الاثنين 30 سبتمبر 2024
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

المخدرات آفة... كيف التخلص منها؟

Time
الأحد 11 يونيو 2023
View
9
السياسة
غدير الطيار

يقول جان بو سارتر: "ليس المرء مجموع ما يملك، بل مجموع ما لا يملكه بعد وما بمقدوره الحصول عليه"، بمعنى ان الانسان عليه ان يكون على بينة مما يحدث حوله كي يستوعب مقدرته على الوصول الى الهدف الذي يسعى اليه، او بالاحرى هكذا افهم تلك المقولة.
من هنا فان التجارب التي يمر بها هي حصيلة حياة، وعليه ان يتعلم منها حتى لا يقع في الخطأ، لذا يقول سارتر ايضا: "عرفنا كل شيء في الحياة الا كيف نعيشها"، لاننا في الحقيقة نبني على الماضي وليس التعلم منه، ولذلك حين يعمل المرء على الاستفادة من تجاربه، عليه ان يدرك، كما قال العالم الروسي إيفان بافلوف: "رد الفعل التكيفي للكائن تجاه منبه خاص، ويكتسب هذا التكيف من وضع الكائن مكررا في الموقف نفسه".
لان في هذا الامر لا يكون قد تعلم من تجارب الماضي، وبالتالي يوصف في المجتمع انه "بصفة قد لا تعجبه" لانه يعيد الاخطاء نفسها كل مرة، ولهذا قال بافلوف ايضا: "يستطيع الكائن الحي تطوير منعكسات شرطية في حالات غير طبيعية"، وهذا بحد ذاته ما يمكن وصفه بالتعلم من التجارب.
مناسبة هذا القول هو الوقوع في الخطأ المتكرر عبر الادمان، ليس فقط الادمان على المؤثرات العقلية، بل حتى على العادات السيئة، التي تؤدي الى تقوقع الانسان في ما يشبه الكوخ النفسي، ولا يستطيع الخروج منه لانه اعتاد على ما توفره الراحة المصطنعة من الادمان على ذلك.
لا شك ان هناك طفرة في انتشار المخدرات، والمؤثرات العقلية التي يجرمها الشرع والقانون والمجتمع، لكن الاساليب المتبعة ليست كافية في معالجة هذه المسألة، وهنا علينا ان نأخذ التحذير المنشور على علب السجائر، فهو مع العادة اصبح محفزا على التدخين، لان الاضرار ليست ظاهرة للعيان، انما هي طويلة الامد. في علم النفس الاجتماعي تعتبر القواعد الاجتماعية سمات المجموعات التي تولد توقعات لسلوك أعضاء المجموعة الواحدة، وبالتالي لا بد من مراقبة السلوك والعادات الاجتماعية التي تؤدي الى جعل الانسان يتخلى عن علاقاتها الاجتماعية وينزوي. فالتنمر، مثلا، هو احد اسباب ما يمكن اعتباره هزيمة الفرد نفسيا، والانزواء، واحيانا تكون هناك ردود فعل عنيف، والكثير من هؤلاء يلجأون الى الافعال الشاذة، لكي يثبتوا قوتهم، بينما بعضهم يكون فريسة لموزعي المخدرات، وعندها يقع في الادمان، او يتحول الى تاجر بهذا النوع من المؤثرات العقلية، فهو يعتقد انه يثبت قوته وتحكمه بالاخرين، وهذه جريمة فظيعة.
صحيح تبذل الاجهزة الامنية في دول الخليج كافة جهودا ضخما من اجل مكافحة هذه الآفة، لكن كما يقال ان يدا واحدة لا تصفق، فاذا لم تكن هناك مؤسسات علمية تعمل على دراسة المتغيرات الاجتماعية والنفسية، فان الظاهرة ستبقى مستمرة، وستزيد من تدمير المجتمع، وعلى هذا النحو يمكن تفسير مقولة سارتر "ليس المرء مجموع ما يملك، بل مجموع ما لا يملكه بعد وما بمقدوره الحصول عليه"، لان هدف الدول الاساسي هو الاجيال القادمة، التي تعرف كيف تبنيها من خلال سلوك الاباء والامهات في الحاضر، والذي ينعكس على تصرفاتهم وافعالهم، وبالتالي هذا نداء للتعاون مع الحكومات بعامة من أجل مكافحة تلك الآفة.
ومما شد انتباهنا حملة السعودية والتي اطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للتصدي لتلك الآفة، وتخليص المجتمع منها، وهي حملة واسعة لمكافحة مهربي ومروجي المخدرات في المملكة،وتركز على التصدي لما يسمى مخدر "الشبو" أو "الكريستال"، إذ يعتبر من أخطر أنواع المخدرات.
لا شك ان هناك جهودا تبذلها اجهزة الأمن لتحقيق الأمان والاستقرار النفسي للجيل القادم.

كاتبة سعودية

‏@Ghadeer020
آخر الأخبار