المتحف العربي للفن الحديث في الدوحة... مساحة للتعلم والاستكشاف

كتب ـ أندريا لوريا:


اليوم لن أكتب عن متحف فائق أو علامة بارزة، ولكن عن متحف مثير للاهتمام في مجال الفن الحديث والمعاصر في الخليج... لذا سوف نكتشف معًا المتحف.
المتحف العربي للفن الحديث... هو متحف حديث ومعاصر في العاصمة القطرية الدوحة، مخصّص للثقافة العربية والإبداع. يعرض مجموعة دائمة من أكثر من 9000 قطعة، ويقدم نظرة عامة فريدة وشاملة للفن العربي الحديث والمعاصر من شمال إفريقيا إلى الشرق الأوسط. وينظم معارض مؤقتة، ومكتبة وبرنامجًا تعليميًا قويًا، بهدف أن يصبح مركزًا حيويًا للحوار والمنح الدراسية في الخليج.
افتتح المتحف من قبل متاحف قطر (QM) بالشراكة مع مؤسسة قطر (QF) عام 2010، ويقع في المدينة التعليمية في الدوحة. ويعدّ من أهم المعالم الثقافية في الدولة.
يضم المتحف اليوم أكبر مجموعة في العالم للفن العربي الحديث والمعاصر، ولكن المجموعة الأولى بدأها الشيخ حسن بن محمد آل ثاني، ثم تحولت المجموعة لاحقًا إلى المؤسسة العامة الخاضعة لسلطة هيئة متاحف قطر (هيئة متاحف قطر سابقًا)، التي سميت الآن متاحف قطر (QM)، وهي كيان حكومي قطري يشرف أيضًا على متحف الفن الإسلامي (MIA)، ومتنزه متحف الفن الإسلامي، ومعرض QM في قرية كتارا الثقافية.
يشرف على متاحف قطر مجلس أمناء برئاسة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، ولقد ذكرت من قبل الشيخة المياسة في مقالتي عن متحف قطر الوطني، الذي صممه جون نوفيل، كواحد من أكثر الأشخاص تأثيراً في الفن في قائمة أفضل 10 في مزادات للفنون، ومن الـ100 شخصية الاكثر قوة في ArtReview، ومن الـ100 امراة الاكثر قوة بالنسبة لمجلة Forbes.
ولقد افتتح موقع المتحف الحالي في عام 2010، ولكن المجموعة أقدم من ذلك، فقد بدأها الشيخ حسن الذي بدأ في تجميعها في أوائل التسعينيات، الذي جمع الأعمال الفنية من العالم العربي على مدى 200 عام الماضية، بهدف إنشاء متحف، يمكن أن يمثل فنانين من هذا العالم العربي، مع أقدم القطع في المجموعة التي يعود تاريخها إلى أربعينيات القرن التاسع عشر.
وكانت المجموعة أولية من التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، ومقرها في فلّتين خاصتين في مدينة خليفة في الدوحة، بينما تصور الشيخ حسن والمستشارون الأوائل فكرة عما يمكن أن يكون عليه المنظور العربي للفن والمتاحف الحديثة والمعاصرة.
وتُقدم الأعمال المعروضة، من خلال أشكال فنية مختلفة من اللوحات والوسائط المختلطة إلى النحت. ومن اللافت أن موسوعة المتحف ثنائية اللغة، من خلال مصدر علمي يوفر حقائق أساسية ومعلومات متعمقة عن الفن الحديث في العالم العربي، ومتاح على الإنترنت مجانًا.
كما يقدم المتحف بالتأكيد منظورًا مثيرًا للاهتمام حول الفن الحديث والمعاصر، وعندما افتتح عام 2010، كان أول متحف مخصص للفن الحديث والمعاصر في البلاد، والمبنى نفسه حديث، ولكن لا يمكن اعتباره متحفًا فائقًا.
والمبنى الذي يستضيف المتحف مؤقتًا ،هو مبنى المدرسة السابق، الذي تحول من قبل المهندس المعماري الفرنسي جزن فرانسوا بودان، فيما تقع معارض المتحف في منشأة تبلغ مساحتها 5500 متر مربع، تتضمن صالات عرض في طابقين ومقهى ومتجر متحف ومكتبة أبحاث وجناح تعليمي.
في حين يقع مبنى المتحف في المدينة التعليمية بالدوحة، وستحدد" QM"خططها لبناء موقع مستقبلي دائم للمتحف في وقت لاحق، وكما قلت تم إعادة تصميم المدرسة السابقة من قبل المهندس المعماري الفرنسي جون فرانسوا بودان، وهو مصمم مثير للاهتمام، ولكنه ليس معروفًا عالميًا مثل النجم المعماري المشهور جون نوفيل (مهندس متحف قطر الوطني في الدوحة)، أو آي إم باي (مهندس متحف الفن الإسلامي بالدوحة).
المبنى نفسه هو احتفال بالرقي الفكري والتعليم كمدرسة سابقة، تم تجديدها وتحويلها معمارياً. المتحف ليس متحفًا فائقا فهذا يعني أنه ليس أول عمل فني من المجموعة التي سنزورها أو علامة بارزة قوية، كما عرفتم من مقالتي السابقة.
ومع ذلك فإن مبنى المتحف هو مثال للهندسة المعمارية المعاد تدويرها، تلك التي تكمل قصد الهوية السابقة للمبنى كمساحة للتعلم والاستكشاف. ورغم أن المبنى مصمم فقط ليكون منزلًا مؤقتًا للمتحف، إلا أنه منزل جدير بالمجموعة ومثير للاهتمام من الناحية المفاهيمية، ويمثل الشكل المرئي للمبنى بالتأكيد العمارة العربية النموذجية، في مزيج بين الحصن العسكري والعمارة النموذجية للمدينة.
كما قلت من قبل، المبنى نفسه ليس قطعة فنية مثل متحف قطر الوطني الجديد، لكن إعادة استخدام المبنى المعماري للمدرسة القطرية القديمة ليست سيئة. بل إنها تجديد فعال بشكل خاص في الليل، عندما تبرز الإضاءة الخارجية الممتازة، اللون الأبيض للمبنى، مما يجعله مثيرًا للاهتمام بشكل خاص، وهو عنصر تصميم مثير للاهتمام، ومثالي لاستضافة متحف الفن المعاصر.
فيمكن لزوار المتحف الوصول إلى المبنى، من خلال شرفة تحتوي على منطقة جلوس خارجية مظللة وهي جزء من المقهى. ومن الشرفة سيتمكن الزائرون من المرور عبر واجهة مغطاه بالشاشات، حيث يمكن عرض الصور ومقاطع الفيديو في الليل.
كما تتميز الفراغات الداخلية الأكثر إثارة للاهتمام من كتلة المبنى، بحد أدنى من الجمالية الرصينة والمرنة وغير المحددة أيضًا.
ويحتل معرض المجموعة الدائمة في متحف سبعة صالات، عرض في الطابق العلوي، بينما تم تخصيص الردهة وخمسة صالات عرض للمعارض المؤقتة. ويركز المتحف على الحركات الحديثة والمعاصرة الرئيسية الممثلة في المجموعة.
ولقد كان المتحف هو ثاني متحف فني جديد يفتتح في الدوحة خلال ثلاث سنوات، بعد متحف الفن الإسلامي، الذي كتبت عنه منذ حوالي أسابيع، والذي يضمّ مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية والتحف الإسلامية الموجودة في متحف صممه الهندس المعماري الصيني الاميركي المشهور آي إم باي. وبالتالي تعد المتاحف جزءًا من جهد الأسرة الحاكمة في قطر، لتطوير منطقة المتاحف الكبرى في البلاد.
فإذا كان افتتاح متحف الفن الإسلامي خلق مكانًا لدراسة، وتقدير الفن الإسلامي مع افتتاح المتحف، فقد أنشأت قطر متحفًا لاستكشاف ومناقشة إبداعات الفنانين العرب، في المشهد الفني الحديث والمعاصر.
وعلى هذا الأساس، تثبت قطر أن تطوير برنامج ثقافي جاد ومجموعة المتحف، يعبر عن التوازن بين القديم والتزام المتحف القوي بالتعليم.
لقد عبرت مرارًا عن حبي للعمل المعماري المشهور جون نوفيل بشكل عام، ومدى إعجابي بمتحف قطر الوطني الذي صممه. وقد صمم أيضًا متحف اللوفر ابو ظبي، ومتحفها الوطني في قطر، هو مثال رائع للمتحف الفائق، الذي يجلب قطر بشكل رسمي إلى مسرح المتاحف العالمية. فالمتحف نفسه هو القطعة الفنية الرئيسية للمجموعة، وكما هي الحال في غوغنهايم في نيو يورك أو في بلباو، حيث سنقوم بزيارة المبنى في المقام الأول وليس المجموعة أو محتوى المتحف.
إذا كانت مجموعة متحف تقدم منظورًا عربيًا ناجحًا للفن الحديث والمعاصر، فإن المتاحف تدعم بالتأكيد الإبداع وتشجع الحوار، وتلهم أفكارًا جديدة، أعتقد أن هذه المجموعة يجب أن يكون لها مقعد مذهل ومتحف فائق، يكون من تصميم نجم معماري آخر مشهور.