منوعات
النبي داوود لان له الحديد وأتقن صناعة الدروع
الأحد 10 أبريل 2022
790
السياسة
اصطفى اللهُ من البشر رجالاً، هداهم إلى الحق، طهَّرهم وباركهم، وكلَّفهم بان يكونوا لأقرانهم مُبشرين ومُنذرين، ينقلون إليهم تعاليمه، ويبلغونهم بحلاله وحرامه، ولأنه تعالى عليم بذات الصدور، فقد زوَّدهم بقدرات خارقة لسنن الكون، وأيَّدهم بمواهب خاصة وعلامات تنطق بالقدرة المُطلقة لعلَّها تكون سبباً للتقوى والإيمان، وتلك هي معجزات الأنبياء.كتبت - إيمان مهران كان نبي الله داوود عليه السلام أحد جنود طالوت وهو اول ملك على بني إسرائيل، وكان داوود وقتها صغير العمر، ولكنه كان يتمتع بقوة بدنية كبيرة وذكاء متقدا وكان جميع بني قومه يشهدون له بحسن التدبير وسعة الحيلة، فكان يخرج مع جيش الملك طالوت في المعارك ويظهر فيها من البسالة والإقدام ما يجلب له التقدير والاحترام، وهكذا اتقن الشاب الصغير تعلم فنون القتال وإدارة أمور المملكة، وبعد ان بلغ الاربعين اصطفاه الله ليكون نبيا لتكتمل له صفتا الملك والنبوة معا.ومن المتعارف عليه في ذلك الوقت بين أفراد الجيش استخدام السيوف الثقيلة الوزن التي تتطلب من الجندي امتلاك قوة بدنية كبيرة تعينه على مواجهة الاعداء وإظهار الشجاعة في مواجهتهم، إضافة الى حمله السيوف والسهام ثقيلة الوزن التي يظل يحملها طوال الوقت وطوال المسافات التي يسيرونها في الصحراء، كما أن الدروع التي كانوا يحتمون بها على صدورهم لم تكن إلا قطعا ضخمة الاحجام ثقيلة الوزن توضع على جسد المحارب لتقيه من ضربات السيوف والسهام المتلاحقة.وكان النبي داوود وقتها يعمل ويأكل من عمل يديه فكان يصنع الأواني والأدوات البسيطة المستخدمة في المنازل ويبيعها للاسترزاق منها، وعندما اختاره الله تعالى للرسالة النبوية وآتاه الزبور ليهدي بني إسرائيل بعد ان عادوا للزيغ والفساد وغرتهم قوتهم، فاعتدوا على الضعفاء وظلموا وتجبروا وكان امرهم فرطا، وكان الزبور كتاب حكمة وعظات تذكر قوم اسرائيل بماضيهم وكيف اغاثهم الله تعالى ومكن لهم في الارض واتاهم من فضله الكثير.ولأنه تعالى يعلم ميل بني اسرائيل للشك والتمرد، فقد زوّد نبيه الكريم بمعجزة من جنس ادوات العصر التي يستخدمها القوم وهي الحديد، وكانت معجزة "تليين الحديد" كما ذكر فى كتاب الله (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) واحدة من المعجزات التي أنزلها عليه تعالى لإقناع بني إسرائيل الضالين، وأعانه تعالى على صنعته التي كان يتكسب منها وهي الحدادة، فكان الحديد يلين كقطعة عجين بين يديه من دون استخدام للنار ولا المطرقة كما كان متعارف عليه بين الناس، فكانت من المعجزات الإلهية التي تعجب لها بنو إسرائيل، فآمن به بعضهم واتبعوه، ورفض بعضهم الانصياع وتمسكوا بفسادهم وأكثرهم من الاحبار والأعيان الذين خافوا من فقدان نفوذهم لو انصاعوا للنبي الجديد. هذا الاعجاز الالهي الخارق للعادة ساعد النبي داوود في تسخير مهنته لنفع قومه وخصص جُلّ وقته لإنتاج اسلحة فتاكة وبكميات كبيرة وأشكال وأوزان مناسبة تتيح للجنود حملها بسهولة واستخدامها في المعارك من دون عناء شديد، خلافا للأحجام الثقيلة التي كانت تشق عليهم من قبل، كما ادخل تحسينات على الدروع الواقيه للأجسام، فصنع قميصا من الحديد زوده بحلقات أخف وزنا غير تلك التي كانت تثقل على أجسام المحاربين وتبطئ من حركتهم أثناء المعارك فكانت معجزة تليين الحديد بين يدي نبي الله داوود خدمة ومنفعة لبني اسرائيل، كما قال تعالى فى كتابه الكريم (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ).وذات يوم نشبت معركة بين اليهود بقيادة ملكهم طالوت ومن بينهم نبي الله داوود، وبين ملك ظالم تحدث عنه القران الكريم يسمى جالوت، وكان يخشاه الجنود لقوته وعظم قبضته ووحشيته في القتال، فتقدم داوود عازما على قتال هذا القائد المظفرالذي يفر من امامه الجميع، فأدرك القوم انه هالك لا محالة، فما من احد بارز جالوت ونجا، ولكن "داود" لم يهتز وتقدم نحوه بثبات مؤيدا بمدد من الله تعالى واستطاع بالحيلة والذكاء ان يطرحه ارضا، وتخلص منه بضربة واحدة من مقلاعه قضت عليه في الحال وسط صيحات وتهليل الجنود وارتباك في جيش الاعداء لتنتهي المعركة بانتصار حاسم لجيش بني اسرائيل. ومنذ ذلك الوقت أعجب الملك طالوت بشجاعته ومهارته وقربه منه، وأصبح يستشيره في أمور المملكة، كما أعجب بأسلوب تفكيره وحكمته وبراعته في تسوية الخلافات وهكذا مكّن الله لنبيه داوود ليصبح ملكا على بني إسرائيل:(يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ).