الجمعة 16 مايو 2025
36°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

النبي يحيى... آتاه الله الحُكم صبياً

Time
الأربعاء 05 مايو 2021
View
40
السياسة
قصص الأنبياء

إعداد - إعداد شروق مدحت وايمان مهران

(لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)

ورد ذكر نبي الله "يحيى" خمس مرات في القرآن الكريم، وكان والده زكريا عجوزا مضى به وبزوجته قطار العمر ولم ينجبا، وكانا في شوق دائم لإنجاب طفل، وظن زكريا أن حلم الانجاب قد أنتهى، وعليه ان يرضى بقسمة الله، فقد كان رجلا تقيا كثير التقرب من ربه كثير التضرع إليه، وكان على صلة قرابة ومودة بالسيدة مريم ابنة الناصرة وكلما زارها في المحراب، وجد عندها رزقا كثيرا، طعاما وشرابا شهيا لا يعرف مصدره، فاكهة في غير أوانها، فكان يسألها من أين لك هذا الرزق اذ كان الوحيد الذي يتردد عليها ويحمل اليها الزاد والمؤونة، فتقول إنه من عند الله تعالى دون مزيد من التوضيح.
لم يندهش زكريا من ردها، فهو مؤمن بقدرة الله، إذ إنه ينتمي الى بيت نبوة، كان يفكر في الأمر، ويجدد قناعته أن الله قادر على كل شيء، فهو يرزق مريم الفتاة الضعيفة الوحيدة من حيث لا تحتسب ولا تدري، وبعد ان فاضت مشاعره وأحس بالقرب من الحضرة الإلهية، عاوده الحنين للذرية فاستجمع شجاعته ثم دعا ربه القادر على كل شيء أن يرزقه الولد الذى ينشده طوال حياته، وهو يعرف أنه عقيم، ولا يمكن أن يرزق بأطفال وفقا لمجريات السنن الكونية، وضاعف يقينه بطلاقة قدرة الله، وأدرك أن بصيرته لم ترشده الى الخلاص كما فعلت مريم، قرر أن يعتزل الناس ثلاث ليال، لا يتحدث مع أحد، يدعو ربه بقلب صادق ويقين لا يتزعزع أن يرزقه كما رزق مريم بفضل من عنده.
تقبل الله تعالى دعاء زكريا، وبشرته الملائكة بالغلام المنتظر، بل اختارت له الاسم، فكان "يحيى" او يوحنا المعمدان كما يعرفه النصارى، يقول تعالى: (فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ).
ويقول تعالى فى آية أخرى: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) ويقول أيضا: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).
ظل زكريا يدعو ربه ويشكره على النعم التي أعطاها له ولولده، ويدعو له بالصلاح فاستجاب له، وعندما كان يحيى غلاما في مقتبل العمر، كلفه الله برسالة يجدد بها ايمان بني إسرائيل، ويدعوهم للتطهر من الآثام، ويحثهم على الابتعاد عن المحرمات والمفاسد التي تضاعفت في عصره ويحذرهم من سوء العاقبة، ونزل كتاب الدعوة على يحيى في بيت المقدس وهو في بواكير الشباب، وآتاه الله تعالى الحكم صبيا، يقول تعالى: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)، وكانت دعوته للاغتسال في مياه نهر الأردن كطقس رمزي، يشير الى ضرورة ترك المعاصى التي يقترفها اليهود، احد اهم أعمدة الايمان المسيحي حتي يومنا الراهن.
تميز النبي "يحيى" بالرحمة وطيب النفس، ولم يرتكب خطيئة علنية في عمره، بارا بوالديه، ويطيع أباه وأمه في كل الأمور، كما يصفه القران: (وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً) ثم قال تعالى: (وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً) فقد كرمه الله تعالى كما كرم والده زكريا.
قال تعالى: (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ)، ولا شك ان صلاحه هو الدرس الأكبر في قصته، فعندما يصلح الانسان قلبه ولا يصبح فيه مكانا للشرور والمعاصي يصبح مهيأ لتلقي المعجزات.
آخر الأخبار