الأحد 08 يونيو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

اللص السياسي يسرق مستقبلك فأحسنوا اختياراتكم

Time
الخميس 03 ديسمبر 2020
View
5
السياسة
محمد الفوزان

لما فتح رسول الله، صلى الله عليه وسلم مكة، أخذ مفاتيح الكعبة من عثمان بن طلحة، فطلبها عمه العباس ليجمع بين السقاية والسدانة، فأنزل الله تعالى قوله: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها…" فأرجع النبي، صلى الله عليه وسلم، مفاتيح الكعبة الى بني طلحة، وقال لهم: "خذوها بني طلحة بأمانة الله، لا ينزعها منكم إلا ظالم".
إن الأمة لا تحيا الحياة الكريمة إلا عندما يتولى أمرها صلحاؤها، يحقون العدالة، وييسرون للناس حياتهم ومعايشهم ويحققون التنمية ويعزون الدين، فعندما تولى الخلافة عمر بن عبدالعزيز، أتى بمزاحم مولاه، وهو مولى اسود قوي البنية عاقل حكيم يخاف الله، فقال له: يا مزاحم والله إني أحبك في الله، انت وزيري، قال: ولِمَ يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيتك يوما من الأيام تصلي وحدك في الصحراء صلاة الضحى لا يراك الا الله، ورأيتك يا مزاحم تحب القرآن، فكن معي، قال: أنا معك يا أمير المؤمنين.
واستدعى آخرين من الظلمة وعزلهم ونفى بعضهم، وهكذا عين وزراءه وولاته من علماء وصلحاء المسلمين، فكانت النتيجة ان استتب الأمن، وازدهرت البلاد، حتى قيل إن الذئب يرعى مع الغنم لا يعترضها من البركة التي حفت بالبلاد، بل قيل ان بيت المال في عهده لم يجد فقيرا يستحق الزكاة فأمر أن تنفق الزكاة على من يريد ان يتزوج اول مرة، استدعى مهاجرا احد وزرائه وكان صالحا تقيا ورعا حكيما وقال له: يا مهاجر كن بجانبي فاذا رأيتني ظلمت مسلما او شتمت مؤمنا فخذ بتلابيب ثوبي وقل: اتق الله يا عمر، استدعى الوزراء الخونة الظلمة الذين كانوا في عهد سليمان بن عبدالملك، استدعاهم أمامه، وقال لشريك بن عرضاء: اغرب عني يا ظالم رأيتك تجلس الناس في الشمس وتجلدهم بالسياط وتجوعهم وانت جالس في الخيام والاستبرق، ولما سقطت دولة بني أمية هرب عبدالله بن مروان الى النوبة مع جماعة من اصحابه فسمع به ملك النوبة وكان نصرانيا فجاء الى المكان الذي فيه، وأخذا يتحاوران، سأله ملك النوبة: لم تشربون الخمور وهي محرمة عليكم؟ ولم تطؤون الزرع بدوابكم وهي محرمة عليكم؟ ولم تلبسون الحرير، وقد نهيتم عنه على لسان نبيكم؟ فقال عبدالله بن مروان: إناّ لما قلت أنصارنا، استعنا بقوم عجم، دخلوا في ديننا ففعلوا ما ذكر الملك على غرة منا، فقال الملك : ليس الأمر على ما ذكرت .... بل انتم قوم استحللتم ما حرم الله عليكم، وضللتم إذ ملكتم، فسلبكم الله العزة بذنوبكم، ونقمة الله فيكم لم تبلغ مداها، ولا وصلت غاياتها، وأنا أخاف ان يحل عليكم عذاب الله وأنتم في ارضي فيصيبني معكم، وان الضيافة ثلاثة ايام فتزودوا فيها بما شئتم وارتحلوا عني، فوالله لا أقمتم عندي.
وبهذا نعرف ان اختيار العناصر الصالحة لشغل المناصب امانة في عنق الأمة، وان توسيد الامر لغير أهله فساد للوطن ، وضرر بالغ لمصالح الناس، كما ان الناس عليهم ان يحسنوا الاختيار لتمثيلهم في مجلس الأمة، لأن سوء الاختيار يعود عليهم بضرر بالغ ، ودمار لمصالحهم وبلدهم ، وليعلموا ان اللص العادي يسرق منك حقيبتك، ساعتك، هاتفك ....
أما اللص السياسي يسرق منك مستقبلك، وأحلامك، وحياتك ...
اللص العادي هو يختارك، أما اللص السياسي انت تختاره، فانتبهوا الى اختياراتكم، واتقوا الله فيها.

[email protected]
آخر الأخبار