الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

النواب يسعون إلى سرقة الكويت بـ"العافية"

Time
الثلاثاء 11 يوليو 2023
View
10
السياسة
نافع حوري الظفيري

يبدو أن شراهة النواب الى الاقتراحات الشعبوية طغت على رؤية الواقع، ولهذا لم ينظروا الى العواقب المترتبة على ما يقترحونه، ولا هم ادركوا ان بعضها سيجعل الكثير من المواطنين يعمدون الى مزيد من الكسل وعدم الانتاجية، ومنها المطالبة بضم ربات البيوت لبرنامج "عافية" الذي اصبح نغمة يعزفها كل مستفيد، فيما تستغلها المستشفيات والمراكز الصحية الخاصة للانتفاع اكثر، وهذا بحد ذاته يعني استقالة القطاع الصحي الرسمي من مهمته، ويمهد الى المزيد من سوء خدماته.
صحيح ان الدولة كفلت الرعاية الصحية للمواطن، وهي في هذا الشأن امنت البنية التحتية اللازمة لذلك، لكن سوء التعاطي مع الشأن الطبي، وعدم الاختيار الجيد للكوادر الوطنية والاجنبية، وشراهة اصحاب رؤوس الاموال الى مزيد من الارباح، دفع الى تأسيس قطاع طبي خاص، يستفيد من سوء الخدمات الطبية في القطاع الحكومي بالمزيد من الاقبال عليه، لكن في المقابل اذا كانت هناك حالة حرجة يصار الى تحويل المريض للمستشفيات الحكومية، اي ان هذه المرافق هي خدمات شبه فندقية. لا شك ان بعضها اصبح تجاريا على حساب صحة المواطن، يضاف اليه تجارة الادوية التي تشكلت على هامش هذه الممارسات، وكذلك العلاج في الخارج الذي هو منفعة غير مباشرة للنواب، وهو سياحة اكثر مما هو علاج، وكل هذا على حساب القطاع الطبي الحكومي، والمالية العامة التي لا شك ستواجه عجزا في الموازنة المقبلة، لان الممارسة في الاصل خطأ.
الطامة الاخرى التي يسعى النواب الى زيادة شعبيتهم، وهي خفض سن التقاعد، والمزيد من ضخ المتقاعدين في قائمة "التأمينات الاجتماعية" التي تسجل سنويا عجزا اكتواريا، ولهذا فان الكثير من الموظفين سيلجأون الى التقاعد المبكر، فالمرأة العاملة لن تكون بحاجة الى الوظيفة بعد ان تيسرت كل سبل الراحة لها، وربة البيت غير العاملة لن تحتاج الى الوظيفة، لان الدولة تكلفت لها بالعلاج السياحي، والاعانة الشهرية لها من "الشؤون الاجتماعية"، وبرنامج "دعم العمالة الوطنية" الذي اصبح منفعة ومصدرا للبطالة المقنعة، وكل هذا يضغط على التركبية السكانية لان البلاد ستحتاج الى المزيد من العمالة الوافدة، وكذلك على المال العام الذي مصدره هو النفط كمصدر وحيد للدخل.
في دول العالم كافة هناك رؤية لمشروع الدولة، والهدف من الانتاجية التي تتوخاها، وهي تدفع الى تعزيز المداخيل من اجل تأمين اكبر قدر من رفاهية شعوبها، ومنها النرويج وسويسرا اللتان هما اكثر ثروة من الكويت، ولم تعملا على افساد شعبيهما بالرشوة المقننة، والكسل، بل ان الصندوق السيادي النرويجي الاول عالميا، لان الادارة التنفيذية للدولة تسعى الى تأمين حاجات الشعب بالمنطق، وليس بـ"هوجة" نيابية كما هو حاصل في الكويت.
كنا نأمل ان يكون النواب في المجلس الحالي قد ادركوا الاخطاء التي وقع بها اسلافهم في المجالس المتعاقبة، ويعملون على انهاض البلاد، وليس المزيد من تحميل المالية العامة اعباء هي بغنى عنها، لكن الكتاب يقرأ من عنوانه، وطالما انهم اقترحوا ضم ربات البيوت الى "عافية"، يحق عليهم القول انهم يسعون الى استباحة المال العام بـ"العافية"، فهل يرعوي هؤلاء ويدركون المخاطر المترتبة على الدولة مستقبلا، اما اننا سنكون الى تعمد اقتراحات تزيد من بؤس الكويتيين في المستقبل، وتحمل الاجيال القادمة ما لا يمكنها حمله؟

محام وكاتب كويتي

[email protected]
آخر الأخبار