

اللِّي فِي القِدْرْ يِطَلْعَه اْلملاسْ
حوارات
يشير المثل الكويتي "اللِّي فِي القِدْرْ يِطَلْعَه اْلملاسْ" الى أنّ طبع الانسان سيغلب تطبّعه يوما ما، وما استقرّ في نفسه من نوايا وأهداف خفيّة لابد أن تخرج على الْمَلَأِ، ولو بعد حين.
وأن من يجهل ما يدور، ويجري حوله الآن، ستظهر له الحقائق يوما ما، والقِدْر أو "الجِدْرْ" في المثل الكويتي هو أي إناء يطبخ فيه الطعام، و"المِلاّس" ملعقة كبيرة الحجم تُستعمل لإخراج الطعام من القِدْر، وبعضها ذات ثقوب يُستخرج بها الأرز (العِيش)، أو بلا ثقوب يستخرج بها المرق أو الشوربة.
والمثل الكويتي الخليجي شبيه في معناه لقول طرفه بن العبد: "سَتُبدي لَكَ الأَيّامُ ما كُنتَ جاهِلاً، وَيَأتيكَ بِالأَخبارِ مَن لَم تُزَوِّدِ، وَيَأتيكَ بِالأَخبارِ مَن لَم تَبِع لَهُ، بَتاتاً وَلَم تَضرِب لَهُ وَقتَ مَوعِدِ".
ووفقا لهذه الحكمة الكويتية عن السلوك الإنساني، يُفترض بالعاقل عدم تضييع الوقت في البحث عن الدوافع النفسيّة الأساسية وراء أقوال وتصرّفات الآخرين، لا سيما الشّاذ والغريب منها، فستخبره الأيام بما كانوا يفكّرون، وستكشف له عمّا إذا كانوا صادقين معه، أو كانوا يتقنعون بأقنعة مزيفة وموقتة، وحتى تنجلي الحقيقة، فحري بالإنسان اللبيب، في كل علاقاته الاجتماعية، أن يكون حذرا في التعامل مع كل الناس، فلا يكشف أسراره لهم، ولا يخبرهم عن آماله وتطلعاته، وأهدافه وانطباعاته الشخصية الحقيقية عن الآخرين.
فلن يعرف المرء في عالم اليوم، ما يجتمع في قلوب الناس، ولا يمكن لحواسه أن تتَنَبَّأ بالمستقبل، لكن خليق به أن يتذكّر الحقيقة الإنسانية التالية: الطبع الأساسي للآخر سيغلب يومًا على أي تطبّع أو تمثيل موقت يمارسه.
وستكشف الأيام ما هو مستتر الآن، وستنكشف حقائق النوايا الشخصية في يوم ما، وحَقِيق بالإنسان الرزين أن يتذكّر هذا الأمر طوال الدهر، خصوصا إذا كان في العالم الخارجي، فلا يُفْرِط في تعامله مع الناس، ولا يشغف بشدّة في التعرّف على نواياهم الحقيقية تجاهه.
لكن يجدر به أن يكون متّزنا في تعامله معهم، وفي توقعاته تجاههم، فيقول أهلنا في الشام "بكره بيدوب التلج ويبان المرج"!
كاتب كويتي
@DrAljenfawi
د. خالد عايد الجنفاوي