الجمعة 04 أكتوبر 2024
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
المتحف المصري الكبير...  توليفة فعّالة بين الماضي والحاضر
play icon
عبق الماضي مع المعاصرة
الثقافية

المتحف المصري الكبير... توليفة فعّالة بين الماضي والحاضر

Time
الخميس 06 يوليو 2023
View
12
السياسة
أندريا لوريا

استكشفت في عمودي، بشكل أساسي، المتاحف في شبه الجزيرة العربية، كما كتبت عن المتحف الوطني للحضارة المصرية (NMEC)، بالإضافة إلى بعض المتاحف في دول الخليج.
وسأتحدث في هذه المساحة عن المتاحف الفائقة في مصر التي بدأت في الظهور، والتي رغم عدم امتلاكها الموارد الاقتصادية نفسها في دول الخليج، إلا أنها فهمت القوة الإعلامية للمتاحف الفائقة، وكيف يمكنها فعل ذلك؟ من خلال المتاحف الفائقة، التي أدت إلى تغيير صورة البلد. فالمتحفان المصريان الفائقان هما المتحف الوطني للحضارة المصرية (NMEC) الذي تم افتتاحه عام 2021، والذي كتبت عنه بالفعل، والمتحف المصري الكبير (GEM) الذي تم إنشاؤه في مارس 2023، وكلاهما يقعان في القاهرة.
والمتحف المصري الكبير (GEM) يُعرف أيضًا باسم متحف الجيزة، وهو متحف أثري يقع بجوار أهرامات الجيزة. ولقد اشرت أن المتحف افتتح في مارس 2023 ولكن في الواقع تم افتتاحه جزئيًا فقط، لأنه كما هو الحال في مصر، يتم افتتاح المتاحف على مراحل وليس عند الانتهاء من المتاحف بالكامل.
لا نعرف كيف ستكون صالات العرض فيها، لكن عندما ينتهي المتحف يستضيف أكثر من 100،000 قطعة أثرية تنتمي إلى الحضارة المصرية القديمة، بما في ذلك مجموعة توت عنخ آمون الكاملة ومن المقرر أن يكون أكبر متحف أثري في العالم.
كما يستضيف المتحف أيضًا معارض دائمة وأخرى مؤقتة، ومعارض خاصة ومتحف للأطفال وشاشات افتراضية وكبيرة الحجم بمساحة أرضية إجمالية تبلغ 32000 متر مربع.
مؤقتًا فقط... القاعة الكبرى بالمتحف المركزي، متاحة للجمهور، وهذه الأخيرة مثيرة للإعجاب نظرًا لحجمها الكبير الذي يؤكده وجود التمثال الضخم للملك رمسيس الثاني، الذي يصوره واقفًا وهو مصنوع من الحجر الجيري ويزن 83 طنًا ويبلغ عمره 3200 عام. وتم اكتشافه في عام 1820 في معبد بتاح الكبير بالقرب من ممفيس في مصر، من قبل المستكشف الإيطالي والملاح وعالم المصريات جيوفاني باتيستا كافيجليا، وهو أحد رواد علم الآثار المصري في عصره. وكان له تأثير في أعمال التنقيب عن تمثال أبو الهول بالجيزة بالقرب من القاهرة.
ومن القاعة الكبرى، عندما سيفتح المتحف بالكامل، سيبدأ الزوار رحلتهم لاكتشاف جوانب مختلفة من التاريخ المصري القديم، من خلال آلاف القطع الأثرية الفريدة وعروض الفيديو والصوت. ما يجعل المتحف غير عادي، وسيتم عرض العديد من القطع في مجموعته لأول مرة.
إذا لم نتمكن من التحدث عن الإعداد الداخلي لأنه لم ينته بعد، فيمكننا تحليل هيكل المتحف ومشروعه. فمن المؤكد أن المتاحف هي علامة أرضية مهمة لها تأثير قوي على المنطقة التي تقع فيها. حيث يقع المتحف على قطعة أرض تبلغ مساحتها حوالي 490.000 متر مربع (5،300،000 قدم مربع)، مما يجعله أكبر متحف في العالم، على بعد حوالي 2 كيلومتر (1.2 ميل) من مجمع أهرامات الجيزة وتم بناؤه كجزء من خطة رئيسية جديدة لهضبة الجيزة تسمى الجيزة 2030.
وبدأ تاريخ المشروع في يناير 2002، عندما أعلنت الحكومة المصرية عن مسابقة عالمية لتصميم مجمع متحفي جديد لإيواء التراث التاريخي والفني الهائل لمصر، الذي لم يعثر على مكان في المتحف المصري بميدان التحرير.
في العام التالي 2003م، تم الإعلان عن فوز الاستوديو الأيرلندي "هينيجان بنج" Heneghan Peng Architects، وهو استوديو أسسه روازان هينيجان Róisín Heneghan وشيه فو بينج Shih-Fu Peng. فقد تأسست الشركة في نيويورك عام 1999، لكنها انتقلت لاحقًا إلى دبلن في عام 2001، واعتبارًا من عام 2021 اتخذت من دبلن وبرلين مقراً لها. وفاز الاستوديو بالعديد من اللجان المهمة للأعمال المعمارية، التي جعلت الاستوديو يفوز أيضًا بجوائز معمارية مهمة مثل جائزة ريبا RIBA الأوروبية في عام 2006 مع مشروع لاراس شيل دارا L›Áras Chill Dara في كيلدير وفي عام 2013 فاز بتصميم مركز زوار Giant›s Causeway في جائزة ريبا الوطنية، وهو المشروع الذي تم ترشيحه أيضًا لجائزة ستيرلينغ Stirling في عام 2013.
وفي عام 2019 فاز الاستوديو بجائزة الآغا خان للعمارة عن مشروع المتحف الفلسطيني. وتم تصميم المخطط الرئيسي للمناظر الطبيعية والموقع بواسطة ويست ايت West 8، وتصميم المخطط الرئيسي للمعرض وتصميم المعارض والمتاحف بواسطة اتيليه بريكنير Atelier Brückner.
كما أخبرتك من قبل، حتى لو كانت المتاحف المصرية مختلفة عن المتاحف الخليجية الكبيرة، فإنها لا تزال مثيرة للاهتمام لتحليلها من المنظور المعماري والمتحفي؛ لكن دعونا نرى معًا سبب اختلاف المتاحف المصرية عن متاحف الخليج.
إذا كانت إحدى السمات الرئيسية للمتحف الفائق، أنه العمل الفني الرئيسي للمجموعة بهوية فنية قوية وشكل يستحضر منحوتة، كما في حالة متحف اللوفر- أبو ظبي، فلا يمكننا العثور عليها في المتحف المصري الكبير GEM. ومع ذلك، فإن المتحف ضخم ومذهل وبالتأكيد معلم قوي والحوار بين المتحف والإقليم وأهرامات الجيزة مذهل.
المبنى على شكل مثلث مشطوف في المخطط. ويقع على على بعد كيلومترين غرب الأهرامات، بالقرب من تقاطع الطريق السريع. إذ تصطف الجدران الشمالية والجنوبية للمبنى مباشرة مع هرم خوفو الأكبر وهرم منقرع.
فعندما يسند الى المهندس المعماري تصميم مبنى معاصر في حي أو مدينة أو منطقة ذات قيمة تاريخية فنية، لا يكون ذلك سهلاً أبدًا. إذ يعد تصميم الهندسة المعمارية المعاصرة في مثل هذه المنطقة الهشة والمهمة من الناحية الفنية والتاريخية بجوار مجمع أهرامات الجيزة مهمة صعبة للغاية.
بغض النظر عن هذا، يجب القول إن المشروع الذي صممه الاستوديو الأيرلندي هينيجان بنج Heneghan Peng Architects فعال للغاية. رغم كونه مبنى ضخمًا وبأحجام ضخمة، إلا أن المتحف منسجم مع مجمع أهرامات الجيزة. حيث إن الحوار الذي تقيمه مع الأهرامات ليس فعالًا من الناحية الجمالية فحسب ، بل إنه أيضًا رمزي للغاية.
ويستضيف مجمع أهرامات الجيزة الهرم الأكبر وهرم خفرع وهرم منقرع، وقد تم بناؤها خلال الأسرة الرابعة للمملكة القديمة في مصر القديمة بين 2600 و 2500 قبل الميلاد. وتمثل هذه الأهرامات التراث المصري القديم. على العكس من ذلك المتحف الجديد الذي صممه Heneghan Peng Architects يمثل مصر المعاصرة. والذي يعد الحوار المرئي الذي أنشأه المهندسون المعماريون محاذاة الجدران الشمالية والجنوبية للمبنى مباشرة، مع هرم خوفو الأكبر وهرم منقرع فكرة مختلفة ورائعة. كما قلت في الماضي لا أفهم إدارة المتاحف المصرية واختيارها للافتتاحات الجزئية لمتاحفها المعاصرة. رغم قناعتي أنه بعد افتتاح جميع قاعات المتحف المصري الكبير بهذا المكان، ستصبح هذه المنطقة توليفة فعالة بين الماضي والأهرامات والحاضر والمتحف المصري الكبير، وما تتمتع به من ثروات تاريخية وفنية مهمة.
حيث لا يوجد في مصر مجموعات من الفن الحديث أو المعاصر، ولكن فقط تراث أثري هائل يجذب حتماً نوعاً معيناً من السياحة المهتمة بالآثار. ويعد الاستثمار في العمارة المعاصرة من خلال إنشاء متاحف معاصرة مثل المتحف الوطني للحضارة المصرية (NMEC) والمتحف المصري الكبير (GEM) وهما معلمان قويتان بفكرة ممتازة لعرض مصر للفن وعلم المتاحف للقرن الحادي والعشرين.

أندريا لوريا
بروفيسور أندريا لوريا هو عالم آثار إيطالي تخرج في أكاديمية الفنون الجميلة في روما. وهو حاصل أيضًا على درجة في تاريخ الفن من جامعة روما تري في روما. ويحاضر لطلبة الماجستير في علم المتاحف في جامعتي تور فيرغاتا في روما وجامعة تمبل الأميركية (حرم روما الجامعي).
وفي عام 2020، أصبح مؤلفًا منشورًا لكتاب: "من عصر النهضة إلى المتحف المعاصر"، وهو أيضًا يعد دليل محاضراته. مجال بحث لوريا هو ظاهرة المتاحف الفائقة مع اهتمام خاص بالدول العربية مقارنة بالعالم الغربي.
الترجمة العربية: المعمارية المصرية ايلاريا عبد المسيح.

أندريا لوريا

آخر الأخبار