الخميس 19 يونيو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
المحلية

"النيابة": "السياسة" فكَّت غموض "تسريبات خيمة القذافي" وكشفت الحقيقة

Time
السبت 19 ديسمبر 2020
View
5
السياسة
* مقصد الناشر سليمٌ واجتهاده حسن وضميره يقظ بما ينسجم مع ظروف الواقعة
* للصحافة الحق في انتقاد السياسيين والناشطين في الحقل العام مهما قست لغة النقد
* لا يلزم أن تكون العبارات المنشورة متطابقة مع الوقائع كل التطابق حتى تنأى عن العقاب
* الصحافة تتمتع بحماية الدستور لحرية الرأي والتعبير دون مهابة أعين مترصدة أو رقيب مسنود
* لا يجوز الافتراض أنَّ كلَّ كلمة أو عبارة وردت في الخبر قصد منها المساس بالكرامة
* القيود الجائرة على الكلمة أو التلويح بالعقوبات عدوان على رسالتها وإيذان بنكوص الحرية
* لوسائل الإعلام الحق في سبر أغوار الوقائع المُبهمة ونشر إجراءات الأجهزة الأمنية
* الدستور توخى أن تكون منابر الصحافة النقاشية بديلاً للصمت والهمهمة والتسلط
* عصر احتكار المعلومات إلى زوال بعد أن تنوعت مصادرها بتغيُّر وسائل التواصل وتعدد منابرها
* ضرورات التجديد أظهرت إبداعاً صحافياً جديداً طرد النهج السابق وتناسب مع اهتمام القارئ
* تكريساً لحرية الصحافة أطلقت القوانين قدراتها في مجال التعبير ليظل عطاؤها متدفقاً


على وقع فضائح "تسريبات خيمة القذافي" المتورط فيها النائب السابق مبارك الدويلة والتي نشرتها "السياسة"، أثبت القضاء الكويتي مجدداً أنه حائط الصد المنيع والحصن الحصين لحرية الرأي والصحافة في البلاد، إذ قرر المحامي العام مبارك عدنان الرفاعي، في القضية رقم 1025 لسنة 2020 حصر نيابة الإعلام، المرفوعة من الدويلة ضد جريدة "السياسة" ورئيس التحرير العميد الأستاذ أحمد الجارالله، استبعاد مظنة إساءة "السياسة" إلى الشاكي، وقيد الأوراق بدفتر الشكاوى وحفظها إدارياً، وإلغاء رقم الجنحة.
وأشادت النيابة بالأداء المهني الرفيع لـ"السياسة"، مؤكدة حرفيتها ومصداقيتها، بل وتطورها في مجال رصد الأخبار وتوثيقها، مشددة على أنه ليس ضرورياً التزام الصحف بنقل المعلومات حرفياً ولكن الأهم هو المصداقية في النقل بطرق تشويقية تختلف من صحيفة إلى أخرى.
وأكدت أن نشر "السياسة" للخبر، "يتوافق مع رسالتها التي تمارسها برصد الأحداث وفك الغوامض وتصويب المؤاخذات ونقد الأغلوطات ومكاشفة الجمهور بأهم القضايا في مراحل التحدي المختلفة وتبصيرهم بما يستغلق أفهامهم المشدوهة بوهلة الخبر والشغوفة باستظهار خبيئه فانتقت لصفحتها الأولى- العدد رقم 18396 والمؤرخ 16 من يوليو سنة 2020- العناوين المبهرة ودبجتها بالمفردات اللافتة والألفاظ الشائقة بغية إلهاب ذهن القارئ واستقطابه للحد غير المألوف، كعبارة: "الدويلة... من خيمة القذافي إلى القفص".
وأكملت النيابة، أن "السياسة"، "ركنت إلى إبراز الاتهامات المنسوبة للشاكي وظروف حدوثها فعمدت إلى عنصر الإثارة في صياغة العناوين الفرعية ضمن سياق الواقعة وظروفها، كعبارة: "مبارك يواجه تهم زعزعة الأمن ونقل معلومات تمس سمعة البلاد والمساس بالذات الأميرية"، ثم أشارت إلى تكييف القضية وما صاحبها من أحداث وتدابير وملابسات، كعبارة: "القضية صنفت أمن دولة والتحقيقات استمرت ثلات ساعات ويعرض على النيابة اليوم مجدداً"، ونوهت في سطورها إلى الإجراءات المصاحبة التي اتخذها جهاز أمن الدولة نفاذاً لقرارات النيابة العامة، كعبارة: "قوة من المباحث ألقت القبض عليه ظهرا تنفيذاً لأمر الضبط والإحضار"؛ وهي وقائع صحيحة وغير منكورة -اقر الشاكي ببعضها- وردت تفصيلا بالتحقيقات وبما يتسق مع الإجراءات المبينة بالأوراق والقرارات الصادرة في الجناية رقم 22 لسنة 2020 أمن الدولة حسبما اطلعت عليها نيابة الإعلام والنشر مما لا مشاحة فيما حوته في إطار حرية النشر والتعبير. ولا ينال من ذلك إيراد عبارة "الدويلة... من خيمة القذافي إلى القفص" في صدر صحيفة "السياسة" المشكو في حقها إذ ثبت من مطالعة أوراق القضية رقم 22 لسنة 2020 أمن الدولة صدور قرار وكيل النيابة المختص والمؤرخ في 13 من يوليو سنة 2020 بضبط الشاكي مبارك فهد الدويلة (بصفته متهما بالجناية المشار اليها)".
وأكدت أن ما نشرته "السياسة" "يتوافق مع اجراءات القبض والاستجواب المقررين قانوناً ويتماهى مع طبيعة الاتهامات المنسوبة لها بحسبانها متممة للتحقيق المنشور وفي إطار التعبير الصحافي بغية كسب انتباه القارئ، واستنهاض تفاعله المصحوبة بدرجة من الاثارة والمبالغة ومن غير ابتذال المعاني مبتعدين عن الرتابة والاعتياد والملل ويما ينسجم مع ظروف الواقعة وغموضها وتوق الرأي العام لمعرفة دقائقها، ويتوافق مع جدية التحقيق الصحافي وسلامة مقصد الناشر وحسن اجتهاده ويقظة ضميره دون أن يكون مرهوناً بكمال الصواب".
وشددت على حق الصحافة، ممثلة في جريدة "السياسة"، في "انتقاد السياسيين والناشطين في الحقل العام مهما جفت لغة النقد أو اشتدت مفرداته أو قست مضامينه، وتظل متمعة بالحماية التي كفلها الدستور بحرية الرأي والتعبير والصحافة دون مهابة اعين مترصدة أو هيبة رقيب مسنود، إذ لا يجوز الافتراض أن كل كلمة أو عبارة وردت في الخبر الطعين قصد منها المساس بكرامة الشاكي مبارك فهد الدويلة وأن سوء النية قد مزجها وانتوت العبث بسمعته ولا يليق رصد كل لفظ والارتياب من كل كلمة وتقييمها منفصلة عن سياق الخبر بمقاييس صارمة، ولا يلزم أن تكون العبارات المنشورة متطابقة مع الوقائع كل التطابق حتى تنأى عن العقاب متى كانت تدانيها في المعاني وتخلو من الافتراء أو التلفيق، وليس يلزم ان يلقى نهج الصحيفة أو سياستها استحسان القارئ أو قبوله حتى تسلم من الملاحقة وتنجو من التجريم، وأن الزعم بخلاف ذلك إنما هو مسح لدلالة الألفاظ، وتكبيل للرأي والتعبير، وتقييد الفكر المستنير، وحجر على حرية الصحافة والإعلام بما لا تقبل به النيابة العامة؛ الأمر الذي يتعين استبعاد مظنة الإساءة للشاكي مبارك فهد الدويلة من الأوراق، وقيدها بدفتر الشكاوي وحفظها إدارياً.
كما أعطت النيابة العامة وسائل الإعلام الحق في "سبر أغوار الواقعة المُبهمة ونشر أنباء ما أقدمت عليه أجهزة الأمن من إجراءات قانونية وما تضمنته من تفاصيل كشفت سريرتها "أي التسريبات" وشغلت الرأي العام المُتحفز وبما يتوافق مع رسالتها التي تُمارسها برصد الأحداث وفك الغوامض وتصويب المُؤاخذات ومُكاشفة الجمهور بأهم القضايا في مراحل التحقيق المختلفة وتبصيرهم بما يسْتغلق أفهامهم".
واستندت النيابة في قرارها إلى المادة 37 من الدستور، مؤكدة "أن مبدأ حرية الصحافة واستقلالها في مباشرة رسالتها محدد لها أطرها التي يلزم الاهتداء بها وبما لا يجاوز تخومها أو ينحرف عن مقتضياتها، فاستلزم أن تؤدي الصحافة رسالتها في خدمة المجتمع، تعبيراً عن اتجاهات الرأي العام وإسهاماً في تكوينه وتوعيته وتوجيهه بعيدة عن حياكة الأوهام أو نسج الأحلام، في إطار المقومات الأساسية للمجتمع في الحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة وبما يتعين جعلها طليقة من القيود الجائرة التي ترهق رسالتها أو تحد بغير ضرورة من دورها في بناء المجتمع وتطويره وتنويره، وليؤمن من خلالها أفضل الفرص التي تكفل تدفق الآراء والأنباء والأحداث والأفكار ونقلها إلى القطاع الأعرض من الجمهور".
وأشارت إلى أن الدستور "توخى دوماً أن يكرس بالصحافة قيماً جوهرية يتصدرها أن يكون النقاش العام الذي يدور فوق منابرها بديلاً للصمت أو الهمهمة أو الانغلاق أو التسلط، ونافذة لإطلاع الجمهور على الحقائق التي لا يجوز حجبها أو تشويهها، ومدخلا لتعميق معلوماتهم دون طمس أو تلوين أو مخاتلة في عصر اذن احتكار المعلومات فيه بالزوال واستحال الحجر عليها بعد أن تنوعت مصادرها بتغير وسائل التواصل الاجتماعي وتنوع منابرها وسوء طوية بعضها".
كما شددت على أن "المعرفة الصادقة باتت مطلباً ضروریاً وغدت حرية الأفراد في التعبير واستقصاء الخبر أمراً لازماً لتكفل لهم منبعاً من الأراء والمعلومات والأخبار ودوراً فاعلاً في التعبير عن الآراء التي يؤمن بها ويحقق بها تكامل شخصيته ولتؤتي أكلها في بناء قيم الفرد والجماعة وتأكيد الهوية الوطنية".
وأوضحت أنه "تكريساً لحرية الصحافة والإعلام أطلقت القوانين قدراتها في مجال التعبير ليظل عطاؤها متدفقاً تتصل روافده دونما انقطاع، فلا تكون القيود جائرة على الكلمة أو التلويح بالعقوبات إلا عدواناً على رسالتها او توطئة لانفراط عقدها ومدخلاً للوصاية والافتئات والطغيان وايذانا بنكوص الحرية وتقهقرها".
وأشارت إلى أنه "لئن كانت القوانين الجزائية والاعتبارات الأخلاقية -والاجتماعية- أجازت فرض ضوابط محدودة فإن ذلك لا يكون إلا في اليسير من الأحوال وبما يكفل عدم تجاوز هذه الحرية لأطر الدستورية ويضمن عدم إخلالها بما اعتبره الدستور من مقومات المجتمع ومساساً بما تضمن من حقوق وحريات وواجبات عامة، وأصبح الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني جميعاً، مطالبين في نشر أفكارهم وآرائهم وإبداعهم بمراعاة هذه القيم الدستورية والأخلاقية والاجتماعية فلا ينحرفون عنها، ولا يتناقضون معها، وإلا غدت حرية الرأي والتعبير فوضى لا عاصم من جموحها أو عصفها بثوابت المجتمع وقيمه وتقاليده".
وقالت النيابة في حيثيات قرارها: "إنه من المقرر قانوناً أن المادة 36 من الدستور أولت حرية الرأي والتعبير أهمية خاصة، سواء أكان التعبير بالنشر او القول أو التصوير أو الطباعة أو التدوين أو الرسم أو التعليق وغيرها من وسائل التعبير المختلفة بوصفها الحرية الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا في نطاقها، ذلك أن ما توخاه الدستور بضمان حرية الرأي والتعبير هو أن يكون التماس الآراء وطرح الأفكار وتلقيها عن الغير ونقلها إليه غير قاصر على مصادر بذواتها تحد من قنواتها ، بل قصد أن تترامى آفاقها وأن تتعدد مواردها وأن تختلف أدواتها سعيا لتعدد الآراء و محورا لكل فكر ورأي واتجاه".
وأضافت: "إن حرية التعبير أبلغ ما تكون أثراً في مجال اتصالها بالشأن العام وعرض أوضاعها تبيانا لنواحي التقصير ورغبة في التبصير؛ فقد أراد الدستور بضمانها أن تهيمن على مظاهر الحياة في أعماق منابتها وبما يحول بين السلطة -وأشياعهم- من فرض وصايتهم على العقل العام، وألا تكون معاييرهم ومصالحهم مرجعا لتقييم الآراء التي تتصل بتكوينها ولا مانعا دون تدفقها، وليس جائزة تقييد حرية الرأي والتعبير وتفاعل الآراء التي تتولد عنها أو تتباين معها بأغلال تعوق ممارستها، سواء بفرض قيود صارمة سابقة على نشره أو التلويح بالعقوبات العادية التي ترمي إلى قمعها؛ إذ يتعين أن ينقل الجمهور من خلالها وعلانية تلك الأفكار التي تجول في عقولهم ويطرحونها عزمة بتغيير قد يكون مطلوباً".
وشددت على أنه "وجب القول إن حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور هي قاعدة كل النظم الديمقراطي الحقيقية بعيدا عن الهشاشة أو التملق أو المصانعة، فلا يقوم إلا بها ولا ينهض مستوياً إلا عليها؛ وما الحق في الرقابة الشعبية النابعة من يقظة المواطنين المعنيين بالشأن العام، الحريصين على متابعة جوانبها، وتقرير موقفهم منها إلا فرعا أصيلا من حرية الرأي والتعبير ونتيجة حتمية لها".
وأشارت النيابة العامة إلى أن "ضرورات التنوع والتجدد في مناحي الحياة المختلفة، دفعت الناشرين والصحافيين وكتاب الأخبار والمراسلين والمحررين إلى البحث عن أفضل الوسائل وأنجح السبل في صياغة الخبر وتحليل الحدث وعرض المناسبات بما يواكب التحول السائد في الذوق العام، فنفضت الغبار عن النهج السابق ووضعته في مواجهة أنماط التطور والتجدد والتنوع التي سادت العالم في شتى المجالات، فظهرت قواعد مستحدثة تعد إبداعاً جديداً وتطرد للنهج السابق، واستحدثت طرائق جديدة تتناسب مع اهتمام القارئ المعاصر وتتوافق مع ميول وتطلعاته، واستخدمت في سبيل ذلك العناوين المبهرة والعبارات الجذابة وعمدت إلى عنصر الإثارة في التدوين والصياغة، وركنت إلى التحليل المبتكر ضمن إطار الحدث أو الخبر وفي سياقه، دونما تحريف أو تزييف أو انحراف، مع لزوم التنويه على أن حرية الصحافة في ابداء الرأي والتعبير ليست مطلقة من القيود أو الاعتبارات، إذ أوردت القوانين الجزائية المكملة بعض المحظورات التي يتعين الأخذ بها توطئة لبث الأخبار أو الأحداث، وبما لا يمس شرف الآخرين واعتبارهم أو مركزهم الاجتماعي أو الأدبي بين الناس، إذ لا يجوز أن يخرج النشر أو النقد أو الخبر إلى حد الاعتداء على أحد الحقوق سالفة الذكر".

آخر الأخبار