الثلاثاء 29 يوليو 2025
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

"المياه البيضاء"... إِعتامُ عدسة العين لا وقاية منه وعلاجه الجراحة

Time
السبت 17 يوليو 2021
السياسة
* 95 في المئة من المصابين في سن الشيخوخة و5 في المئة من الأطفال والشباب
* العدسة الاصطناعية لا تتفاعل مع العين لأنها تتكون من مادة خاملة كيماوياً


القاهرة - منى سراج:


رغم أنها ارتبطت بكبار السن، إلا أن الإحصاءات كشفت إصابة بعض الشباب أو صغار السن بها بسبب تحلل الأنسجة داخل العين، نتيجة تعرضها للشمس بكثرة وعدم الوعي بأهمية ارتداء "النظارة الشمسية" التي تحمي من أضرار الأشعة فوق البنفسجية للشمس.
حول الإصابة بالمياه البيضاء التي انتشرت في الفترة الأخيرة، والوقاية منها وطرق العلاج أكد عدد من أطباء وجراحي العيون في لقاء مع "السياسة" أن المياه البيضاء ليست مرضا بل تغيرا فسيولوجيا يتسبب بإعتام عدسة العين مع التقدم في العمر وأن الجراحة هي علاجه الوحيد، مبينين أن من أسبابها التعرض كثيرا لأشعة الشمس، والحزن الشديد واستخدام قطرات الكورتيزون، وفيما يلي التفاصيل:

بداية، قال الدكتور محمد عمر، أستاذ طب وجراحة العيون، كلية الطب، جامعة عين شمس، زميل كلية الجراحين الملكية البريطانية: ان المياه البيضاء ليست مرضا لكنها تغير فسيولوجي يحدث مع تقدم العمر، يصنف ضمن أعراض الشيخوخة، و95 في المئة من المصابين في سن الشيخوخة والــ 5 في المئة من الأطفال والشباب.
وأوضح أنها تعرف علميا بإعتام عدسة العين الداخلية أو البلورية الشفافة الموجودة خلف القزحية التي يمكن أن تسبب ضعف الرؤية، مؤكدا أنها في الغالب تحدث بسبب التقدم في العمر لذلك يطلق عليها المياه البيضاء الشيخوخية، وفقا للمرحلة العمرية.
وأشار إلى أن هناك أنواعا عدة منها، المياه البيضاء الوراثية والمياه البيضاء المضاعفة الناتجة عن التهاب القزحية، الذي يحدث بسبب اصطدام العين أو إصابتها، أو نتيجة استخدام الكورتيزون كقطرة أو كعلاج لأمراض الجسم، هنا تكون الإصابة أثرا جانبيا أو عرضا لمرض آخر في الجسم.
وبين أن استخدام قطرات الكورتيزون لفترات طويلة دون استشارة الطبيب يتسبب بالإصابة، مبينا أن نقص الكالسيوم في الدم عامل آخر من عوامل الاصابة وفي هذه الحالة تكون مضاعفة لمن في عمر الثلاثين والحوامل، مشددا على أهمية الكشف المبكر فور شعور الشخص بضعف في النظر، وإجراء الجراحة حسب تشخيص الطبيب.
وحول المشاكل التي تحدث أثناء الجراحة، أكد د. عمر أنها نادرة، وتحدث كأثر جانبي، اذ لا يوجد مجال للخطأ الطبي لأن أي لمسة حتى لو بسيطة للسطح الخلفي للقرنية أثناء العملية تسبب تلفا للنسيج الطلائي الذي لا يجدد، وبالتالي ستفقد القرنية وظيفتها في هذه الحالة، كما قد يحدث قطع للمحفظة الخلقية للعدسة أثناء العملية أو تلف للخلايا الطلائية المبطنة لظهر القرنية فتؤدي إلى ارتشاحات في القرنية.
ولفت إلى أنه قد تحدث إصابة أو قطع في القزحية، لكن الأهم أن جميع هذه المشكلات يتجنبها الجراح الماهر والمتمرس فقط، فسر"الصنعة" أو المهارة تكمن في الممارسة ورصيد الجراح في العمليات السابقة الناجحة.

ماركات العدسات
من جهته، أكد الدكتور حسام زيادة، أستاذ مساعد طب وجراحة العيون، كلية طب الأزهر، أن المياه البيضاء ليست وباء أو عدوى ،لكن عدسة العين الطبيعية الشفافة إذا اعتمت ولم تؤد وظيفتها بالشكل الجيد، تضعف الرؤية، فيضطر المصاب لإجراء العملية بعدسة جديدة تتمتع بالقدرة البصرية نفسها ليستطيع الرؤية بشكل جيد، مشيرا إلى أن العدسة الصناعية تتكون من مادة "البولي اكريتك" الخاملة كيميائيا ، لذا لا تتفاعل مع أنسجة العين ولا تسبب التهابات. ونصح المصابين بالماء الأبيض بعدم السؤال عن أنواع وماركات العدسات، فالأهم من ذلك أن يسأل عن مواصفاتها وهل هي أحادية أم متعددة البؤرة، لأن تفاعلاتها تختلف وفقا لكل عين، أما شكلها وكفاءة الرؤية الليلية ودرجة التمييز بين الألوان وثلاثية الأبعاد وقدرتها على رؤية البعيد والقريب معا، فيحددها الجراح وفقا لاحتياجات المريض وإمكاناته المادية.

الأطفال والشباب
أضاف : تزداد الإصابة بالمياه البيضاء أحيانا عند الشباب وعند الأطفال بسبب الجينات الوراثية أو عدوى الأم أثناء الحمل مثل، الحصبة الألماني والهيربس، مما يؤثر على علاقة مركز الإبصار مع المخ، لذا يجب الوقاية من المشاكل التي تحدث أثناء الحمل، حتى لا تؤدي إلى انفصال شبكي ، وقطع في القرنية، أو قطع في العين، كما أن زيارة مرة واحدة في العمر للطبيب تنقذ عين الشخص.
وفيما يتعلق بأسباب إصابة الشباب بها أكد أن ذلك يحدث نتيجة السكر غير المنضبط الذي يؤثر على السوائل التي تدخل العين، فتحدث أمراض الشبكية وأمراض المياه البيضاء المبكرة، لأن العدسة عبارة عن طبقة من الألياف والبروتينات يكون دورها هو إحداث توازن كيميائي بين السوائل، الصوديوم، البوتاسيوم، والسكريات، مثل الجلكوز واللكتوز المتواجد بنسب محددة داخل وخارج العدسة، هذا التوازن يجعل العدسة شفافة، فإذا قل التوازن تنكمش العدسة وتتحول بروتيناتها من طبيعتها الشفافة إلى طبيعة غير شفافة فتحدث عتامة داخلها ويضعف النظر.
وأشار إلى أن مضادات الأكسدة تؤجل تغير العدسة وتكوين المياه البيضاء، وفي حال تكونها لا شيء يزيلها سوى عملية جراحية، كذلك يُحدث نقص الكالسيوم خللا في دورة الأيض أو دورة التمثيل الغذائي للعدسة لأنها تحتوي على بروتين، ومواد عضوية، وأملاح بنسب محددة وعند حدوث هذا الخلل فإنه يؤدي إلى ترسبات وعتمات داخل العدسة، مسببة المياه البيضاء، لهذا يرتبط الأكل الجيد والتمثيل الغذائي الجيد بصحة العين وقوة الإبصار.
ولفت إلى أن التعرض لأشعة الشمس الشديدة يعد أحد العوامل المسببة للإصابة، لأنها تحتوي على نسب مرتفعة من الأشعة فوق البنفسجية، فتصيب العاملين في الصحراء أو البحر لفترات طويلة، ولا يمكن تلافي أضرار انعكاسات الأشعة الضارة دون ارتداء النظارات الشمسية، لذا يمكن تلافي الإصابة بتلافي مسبباتها.
طرق علاجية
بدوره ، قال الدكتور عمر المصري أستاذ طب وجراحة العيون إن الله تعالى قال في القرآن الكريم "وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم"، وهذا الوصف لا يتعارض مع الحقيقة العلمية التي أثبتت أن الحزن العميق يسبب المياه البيضاء، كما يتفق قوله تعالى "فألقاه على وجهه فارتد بصيرا" مع الطريقة التراثية لعلاج وإزالة المياه البيضاء بخبط المريض فوق عينه والتي يطلق عليها "كالشوك تكنيك".
بعد ذلك ظهرت الطريقة الثالثة للعلاج وكانت عبارة عن جراحة بدائية تتم عن طريق الفتح بآلة صغيرة تؤدي إلى خروج العدسة بالكبسولة ،ولأن هذه الطريقة كانت لا تتيح مكانا لزرع عدسة جديدة فكان المصاب يرتدي نظارات شديدة السمك، و ظل الأمر كذلك حتى جاءت الطريقة الجراحية الحديثة التي تعتمد على فتح محفظة العين وزراعة عدسة جديدة ثم إزالة المياه البيضاء بالموجات فوق الصوتية بجهاز في حجم "سن القلم" يحتاج لفتحة 2 مللي للكبسولة الأمامية في العدسة فيفتت المياه ويشفطها بنفس الآلة ثم تغسل قشرة المياه بشكل كامل، والآن تستخدم طريقة "الفيمتوليزر" وهي مكلفة جدا.

الفطرالاسود
في السياق، نفى الدكتور أحمد عبد الكريم ،أستاذ طب وجراحة العيون، كلية الطب، جامعة الإسكندرية، أن يكون أكثر المعرضين للإصابة بالمياه البيضاء هم مرضى العناية المركزة بسبب حالتهم الخطيرة وشبه الفاقدين للمناعة، الذين يتعرضون للإصابة بالفطر الأسود الذي يدخل عبر الجيوب الأنفية ليغزو المنطقة حول العين، مهددا بالعمى الكلي، لافتا إلى أن ما يشاع عن علاقة هذا الفطر بجراحات الماء الأبيض ليس سوى ضجة عالمية مبالغ فيها، فمن النادر وجود علاقة بينه وبين المريض شديد الخطورة الذي يعاني من انخفاض شديد في درجة المناعة، فيحدث له فقدان للرؤية بسبب تلف العصب البصري داخل الجمجمة مما يحتاج معه إلى علاج بأدوية مضادة للفطريات وأخرى لتقوية المناعة.
وتابع : لقد أصدرت منظمة الأمم المتحدة في عام 2000 تقريرا يؤكد وجود أكثر من مليون شخص مصابين بالمياه البيضاء حول العالم، والآن بفضل التقنيات الحديثة لإجراء العمليات الجراحية أصبح التدخل مبكرا متاحا بشكل كبير، الأمر الذي أدى إلى تحقيق نتائج جيدة لعلاجها، منها أن المريض لم يعد في حاجة إلى ارتداء "نظارة القراءة" اذ يتم زرع عدسة للمصاب لعلاج "الاستيجماتيزم" ، مع الأخذ في الحسبان أن 80 بالمئة من أنواعها يأتي نتيجة كبر السن، بالتالي لا وقاية منها ، مثلها مثل الشعر الأبيض.

مهارات مكتسبة
من ناحيته، أكد الدكتور إيهاب سعد ، أستاذ طب وجراحة العيون، جامعة القاهرة: أنه لا يوجد علاج للمياه البيضاء سوى الجراحة التي تعد الطريقة الوحيدة، رغم انها عملية متوسطة الخطورة لكنها ليست بسيطة وتحتاج إلى مهارات مكتسبة للطبيب وتدريب مستمر، فإدخال موجات صوتية داخل العين لو لم يتحكم الطبيب جيدا في طاقتها، وقدرتها، وكميتها، واتجاهاتها ولم يستطع ضبط الطاقة الخارجة فوق العين من الممكن أن تحرقها. وأشار إلى أن نسب نجاح الجراحة تعدى الـ95 بالمئة ويستطيع المريض الرؤية في اليوم التالي مباشرة بقوة إبصار 6/6 ، فلا توجد التهابات في عينيه أو أثر لغرزة طبية، كما يعود لعمله في خلال 6 أيام.



آخر الأخبار