"الهايكو" الياباني… جماليات اللحظة ودهشة الاختزال

الأمسية أقامها بيت الشعر وحاضر فيها التهامي وعبدالقادر

كتب مدحت علام

نظمت رابطة الأدباء، ضمن موسمها الثقافي الجديد محاضرة عنوانها "خصائص وجماليات الهايكو" بتنظيم من بيت الشعر، وتقديم الشاعر فيصل العنزي، وبمشاركة الشاعرين حسني التهامي، وحنان عبد القادر.
وقال فيصل العنزي خلال تقديمه للمحاضرة: "الهايكو شعر ياباني قديم به صور مختزلة، وله جماليات أدبية خاصة به، وهي موجودة وله كتّابه ومتذوقوه، وفي الكويت يعمل نادي الهايكو على توضيح جماليات هذا الاتجاه الشعري".
من جهتها قالت الشاعرة وحنان عبد القادر: "إن الشعر كفن إنساني لا يمكن أن يكون حبيس الجغرافيا أو البيئة التي نشأ فيها، خاصة إذا أراد أن يتخطى للعالمية، وثمة لون من ألوان الشعر بدأ يغزو العالم ويتلاقح مع ثقافات الشعوب المختلفة، ألا وهو شعر الهايكو الذي خرج من عباءة الثقافة اليابانية، معبرا عن روحها وطبيعتها، ففيه الارتباط باللحظة، والاندماج مع الطبيعة والتفاعل معها، والمتذوق لهذا الفن يجد نفسه أمام لغة شعرية تعتمد على سمات فنية عدة أهمها الإيجاز والبساطة ووضوح المعنى الذي يمكن أن نسميه السهل الممتنع".
وأضافت: "قد يكون شعر الهايكو من أكثر الأجناس الأدبية المعبرة عن ثقافات شرق آسيا انتشارا، ولعله النافذة التي يمكن للمتلقي العربي أن يطلع خلالها على المشهد الشعري الياباني خاصة، باعتباره البيئة الأصلية لهذا الفن، وقد أحدثت قصيدة الهايكو حالة جدلية في الأوساط العربية، فهناك من رآها دخيلة على ثقافتنا، وهناك من ألبسها ثوب الشرعية، لكني وبشكل شخصي أنحاز للتجديد، فلا غضاضة من التجريب، إذ كيف لنا أن نتغيّر إن لم نتقبل ثقافة الآخر، ومحاولة كتابة عقد التآلف بيننا، في محاولة للبحث عن أشكال مختلفة للتعبير؟ وإن عدنا بالذاكرة قليلا، وجدنا أن قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر بدأت هكذا، وتبعها العديد من الأشكال والفنون كالومضة والتوقيعة وغيرها، من الجميل أن أخوض غمار المغامرة التعبيرية التي أراها ربما مغايرة لما اتفق عليه، وأن أكتشف طريقة جديدة وموازية في نفس الوقت لثقافات أخرى، فيحدث بيننا تكامل مذهل، واندماج مثمر، ما المانع من ذلك؟
وأوضحت أنها وجدت تشجيعا عظيما لكتابة شعر الهايكو من صديقها الشاعر حسني التهامي الذي له السبق في خوض هذا المضمار، خاصة وقد سبقها بعض محاولات لها في كتابة الومضة الشعرية، وقالت: "وجدت متعة شديدة في كتابة هذا اللون من الشعر، خاصة إذا جاورك شاعر مجيد لهذا الفن وناقد غيور أيضا مثل حسني التهامي، وعايشت متذوقا رائعا، وداعما روحيا مثل الشاعر وليد الزوكانيـ، الذي يأبى أن يعترف بقدرته وبراعته في كتابة هذا اللون من الشعر، فلكليهما أدين بذلك".
ثم ألقت بعضا من قصائدها ومنها: ليل طويل/ وحيدا أرقب نجمتين/ قطة سوداء.
وبدوره تحدث الشاعر حسني التهامي عن تجربته فقال: "أضاف فن الهايكو إلى تجربتي الشعرية التي بدأت بشعر التفعيلة والنثر، فقد دفعتني الرغبة الملحة في التجديد دفعتني للبحث عن أشكال جديدة في الكتابة كالقصيدة القصيرة المختزلة، التي يمكنها إحداث الدهشة بكلمات غاية في البساطة والاختزال، فقد كنت أسمع عن قصيدة الهايكو دون معرفة خصائصها وجمالياتها، حتى وجدت ضالتي فيها عن طريق مجموعات الهايكو على موقع الفيس بوك".
وتابع: "صدر لي في هذا اللون الشعري الثري بجمالياته الفاتنة ثلاثة مجموعات شعرية هي "رقصة القرابين الأخيرة"، "وشم على الخاصرة " والديوان الثالث صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بعنوان "مزار الأقحوان". أيضا أصدرت كتابا نقديا بعنوان "ظلال الخيزران - الهايكو… تنظير ومفاهيم"، وهناك كتب أخرى شعرية ونقدية وترجمات أعدها للنشر. كما قمت بعمل موقع إلكتروني يعمل على نشر الدراسات النقدية وقصائد الهايكو الحقيقية والترجمات التي من شأنها الارتقاء بتجربة الهايكو العربية، كي ينضاف هذا الفن إلى الساحة الشعرية العربية فتزداد ثراء وتوهجا. كما نظمت ندوة عن الهايكو ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب 2022 -2023 شارك فيها عدد من شعراء الهايكو في مصر.
ومن ثم قرأ بعضا من نصوصه الشعرية ليقول في واحدة منها: سفح الجبل/ زهورٌ زاحفة/ تتفادى قبضةَ الريح.