الكويت والصين… علاقات حريرية أساسها مبادئ راسخة

سطّرت العلاقات السياسية بين الكويت وجمهورية الصين الشعبية خلال 53 عاما تناميًا كبيرًا في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وزاد التعاون بينهما وبات له آفاق مستقبلية واعدة تساهم بشكل فعّال في جهود التنمية والبناء والتطور والرقي المنشود الذي تطمح إليه قيادتا وشعبا البلدين الصديقين.
وبمناسبة هذه الذكرى، يجب أن نستذكر تاريخ العلاقات بين الدولتين، خصوصا ان الكويت كانت أول دولة خليجية تتبادل العلاقات الديبلوماسية الكاملة مع الصين، وذلك في 22 مارس عام 1971.
أما فعليا فالعلاقات بين دولة الكويت والصين نشأت إقامة العلاقات الديبلوماسية، وذلك حين زار الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، عندما كان وزيرًا للمالية والصناعة والتجارة، الصين في 13 فبراير 1965، التقى خلالها عددًا من المسؤولين منهم رئيس الجمهورية، حينذاك، ليو شاو تشي.
تلك الزيارة بُنيت على أساسها قاعدة متينة وصلبة من المبادئ والسمات الراسخة التي تقوم عليها العلاقات المتميزة بين البلدين، يتصدرها الاحترام المتبادل للسيادة، والمساواة، ووحدة الأراضي، ومبادئ التعايش السلمي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتبادل المنافع المشتركة، وغيرها من المبادئ والسمات والأعراف الدولية الرفيعة.
تكررت الزيارات المتبادلة بين الدولتين الصديقتين خلال 52 عاما وشهدت تعميقاً متواصلاً للثقة السياسية المتبادلة بين الصين والكويت.
ومنذ إقامة العلاقات الديبلوماسية، ظل الجانبان يلتزمان الاحترام المتبادل، والتعامل على قدم المساواة، ويتبادلان التفهم والدعم في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية، والهموم الحيوية لبعضهما بعضا.
كما أنه مرت خمس سنوات على إقامة علاقات الشراكة الستراتيجية بين الصين والكويت، والتي أدخلت الصداقة والتعاون بين الجانبين عصراً جديداً، خصوصا أن الكويت تدعم بقوة سياسة الصين الواحدة، وتساند مساعي بكين في هذا الصدد، سياسيًّا واقتصاديًّا، وكانت من الدول الداعمة لاستحواذ جمهورية الصين الشعبية لمقعدها الدائم في الأمم المتحدة عام 1971.
كما أن الكويت تعد أول دولة في منطقة غربي آسيا وشمالي إفريقيا توقع على وثائق التعاون في إطار "الحزام والطريق"، وظلت الصين لسنوات عديدة أكبر مصدر للواردات الكويتية، وأكبر شريك تجاري في المجال غير النفطي.
وفي عام 2020، بلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين والكويت 14.3 مليار دولار أميركي، ما يساوي أكثر من 70 ضعفا لما كان عليه عند إقامة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، بالإضافة إلى ذلك، فإن الكويت مصدر مهم تستورد منه الصين النفط الخام.
كما شهد البلدان الصديقان زيارات متبادلة عديدة بين فرق الثقافة والفنون لهما، وتشغيل الخط الجوي المباشر بينهما، كما أن الصين بعثت إلى الكويت أكثر من 200 شخص من أعضاء الفريق الطبي منذ عام 1976 لتقديم خدمات التشخيص والعلاج للمرضى في الكويت.
وبالطبع لن ننسى تضامن وتآزر وبروح الفريق الواحد بين الكويت والصين في وجه الجائحة المفاجئة، وجسد البلدان المعاني العميقة لمجتمع المستقبل المشترك للبشرية، لاسيما عبر التعاون لمكافحة الجائحة، وأبرزتا الصداقة الوثيقة بين شعبي البلدين.
وبالطبع فإن مسيرة الـ52 عامًا من العلاقات الإيجابية والبناءة كانت خير دليل على حيوية ونشاط هذه العلاقة المتميزة، ونحن على ثقة أن التطلع الجاد لدى كل من القيادتين السياسيتين في دولة الكويت وجمهورية الصين الشعبية، وحرصهما على تعميق هذه العلاقة خلال الفترة المقبلة سيؤديان الى استمرارية هذه الشراكة في مجالات أوسع، وبما يعود بالنفع عليهما وعلى شعبيهما الصديقين مستقبلا.
لذا فمع تنامي العلاقات الكويتية– الصينية، وسط نشاط ملحوظ لبكين في منطقة الشرق الأوسط، يعتزم سمو ولي العهد، نائب الأمير، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح زيارة الصين خلال الشهر الجاري، وتعمل حكومتا البلدين على الترتيب للزيارة المقررة في وقت لاحق هذا الشهر، وتأتي الزيارة المرتقبة بعد توقيع الكويت، مايو الماضي، مذكرة تفاهم للانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون بصفتها شريك حوار، تمهيدا للانضمام بشكل كامل.
كما أكد السفير الصيني لدى البلاد تشانغ جيان وي استعداد الجانب الصيني لتقديم التعاون مع الكويت في كل المجالات، خصوصا أن الكويت الآن تستقبل الفرص الكبرى لتنميتها، والصين على أتم الاستعداد لتعزيز التعاون في جميع المجالات مع الكويت.
إن القيادة الكويتية في عهد سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد حريصة جداً على تنفيذ المشاريع خلال مدد قصيرة، آملة أن تنضم الكويت إلى منظمة "بريكس" في المستقبل لما تؤديه المنظمة من دور مهم في تعزيز التعاون الاقتصادي، والتبادل الثقافي بين الدول.

صحافي مصري

بسام القصاص