المحلية
المدن ذات التنوع الديموغرافي أكثر تضرراًبالفيروس وتطوُّره الجيني
الأحد 10 مايو 2020
5
السياسة
اثبتت دراسات عدة ان الدول والمدن المستضيفة لسكان من جنسيات وأعراق مختلفة والمجموعات السكانية غير المتجانسة إلى أقصى حد وراثياً هي الأكثر تضرراً بانتشار وباء "كورونا"، وتطوره الجيني العدائي.هذا ما خلص اليه رصد المناطق والدول الأكثر تضرراً بجائحة الفيروس لمستجد وفق خارطة توزيع انتشار الفيروس في العالم كما تبينه بيانات منظمة الصحة العالمية والسلطات المحلية في كل بلد.هذه النتيجة توصل اليها مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والستراتيجية من خلال مسح للخريطة الديموغرافية لانتشار الوباء، وهي قد تفسر سبب زيادة تفشي العدوى في دول الخليج العربية، وبخاصة بين التجمعات السكانية غير المتجانسة، فضلاً عن تسجيل ذروة الوباء أيضا في مدن أخرى في العالم لا سيما ذات الكثافة والتنوع الديموغرافي الحاد على غرار مدينة نيويورك الاميركية، والعاصمة الفرنسية باريس، والعاصمة البريطانية لندن، ولومبارديا الإيطالية.ولقد اثبتت الاحصاءات اليومية ان المدن الخليجية المحتضنة للتجمعات السكانية الأكثر تنوعاً عرقياً وجينياً، خصوصا المستضيفة المهاجرين هي أكثر تسجيلاً لانتشار عدوى الفيروس، وأكثر من المناطق ذات التركيبة الديموغرافية المنسجمة، والأقل تنوعاً من ناحية العرق والتسلسل الوراثي الجيني للسكان.واثبتت دراسة الخريطة الديموغرافية للفيروس أن المدن والمناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية والتنوع العرقي شكلت مراكز انتشار الوباء في دول عدة وكانت الأكثر تضررا بالفيروس على العكس من المناطق الريفية والحدودية التي تنخفض فيها نسبة الكثافة السكانية والتنوع العرقي.وعلى مستوى خريطة توزع الوباء في دول" مجلس التعاون" الخليجي، فقد صنفت المحافظات ذات الكثافة والتنوع السكاني غير المتجانس أكثر تضررا، في حين صنفت بادية الخليج ذات النسيج الاجتماعي المتجانس الأقل تضررا.عالميا مثلت مقاطعة لومبارديا الاعلى اصابات بين الاقليم الإيطالية، وكانت بؤرة العدوى عند اول ظهور للوباء في إيطاليا، وتضم هذه المقاطعة أكثر المدن كثافة وتنوعاً ديموغرافياً وعرقياً، وأبرزها مدينة ميلانو التي تضم ملايين المهاجرين من جنسيات وعرقيات مختلفة.اما في فرنسا، فتعتبر العاصمة باريس اليوم الأكثر تضررا من فيروس كورونا، وهي المدينة الأكثر كثافة وتنوعاً ديموغرافيا وعرقياً وجينياً، حيث تحتضن تركيبة متنوعة من الجنسيات والأعراق وملايين المهاجرين، والسبب في ذلك هو أن التنوع الحاد في التسلسل الوراثي الجيني للسكان يضعف مناعة السكان ضد الأوبئة، والعكس بالعكس.وفي الولايات المتحدة، صنفت مدينة نيويورك كأكثر المدن الأميركية كثافة وتنوعاً ديموغرافياً وعرقياً، وهي اليوم تعتبر الأكثر تسجيلاً للوفيات بفيروس كورونا في الولايات المتحدة. كما بينت تقارير أن الأكثر تضررا بالعدوى السود الأفارقة في نيويورك، ومن الملاحظ أن الأقليات ليست أكثر عرضة للإصابة بيولوجيًا أو وراثيًا فقط، لكنها مهيأة اجتماعيًا لها، وقال مسؤولون في مدينة نيويورك:" إن السود واللاتينيين يموتون بمعدل ضعف عدد البيض".أما بريطانيا تعتبر العاصمة لندن الأكثر تضررا بالوباء، وذلك بسبب تنوعها ديموغرافيا، اذ تضم خليطا غير متجانس من السكان، مع نسبة مرتفعة من المهاجرين المنصهرين في المجتمع البريطاني، كما ان أدلة على الأقليات العرقية الأكثر تنوعاً في بريطانيا تتأثر بشكل غير متناسب وهي من بين الأكثر تضرراً بالجائحة.وفي الدرسات التي اجريت ثبت ان التنوع الجيني يؤدي دورًا رئيسا في تطور الأعراض الشديدة، كما أن هناك احتمالات بأن أعراض الفيروس مرتبطة بالجينات التي تسببها العوامل الوراثية، وكانت قدمت أدلة تجريبية لنظام مسار الفيروسات، حيث أن تجانس السكان يعزز التكيف المحلي السريع مع الوباء، وانخفاض ضراوة الفيروس، في حين أن وجود عدم التجانس الوراثي للسكان يسبب المزيد من تطور فيروسات خبيثة.واثبتت بعض الدراسات أن الفيروسات التي تطورت في المجتمعات غير المتجانسة معدية أكثر من الفيروسات التي تطورت بين السكان المتجانسين، وتدحض هذه النتائج التي اكدتها مؤشرات كثيرة لخريطة انتشار وباء" كورونا"، نتائج سابقة توصلت اليها دراسات كانت رجحت أن المجموعات السكانية المتجانسة وراثيًا أكثر عرضة للإصابة من السكان المتنوعين وراثيًا.في هذا السياق ذهب بعض الخبراء الى ان فهم تطور الفيروس بين السكان يصبح معقدا بسبب التنوع العرقي، اذ من الصعب التنبؤ بالظهور الفيروسي بسبب الطبيعة العشوائية للعوامل العديدة التي تحكم تطور المرض، فالعوامل البيئية، مثلها مثل التوزيع المكاني للأنماط الجينية للسكان، هي عوامل أساسية لفهم ديناميات تطور الأوبئة والأمراض المعدية.