الأخيرة
/
كل الآراء
المال والدلال يولدان التفاهة
الثلاثاء 18 يوليو 2023
7
السياسة
حمد سالم المرينعيش في عصر أصبحت التفاهة فيه سمة البعض، فنشاهدهم يتنافسون في الاحتفالات بأي مناسبة تافهة، مثل الاحتفال بانتقال أبنائهم من الصف الأول روضة إلى الصف الثاني، أو شراء سيارة جديدة، أو أي مناسبة تحدث لهم، ويصرفون على هذه الاحتفالات أموالا طائلة، حتى أن بعضهم يحجز قاعات احتفالات في الفنادق الفخمة، و"بوفيهات" تحتوي على ما لذ وطاب من الأطعمة، التي تكفي مئات الأشخاص.في السابق كانت احتفالات النساء تقتصر على الخطوبة، والزفاف، لكن تطور الأمر حتى أصبحن يحتفلن بمناسبات عدة، مثل الاستقبال بعد الولادة، وعند ختان أطفالهن، وعند دخول أبنائهن المدرسة، وعندما ينتقل أبناؤهن إلى المرحلة المتوسطة، هذا من غير الاحتفالات بـ"القرقيعان"، وما يسمونه عيد الأم وغيرها من مناسبات اجتماعية.هذه الاحتفالات يصرف على إقامتها مئات، بل آلاف الدنانير، وفق الحالة المالية للأسرة، فمنهم من يقيمها في فنادق فخمة، ومنهم من يقيمها في منزله بعدما يزينه بأنوار تضاء طوال الليل، ومنهم من يعيد صبغ صالات منزله، وشراء أثاث جديد، استعدادا للاحتفال، وبخاصة بمناسبة الولادة، وما يسمونه استقبالا.الكثير من النساء في وقتنا الحالي لا يرضين الولادة إلا في مستشفى خاص، وفي غرفة أو جناح فخم، حتى ولو أخذت هي أو زوجها قرضاً من البنك، وذلك من أجل المباهاة والتفاخر، وبعدها تقيم حفلا لاستقبال المهنئين يكلف تجهيزه مئات الدنانير.هذا بسبب سهولة توافر المال، وتأثر الناس بقنوات التواصل الاجتماعي، وحب التباهي والتفاخر أمام الناس، فأصبح البعض يمارس التفاهة، سواء أكان يعلم بذلك أو لا يعلم، لأن هؤلاء يعتقدون أن ظهورهم أمام الناس، وهم يحتفلون بأي مناسبة، دليل على رقيهم وتحضرهم، وليس على تفاهتهم، وضحالة فكرهم.أجدادنا لم يكونوا يحتفلون إلا في المناسبات الدينية كالعيدين، أو في المناسبات الاجتماعية الكبيرة، مثل الزواج، ويقيمون ولائم العقيقة إذا ولد لهم مولود اتباعا لسنة نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، ويدعون إليها الناس، سواء أكانوا أغنياء أم فقراء، ومع ذلك كانوا يعيشون في كفاف، محافظين على نعم الله التي أنعم بها، ولم يتباهوا ويتفاخروا بالتفاهة مثل ما يفعل البعض في وقتنا الحالي، فنشئوا جيلا كفوءا شيد دولة، وتحمل الصعاب من أجلها.هؤلاء التافهون الذين يحتفلون بأي مناسبة، ويصرفون الأموال الطائلة عليها، لكي يتباهوا، ويتفاخروا أمام الناس، وينطبق عليهم المثل المصري "من عنده جنيه ومحيره يشتري حمام ويطيره"، وسيسألون يوم القيامة عن تبذيرهم، فيومئذ لن تنفعهم تفاهتهم.al_sahafi1@