كابول، عواصم- وكالات: تواصل حركة "طالبان" حملتها العسكرية الرامية إلى الاستيلاء على ولاية بنجشير، آخر بؤرة للمقاومة المناهضة لها في أفغانستان، مع ورود أنباء متضاربة بشأن واقع الوضع الميداني هناك.وادعت مصادر في "طالبان"، ليل أول من أمس، أن الحركة استكملت سيطرتها على عموم أراضي أفغانستان، ما تسبب في احتفالات واسعة بين عناصرها في العاصمة كابول، غير أن "جبهة المقاومة الوطنية" بقيادة أحمد مسعود سرعان ما نفت صحة الأنباء عن سقوط بنجشير، واصفة إياها بأنها مجرد "كذب ودعاية".وأصدرت "طالبان" لاحقا بنفسها بيانات تتناقض مع تصريحاتها المذكورة، إذ أوضح المتحدث باسمها، بلال كريمي، على حسابه في "تويتر"، أمس، أن الحركة تسيطر الآن على أربع مناطق في بنجشير، وهي خنج، وهي تعد أهم منطقة من الناحية الستراتيجية في بنجشير، وعنابة، وهي قرب مركز الولاية، وشتل، وبريان.وأقر المتحدث بأن منطقة آبشار، المهمة لا تزال خارج سيطرة "طالبان"، مشيرا إلى أن قوات الحركة تواصل تقدمها نحو مركز الولاية.بدوره، أعلن المتحدث باسم "جبهة المقاومة"، فهيم دشتي، على حسابه في "تويتر"، أن اشتباكات عنيفة اندلعت في منقطة بريان وممر أنجمن الجبلي.وتعهد أحمد مسعود عبر صفحته في "فيسبوك" بمخاطبة الناس قريبا بخصوص تطورات الوضع، قائلا: "الهزيمة تحصل فقط عندما تتوقفون عن القتال وتتعبون".ويصعب الآن التأكد من صحة إعلانات كل من الطرفين عن مكاسبهما الميدانية في بنجشير، خاصة وأنهما لا يقدمان عادة أي أدلة تثبت صحة ادعاءاتهما.وأفادت وسائل إعلام بأن قوات المقاومة في ولاية بنجشير نفذت مناورة أتاحت لها محاصرة مجموعة كبيرة من قوات حركة "طالبان" في المنطقة.وقال مصدر مطلع إن قيادة "جبهة المقاومة" وضعت خطة لاستدراج مجموعة كبيرة من قوات "طالبان" إلى مواقع مفتوحة في داخل بنجشير والقضاء عليها بنيران المدفعية والأسلحة الثقيلة، وذلك بغية تفادي سيناريو الحصار طويل الأمد للولاية من قبل الحركة.وأوضح المصدر أن المقاومة بهذه الخطة تستهدف خرق الحصار المفروض على بنجشير وإنشاء حزام أمني أوسع يشمل ولايات مجاورة.واضاف المصدر أن "طالبان" فشلت في إعادة تنظيم قواتها والتراجع تحت النيران، وتكبدت خسائر ملموسة في عدد القتلى، فيما استسلم العديد من مسلحيها، مضيفا أن جزءا من قوات الحركة تمكنت من التراجع إلى منحدرات الجبال التي تحيط بالوادي، وتلاحقها قوات المقاومة حاليا.من جانبه، أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" جون كيربي أن واشنطن لا تنوي مساعدة قوات "جبهة المقاومة الوطنية" في مواجهتها لقوات "طالبان"، مشيرا إلى أن المهمة العسكرية للولايات المتحدة في هذه البلاد انتهت.ومع ذلك، أوضح كيربي أن الولايات المتحدة احتفظت بحقها في "شن ضربات لمكافحة الإرهاب من الخارج في حال وجود ضرورة للرد على التهديدات للمصالح والأراضي الأميركية".إلى ذلك، أطلق عناصر حركة طالبان قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرة نسائية في العاصمة كابول أمس.
وقال موقع فضائية "طلوع نيوز" الأفغاني، أن "عددا من الصحافيات والمدافعات عن حقوق النساء تظاهرن لليوم الثاني على التوالي في كابول، للمطالبة باحترام حقوقهن وإشراكهن في الحكومة المقبلة".وأضاف أن "المظاهرة النسائية شهدت أعمال عنف، عقب تفريقها باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، لمنع المتظاهرات من الوصول إلى القصر الرئاسي"، فيما لم يذكر الموقع وقوع إصابات بين المتظاهرات.وأول من أمس، شهدت كابول مظاهرة نسائية أمام القصر الرئاسي، ورفعت المشاركات لافتات مدونا عليها عبارات أبرزها: "الرجال والنساء متساوون في الحقوق" و"مجتمع بدون نساء مجتمع ميت".وقالت وسائل إعلام أفغانية أن عدد القتلى والجرحى يتجاوز 70 شخصا جراء إطلاق النار في كابول ليل أول من أمس.وقال مصدر في طالبان وشهود عيان إن المسلحين كانوا يطلقون النار ابتهاجا "وسط أنباء متضاربة تحدثت عن سيطرتهم على ولاية بنجشير.وطالب ممثلو قيادة الحركة أنصارها بوقف مثل عمليات إطلاق النار هذه.وأعلنت أنه سيتم اعتقال المسلحين الذين أطلقوا النار في الهواء وتسببوا في مقتل المواطنين، وستجري محاسبتهم. على صعيد آخر، أعلنت قطر أن خبراءها نجحوا جزئيا في إعادة تشغيل مطار حامد كرزاي الدولي في العاصمة الأفغانية كابول، للتمكين من إيصال مساعدات إنسانية من دول مختلفة إليه.وصرح السفير القطري لدى أفغانستان، سعيد مبارك الخيارين، أن الفريق الفني القطري عمل على مدى خمسة أيام متتالية ونجح في إعادة تشغيل المطار جزئيا "بحيث بدأت الرحلات المخصصة للمساعدات الإنسانية بالوصول، وعلى رأسها طائرة قطرية تحمل 15 طنا من المساعدات الغذائية لأفغانستان.وأضاف السفير أن الرحلات الإنسانية إلى المطار ستستمر في الأيام القادمة، مضيفا أن العمل جار على إصلاح المشاكل الفنية الأخرى، متعهدا بأن الرحلات الدولية في المطار ستستأنف قريبا.وأوضح أنه حتى الآن تم إصلاح الرادار وبرج الاتصالات والمدرج وتأمين الأمن داخل المطار وخارجه، بالتعاون مع السلطات الجديدة، مضيفا: "نحن بصدد تقييم الوضع الإداري للمطار وإعادة تشغيله خلال فترة زمنية قصيرة".وأشار الديبلوماسي القطري إلى تسيير رحلتين مدنيتين داخليتين للطيران الأفغاني أمس، إحداهما إلى مزار شريف والثانية إلى قندهار.وقال رئيس هيئة الطيران المدني في أفغانستان المولوي رحمه الله كلزار إن الجنود الأميركيين دمروا 70% من أجهزة المطار قبل مغادرته نهاية الشهر الماضي، مشيرا إلى أن أفغانستان تملك حاليا 4 طائرات فقط ينتهي عمرها التشغيلي بعد عامين.