المجلس الأعلى

طلال السعيد

للأمانة، لا أعرف بالضبط ماهي تخصصات المجلس الأعلى للبترول ،وما اذا كان هذا المجلس يحدد السياسة البترولية للدولة ، ام انه مجلس استشاري يجتمع اربع مرات بالسنة وسلامتكم !!لكن مايلفت النظر اعادة تشكيل هذا المجلس بموجب مرسوم صدر من اعضاء اغلبهم من المخضرمين ،اواصحاب الخبرة والاختصاص كما يطلقون عليهم ،وهذا الموضوع لا احد يعترض عليه نهائيا ، بما ان البترول هو الدخل الوحيد ، والدولة حريصة عليه لذلك فهي تعين من تعرفه وتثق به على مبدأ «الشيوخ أبخص «المهم ان يستمر تدفق البترول ويرتفع سعر البرميل ويكون بترولنا لنا !
بالمناسبة ،نحن نناقش مفهوم اصحاب الخبرة والاختصاص وهل هم الذين يعرفونهم كبار المسؤولين فقط ،ام الاخرون الذين أعطوا الدولة بصدق وصمت ومن دون بهرجة إعلامية وخرجوا من المنصب الحكومي وأيديهم نظيفة ،وقد شهد لهم بالنزاهة والكفاءة الا انهم ركنوا على الرفوف العالية، ولَم يعد احد يتذكرهم حتى في الدعوات الرسمية ،كنوع من التقدير .بينما المقربون تخلى لهم المناصب ويبحث لهم عما يسلون به أنفسهم ،فتجدهم يخرجون من هذا الباب ليدخلوا من الباب الآخر، وما اكثر المجالس العليا التي انشئت لكي يقضي فيها المقربون اوقات فراغهم كاستراحة على الطريق بانتظار المنصب الجديد !!ولو لاحظنا التعيينات خلال السنوات الاخيرة لوجدناها تدور في نفس الفلك ،او بنفس دائرة المشاورات ،يخرج وزير فيعين وكيل الوزارة بمكانه، ويتعين هو بأحد المجالس العليا تمهيدا لعودة في مرحلة لاحقة. والوكيل الذي اصبح وزيرا سوف يكون أمينا على اسرار من توسط له بالتعيين، ويستمر نفس الخط او نفس النهج من دون تغيير ولا حتى ابداع. هناك مثل عند الإخوة المصريين يقول «اللي تعرفه احسن من اللي ماتعرفوش» .
ونظرًا لكثرة الجالية المصرية عندنا، يبدو اننا تأثرنا بهم فأصبحنا نوزع المناصب بل نستحدث بعضها لمن نعرفه فقط، اما الكفاءات الاخرى فتدفن في احدى الوزارات الخدمية ،والطيب منهم يخدم ربعه او ينجز معاملاتهم بعيدا عن الروتين القاتل الذي نعاني منه، خصوصا موضوع «راجعنا باكر».
كلما سمعنا او قرأنا اسماء من يتم تعيينهم بالمجالس العليا وما في حكمها ،نتحسر على ضيق دائرة المشاورات وسوء الاختيارات، فمن سبق واعطى كل ماعنده في منصب حكومي ما الذي تعتقد انه سيستطيع عمله بالمنصب الاستشاري؟ وبالمناسبة هناك أعداد هائلة من رتبة لواء او فريق متقاعد ولَم يستفد منهم ولا من خبراتهم ، ويكاد يكون وزير الداخلية هو الوحيد الذي تمت الاستفادة منه كوزير ،ولايزال يصر على ان تذكر رتبته السابقة قبل لقبه ،وانا اعرف رئيس عرفاء اصبح رئيس جمعية تعاونية بالانتخاب ، ولايذكر رتبته السابقة قبل اسمه... زين.