في أفغانستان الطالبانية.
في الأمثال يقال: "خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود"، فيما تعيش البلاد منذ نحوعقدين في السواد الذي تكثر حلكته يوماً بعد يوم، أكان في الاقتصاد أم البنية التحتية، أم المشاريع، وحتى في العلاقات الاجتماعية، وعلينا أن نراقب مؤشرات العنف الاجتماعي التي تزداد يومياً، فمتى يأتي ذلك اليوم الأسود كي تفتح الدولة صندوقها، وتعمل على حل أزماتها التي كلها تبدأ بالمال؟
لا شك أن أحد الأسباب المهمة هي الركون إلى رؤى مبنية على مصالح أشخاص، أكان في مجلس الأمة الذي يسعى نوابه منذ عشرين عاماً إلى تغيير الثقافة الكويتية من خلال قوانين متشددة، وتعميم سلوكيات مبنية على الغش، مثل شراء الأصوات، والرشوة الانتخابية عبر خدمات، حتى بات العديد منهم يعرفون أنهم "نواب خدمات"، أو في تركيز مجالس الوزراء على عقد الصفقات مع النواب كي لا يسقط هذا الوزير، أو لا يستجوب رئيس مجلس الوزراء، بينما برامجه لا تطبق.
لهذا، فإن الحل يبدأ من التعليم، ثم سيادة القانون على الجميع، وبعدها جودة المشاريع.
فهل هذا كثير على الكويت، أم ستبقى تعاني الظمأ والماء لديها وفير؟

أحمد الجارالله

آخر الأخبار