النصب والاحتيال ... جشع لا ينقطع

أحمد الدواس

قبل فترة، دخل مئات الكويتيين والمقيمين في الكويت معرضاً عقارياً فوجدوا شركة تُبهر الناس بالديكور الفاخر وحسن الاستقبال مع موظفة حسنة المظهر، وعدتهم بشراء بيوت في أميركا وتأجيرها لهم مقابل نسبة 20 في المئة، فدفع كل منهم 50 ألف دولار، وتبين ان البيوت تالفة ُومحملة بالضرائب ولا يمكن بيعها أو السكن فيها، وموجودة بمنطقة تكثر فيها الجريمة.
في الأيام الماضية لجأ نحو 350 كويتيا إلى أعضاء مجلس الأمة بشكوى طلبوا فيها المساعدة لاسترداد أموالهم من شركة تركية كانوا قد تعاقدوا معها لشراء فلل سكنية في تركيا في عام 2013، من خلال مكتبها في الكويت الذي أغلق أبوابه بعد تسلُّم ملايين الدنانير وتحويلها إلى تركيا، وقالوا:" حاولنا الوصول إلى حقنا من خلال رفع قضايا في المحاكم التركية، لكن طوال هذه المدة لم نحصل على شيء".
وقالت مواطنة إن شخصا تواصل معها عبر الهاتف من رقم محلي، وأبلغها بأنه ممثل شركة شهيرة تتعامل في الأسهم والعقارات في بريطانيا، وطلب منها مبلغ 10 آلاف دينار، وبعد أن حولت له مبالغ على دفعات،تواصلت مع الشركة لتكتشف أنها تعرضت للخداع، وأنها تكبدت خسارة قدرها 40 ألف دينار.
ظهر لي فجأة شخص من البرتغال يطلب صداقتي في "فيسبوك"، قلت أتسلى، فقلت له: "مويتـو برازير" (أي تشرفنا)، مل يرد عليَّ، قلت له بالبرتغالية: أنا اشتغلت بالخارج، ما رد، قلت له بالانكليزية والعربية، فرد باللغة "العربية" برسالة يقترح فيها عملا تجاريا، فحذفت رسالته الى حيث ألقت رحلها أم قشعم، وهو مثل عربي يضرب للشيء الذاهب، لا تُرجى عودته، أو دعاء على ما يسوؤك ليذهب عنك الى غير رجعة.
وجاءتني رسالة تقول بأسلوب مقصود ليدخل الرهبة في النفس:" أنا فلانة، مديرة صندوق النقد الدولي، يرجى مراجعة وزارة الخزانة الأميركية، لقد اكتشفنا ان مسؤولين فاسدين بالبنك يحاولون تحويل أموالك، اتصل بنا وأرسل معلومات عنك، واستلمت رسالة مشابهة تزعم أنها من الانتربول (الشرطة الدولية) ليتعجل الناس في الاستجابة وتنفيذ المطلوب منهم، وكتب شخص رسالة ذيلها باسم الأمم المتحدة، بشكل أراد فيه التأثير والإقناع ان "الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي" قد اختارا تعويض 150 شخصا في جميع أنحاء العالم بأنهما سيدفعان لهم عبر أجهزة صرف البنوك مبلغ 750 ألف دولار، فقط أعطنا بيانات عن بطاقتك المدنية لكي نستخرج لك رقم بطاقة الصرف، بل وأرسلت شركة "كوكا كولا" رسالة، ذكرت فيها أن بريدي كان ضمن الفائزين بمليون دولار، وأن عليَّ ملء النموذج المتضمن بياناتي.
الصورة التقليدية منذ سنوات في النصب والاحتيال تتمثل برسائل يرسلها أفـارقة، لا سيما من نيجيريا وبوركينافاسو، وما زالوا يمارسونها عبر الانترنت، إذ يزعم أحدهم ان لديه مشروعاً، وان فرص المشروع تدر أرباحاً مؤكدة،وأنه سيدفع لك مبلغاً ضخماً كربح، فيقول أحدهم برسالة:" لديّ كذا مليون دولار، وأنا مصاب بالسرطان وأيامي في الحياة معدودة"، وأنه سيحول الأموال لي لإنفاقهـا على المحتاجين واليتامى والجمعيات الخيرية، ويريد فقط رقم بطاقتي البنكية، وبيانات الهوية.
أقول لمن يزعم أنه من سكان بوركينا فاسو: ان رسائلكم نصب واحتيال، وكلكم من بلدان تجتاحها عصابات إجرامية، وتعيشون في أخطر البلدان، فلا غرو ان تتعودوا على الحيلة والجريمة، فلديكم تنظيم القاعدة الإرهابي الذي يمتد من مالي الى باكستان، ويغتال الناس في غرب أفريقيا، إذ قتل الداعية الكويتي الشيخ وليد العلي وزميله الشيخ فهد الحسيني في نوفمبر2019، فرحم الله شهيدي الخير رحمة واسعة.
الماضي جميل بقصصه وأخلاق الناس والموسيقا الشجية، والحاضر سيئ في نواح كثيرة.
قال أحدهم:"إن المادة الوحيدة التي لا نجدها تُدرس بجامعات العالم هي الأخلاق، قد ينجح بها عامل النظافة، وقد يرسب بها دكتور".

سفير كويتي سابق
[email protected]