كتب - فالح العنزي:لم يكن حصول مسرحية "الماثولي" على مجموعة من جوائز مهرجان "مسرح بلا إنتاج"، الذي أقيم في الفترة السابقة بمدينة الاسكندرية المصرية عبثا، فهي نتاج فرقة المعهد العالي للفنون المسرحية، وجل من يعمل بها هم طلبة أكاديميون يعون ويستوعبون الرسائل الشائكة، التي تناولها المؤلف شريف الزعبي في النص الرئيس لروايته الشهيرة "بغض النظر" والسوداوية التي حاول من خلالها المخرج محمد جمال الشطي تقديم نسخة جديدة بوجوه جدد في العرض المسرحي، الذي قدم أول من أمس فوق خشبة مسرح الدسمة ضمن فعاليات الدورة الحالية من مهرجان القرين الثقافي.حافظ المخرج على العظمة الرئيسية في العمل، وهي الصراع الأزلي بين الإنسان والإنسان المتمثلة في سيطرة الغرب وفرض سطوته على العنصر العربي المستضعف، عبارات ثورية وأخرى رنانة جبل على سماعها المواطن وتسببت في دماره، اعتمد خلالها المخرج على توظيف أداء الممثلين بشكل جماعي وحرص على عمل تشكيلات متفرقة فوق خشبة المسرح، فظهر الممثلون بصورة الفريق الواحد، بين تبادل الأدوار والدخول والخروج من والى الشخصية. المخرج محمد جمال الشطي قدم عرضه المسرحي بشكل جيد مضيفا تعديلات بسيطة وليست جذرية باللجوء إلى طاقات شابة أجادت المهام الملقاة على عاتق كل ممثل، فشهدت خشبة المسرح منافسة حقيقية بين الممثلين وقدموا أداء متقنا ومحترفا، بلا شك وجد المخرج نفسه أمام نص سوداوي بروح قاتمة فلجأ الى الفرجة البصرية من ناحية السينوغرافيا الشاملة من موسيقى وأزياء وإضاءات، فظهر العرض بمستوى راق وجيد وأعطى صورة حقيقية لقدرة المخرج على التحكم في أدواته وفرض نفسه كمخرج شاب متمكن، فضلا عن الأداء التمثيلي المتفاوت والمتباين بحسب المساحة الحوارية، التي فرضها النص ساهم إلى حد كبير في ابراز موهبة أكثر من عنصر تمثيلي، لا سيما أحمد الرفاعي وعلي الريس وغيرهما من الذين وضح بأنهم شغوفين في تنفيذ تعليمات المخرج بحذافيرها، خصوصا ان النص يحتوي على جمل حوارية "ثقيلة" لكن اتقان الممثلين اللغة ومخارج الحروف والشعور بالشخصية والتعايش معها ومن ثم تجسيدها فوق الخشبة بشكل متقن جعل الأمر يسيرا عليهم، المشكلة الوحيدة في الماثولي هي عدم وجود بصيص أمل ولا حتى ثغر بسيط يشع من خلاله النور وبالتالي كان السواد هو الطاغي والسائد.الموسيقى التي اختارها الشطي كانت موظفة بصورة متناغمة وجيدة وكانت لاعبا رئيسا في الأحداث ترتفع مع الايقاع العام وتنزل بحسب وتيرة الحوار وهذا يعكس تفتق ذهن المخرج وأذنه الموسيقية ولم يبحث عن موسيقى عبثية، وحتى في تشكيلات الأداء الحركي كان موفقا وملأ جنبات المسرح فاستفاد من عمق الخشبة ولم يجعل "الصراع" محتدما فقط في زاوية تمثل واقعنا المرير الذي نعيشه.

صراع لا ينتهي

عرض ناجح رغم السوداوية