كتب - عبدالله عثمان :شدد الرئيس التنفيذي لشركة المركز المالي الكويتي "المركز"، مناف الهاجري على ضرورة الارتقاء بجودة المؤسسات لكي يتسنى لها الاستفادة بما تمتلكه من مقدرات بشرية ، موضحا ان دول مجلس التعاون الخليجي اصبحت بحاجة ملحة إلى التصدي لملفات خلق فرص العمل، وتقديم خدمة أفضل للمواطنين، والاستقرار الجيوسياسي، وتحقيق الاستدامة الاقتصادية. واضاف الهاجري خلال الندوة التي عقدت امس بالتعاون مع قسم الاقتصاد، كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت محاضرة بعنوان "نحو أسواق مال وطنية واسعة النطاق فاعلة اقتصادياً ومستدامة"، انه مع وجود الحافز لتبني رؤية واضحة وطويلة الأجل لتجاوز تلك التحديات، فإنه من الضروري تطوير المؤسسات لترتقي إلى مستوى من الجودة يتيح لها الاستفادة من إمكانات رأس المال البشري لديها بشكل فعال، لافتا الى انه بعد فترة طويلة من تأمل القدرات المؤسساتية وجودة البنية التحتية لدى الدول المتقدمة، حان الوقت للبدء في بناء منظومتنا المؤسساتية الكفؤة.ونوّه الهاجري إلى تعدد محاولات الإصلاح السابقة، والتي كانت تتخذ مسارات تتأثر إلى حد كبير بتقلبات أسعار النفط والأوضاع الجيوسياسية. وحتى تكتسب تلك التدابير فعاليةً وتأثيراً، من المحتم أن تكون الحاجة إلى الإصلاحات وجوهر نتائجها محل إدراك الجميع. فينبغي تأسيس شراكة تشمل الدولة وأهم الأطراف ذات الصلة والمواطنين، وتلك هي ركيزة النجاح. وفي حين يتم حالياً مواجهة التحديات بشكل أكثر شمولية، فإن تطوير سوق المال على نحو يعزز من فعاليته وشموله هو الحلقة المفقودة لتنفيذ ذلك، كما انه السبيل الامثل لاستقطاب رؤوس الاموال الاجنبية، وأضاف الهاجري أن القطاع المالي، محلياً ودولياً، يبقى أحد أكثر القطاعات تنظيماً. ويمكن لقطاع الخدمات المصرفية والاستثمارية وإدارة الأصول أن يقدم مجموعة من المهارات الكفؤة بهدف تبني نسق استثمارية جماعية أفضل وأكثر تنوعاً؛ مثل خصخصة أصول الدولة، وجمع رؤوس الأموال بهدف نقل المخاطر، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، ورأس المال المخاطر، وبالتالي توزيع أفضل للمزايا الاقتصادية. تطويراسواق المال
واستطرد الهاجري في حديثه عن القطاع المالي مبيناً أن التطوير الكلي والشامل لهذا القطاع لتلبية شتى جوانب المخاطر الاستثمارية، بما في ذلك تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، واحتياجات رأس المال من مشاريع البنية التحتية طويلة الأمد، سوف يؤدي إلى تشجيع الدولة على تحقيق أهدافها المتمثلة في أن تتحول الكويت إلى مركز مالي حيوي في المنطقة. كما أن تطوير التكنولوجيا في هذا الصدد يمثل عاملاً مساعداً للكويت ويختصر عليها الكثير من الوقت والجهد. استقطاب الاستثمارات الاجنبيةوعلى الرغم من وفرة رأس المال، فإن من بين متناقضات السياسات السائدة حالياً ما يصب في صالح جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وسواءً تعلق الأمر بنقل المعارف والخبرات أو خلق فرص العمل أو تحسين مستوى أداء البورصة، من خلال الاكتتابات العامة أو صفقات الطرح الأولي، فإن أمام أي سياسة واضحة ومتماسكة تتبناها الدولة مجال كبير للتحسين والتطوير ، موضحا أن الكويت تمتلك أحد أكبر عشرة صناديق سيادية في العالم، إلا إن أداء التداول المتواضع في البورصة الكويتية، علاوة على عدم نمو صناديق الاستثمار، يمثلان تحديات تواجه النمو المتسارع للقطاع الخاص الكويتي. كما أن المشهد العام لقطاع إدارة الأصول يعاني من الانقسام وهيمنة الهيئة العامة للاستثمار. سياسة استثمار وطنيةوأكد الهاجري أن بوسع الكويت الاستفادة من تطور سوق الدين بها، خاصة وأنه يمتلك فرصاً لتحقيق مكاسب كبيرة في الأعوام المقبلة. وعادةً ما تتحقق التحسينات قصيرة الأمد من خلال إصلاح السياسات والتطوير المؤسساتي. وعادةً ما تبدأ عروض أسواق المال الخاصة بالدين بالمصدرين أصحاب أعلى جودة ائتمانية لكونهم قادرين على جذب المستثمرين في سوق ناشئة. ويعد المصدر الأعلى جودة، لا سيما بالعملة المحلية، هو الحكومة وأسواق السندات الحكومية، بدءاً من أدوات السوق النقدي قصيرة الأجل وصولاً إلى سندات الإقراض الأطول أجلاً، حيث تشكل الأساس لمزيد من التطورات في السوق، من خلال تأسيس نقاط سعرية على طول منحنى العائد وتوفير أدوات إدارة السيولة. وأضاف الهاجري أنه تجاوباً مع جوانب الاستدامة الأشد إلحاحاً وخلق فرص العمل وتنويع مصادر الإيرادات الوطنية، زودت الدولة أسواق المال بسياسة تحفيزية تنفذ على فترات متقطعة. واعتبر أن تنمية أسواق المال نادراً ما تتبع مساراً خطياً، حيث أن أفضل تطوير لأسواق المال المحلية والاستفادة منها بشكل أكبر في تمويل احتياجات الاستثمارات الخاصة والاحتياجات الاقتصادية الستراتيجية هو ما يتحقق على مراحل. ولذلك، فمن الضروري أن تنفذ السياسات بشكل متسلسل. وأكد الهاجري أن عجز الموازنة الذي تم الإعلان عنه مؤخراً فاقم من تحدي الاستدامة الذي تواجهه الكويت. وفي حين يبقى التصنيف الائتماني قوياً، فإن الاحتياطيات العامة تتعرض لضغوط للوفاء بالتزامات الرواتب، وذلك على حساب تنفيذ سياسة واضحة تجاه الاستثمارات غير النفطية من خلال القطاع الأشد نضجاً والأكثر توفيراً لفرص العمل.