الجمعة 09 مايو 2025
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

"المخطط الوراثي"... يناقش دور الجينوم البشري في سلوك الإنسان

Time
الخميس 30 يونيو 2022
View
5
السياسة
عرض - جمال بخيت:

صدر حديثاً عن مطبوعات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كتاب المخطط الوراثي كيف يجعلنا الـDNA من نكون للمؤلف روبرت بلومين والترجمة لنايف الياسين، يقع الكتاب في 311 صفحة من القطع المتوسط.
يكتب بلومين وهو الحجة في اختصاصه عن الثورة التي احدثها اكتشاف الجينوم البشري التي ستغير من دون شك حياتنا ومجتمعاتنا ولا يحتاج الامر سوى معرفة متواضعة بالطريقة التي أسيئ بها استخدام علم الوراثة كي نشعر بالقلق اضف الى ذلك التعطش للبيانات الشخصية على المنصات الرقمية العملاقة مثل "غوغول" و"فيسبوك" وسيتحول القلق الى رعب هذا فضلا على استخدام هذه البيانات من قبل أرباب العمل وشركات التأمين ولابد للمرء ان يكون مفرطا في التفاؤل مثل بلومين كي يعتقد ان مجتمعاتنا يمكن ان تتعامل مع العالم الجديد لعلم الجينوم الشخصي من دون تبعات سلبية وفي كل الاحوال يقول ان جني الجينوم قد خرج من القمقم ولن نستطيع اعادته اليه حتى لو حاولنا.
يحقق كتاب "المخطط الوراثي" قدرا من التشابك بين حكايتي الشخصية والـDNA الذي امتلكه لاضفاء مسحة شخصية على البحث وتشاطر تجربة الاضطلاع بالبحث العلمي. سنتمكن قريبا من تحديد احتمال ان يكون مولودنا الجديد عرضه للاصابة بالاكتئاب او الحصر النفسي او الفصام طول حياته وسنعرف مدى احتمال ان يعاني هذا المولود صعوبات في تعلم القراءة او السمنة او مرض الزهايمر عندما يتقدم في العمر.
هذا ما يؤكده روبت بلومين في كتابه "المخطط الوراثي" ويقول ان ذلك سيجعلنا اكثر تفهما للاشخاص الذين يعانون السمنة المفرطة او الاكتئاب وسيمكننا ايضا من دعم اطفالنا بشكل افضل بل التخطيط لمسار حياتنا نحن على نحو اكثر فعالية لكنه يخلص الى بعض الاستنتاجات المستفزة ومن بينها ان طرائق التربية التي يستعملها الاهل لا توثر كثيرا في الحصائل التي يحققها الاطفال يقول المؤلف "من المرجع ان يجتذب تركيزي على أهمية الاختلافات الموروثة في الـDNA النقد لاعادة احيائه المناظرة بين الطبيعة والتنشئة بعد وقت طويل من اعلان موتها على نطاق واسع. فقد اكدت طوال مسيرتي المهنية على الطبيعة والتنشئة معا، وليس على الطبيعة مقابل التنشئة، وهو ما اقصده من ان الجينات والبيئة تسهمان معا في الاختلافات النفسية بين الاشخاص، ان الاقرار بأن الجينات والبيئة كلتيهما مهمتان يعزز قوة الابحاث التي تجرى في نقطة التقاعد بين الطبيعة والتنشئة، والتي تشكل مجالا مثمراً للدراسة.
غير ان مشكلة لازمة "الطبيعة والتنشئة" هي انها تخاطر بالانزلاق الى خلف نحو النظرة الخطأ القائلة انه لا يمكن الفصل بين اثار الجينات والبيئة.
فلا احد لديه مشكلة في قبول ان البيئة التي نعيشها تسهم في تشكيل من نحن، ولكن قلة من الناس يدركون مدى اهمية الاختلافات في الـDNA، والسبب الذي يدفعني الى التركيز على الـDNA بوصفه المخطط الوراثي الذي يجعلنا من نحن هو اننا نعرف الان ان الاختلافات في الـDNA تشكل المصدر المنهجي الرئيسي للاختلافات النفسية فيما بيننا. فالاختلافات البيئة مهمة، ولكن ما تعلمناه في السنوات القليلة الماضية هو انها عشوائية على الاغلب - اي انها غير منتظمة وغير مستقرة - وهو ما يعني اننا لا نستطيع فعل كثير حيالها.
آمل ان يتمكن كتاب "المخطط الوراثي" من اطلاق نقاش حول هذه القضايا، والنقاش الجيد يتطلب معرفة بالـDNA، وهي المعرفة التي يحاول الكتاب تقديمها، خصوصاً فيما يتصل بالسمات النفسية المعقدة، وهذا يتطلب بعض المعرفة بالـDNA، والمعلومات الاحصائية المتعلقة بالاختلافات الفردية، والتقدم التكنولوجي الذي افضى الى ثورة الـDNA، وقد حاولت شرح هذه الافكار المعقدة بأكبر قدر ممكن من البساطة، فثمة قسم خاص بـ"الهوامش" في نهاية الكتاب يعرض المراجع ويقدم شروحا اضافية لهذه المواضيع وغيرها.
ولأن القضايا التي تعالج في كتاب "المخطط الوراثي" معقدة اكثر مما ينبغي، قاومت التطرق الى الابحاث التي اجريت حول مواضيع على الرغم من انها مثيرة جداً فإنها ليست جوهرية لفهم الاختلافات الموروثة في الـDNA في علاقتها بالسمات النفسية. وبعض هذه المواضيع المحاذية التي اكرهت نفسي على عدم التطرق اليها تشمل النشوء والتطور، وعلم التخلق والتعديل الواراثي.
آمل ان ينقل هذا الكتاب الاثارة التي اشعر بها حيال هذه اللحظة التاريخية في علم النفس. وقد بدأت الرسالة التي بعثت بها الابحاث السابقة بالترسخ، ومفادها ان الـDNA يشكل القوة المنهجية الرئيسة او المخطط الوراثي الذي يجعلنا من نحن. ان تداعيات هذا على حياتنا - على الابوة والتربية والتعليم والمجتمع - تداعيات هائلة، بيد ان كل هذا يحضر المسرح فقط لما سيكون الحدث الرئيس، الذي سيتمثل في القدرة على التنبؤ بمشكلاتنا النفسية وقدراتنا النفسية الواعدة من خلال الـDNA وهذه هي نقطة التحول التي يغير عنها الـDNAعلم النفس- علمياً وسيريريا - وأثر علم النفس في حياتنا. ان مستقبلنا هو الـDNA.
آخر الأخبار