الثلاثاء 03 يونيو 2025
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

"الواشي"... صراع القهر والخوف ضد الاستبداد

Time
الأربعاء 26 أكتوبر 2022
View
5
السياسة
كتب - مفرح حجاب:

قدم طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية، عرض "الواشي" على هامش المسابقة الرسمية للمهرجان بمسرح الدسمة مساء أول من أمس، وهو يعتبر بديلا عن مسرحية "لوكيميا"، والتي كان يفترض أن يشارك بها طلبة المعهد في المسابقة الرسمية، الا ان الظروف الصحية لعدد منهم حالت دون ذلك ما جعل إدارة المعهد تتخذ قرارا بالمشاركة على الهامش بعرض "الواشي" للكاتب برتولت بريخت وإخراج مصعب السالم.
العرض تتغلب فيه صورة الديكتاتور المستبد على حياة العائلة والشعب، فيصبح الرابط الوحيد بين الناس هو تقاسم الخوف، المخرج السالم قام بإعداد النص معتمدا على معالجة إخراجية أقرب إلى التجريد من الملحمية، التي عرف بها المسرح البريختي، كاشفا عن ترهيب وتخويف ذاتي يمارسهما الفرد على نفسه، انعكاساً لما تمارسه عليه السلطة القاهرة.
تدور أحداث المسرحية، التي يشارك في بطولتها كل من أسرار الدوسري في دور الوصيفة، أحمد الرشيدي في دور الزوج، هيا السعيد الزوجة وحمد الكندري وحمود الصلال في دوري الطفل والديكتاتور، يذهب العمل إلى عصر الديكتاتوريات والاستبداد والبطش والمعاناة الإنسانية وتقييد الحريات والترهيب والتخويف، خصوصا مع ظهور الوشاة الذين يتبرعون بالوشاية عن أي شخص.
بدأ المخرج مصعب السالم لعبته الإخراجية في "الواشي" بكسر الإيهام وإدخال الجمهور في اللعبة المسرحية من خلال شخصية الوصيفة، التي ابتكرها المخرج لتخاطب الجمهور وتذكره دوما أننا في لعبة مسرحية ومشاهد تمثيلية الجمهور لاعب أساسي فيها ولو بالتصفيق، فتطلب منه أن يصفق لها كلما ظهرت على خشبة المسرح، فتارة تخاطب الجمهور وتارة تشارك في اللعبة المسرحية وترصد أقوال الزوج ضد الديكتاتور وعندما ينكر ذلك يلجأ المخرج إلى حيلة "الفلاش باك" ليستعيد ما قاله الزوج لتثبت عليه التهمة، ومن خلال الحوار بين الزوج والزوجة والطفل، يصر الزوج على موقفه السياسي ضد الديكتاتور واستبداده وبطشه ولأنه يخشى التحدث خارج منزله فأصبح يعبر عن آرائه أمام زوجته وابنه وبسبب الضغط وحالة الكبت والقهر التي يعيشها ينعكس ذلك على علاقة الزوج بابنه فكان لا يكف عن الصراخ عليه وتقييد حريته وضربه ثم التراجع أمام تهديد زوجته، ولأن الزوجة أو الأم تسعى إلى السيطرة على المنزل فكانت تهدئ الزوج وتصالح طفلها بالمال ليخرج يشتري ما يريده وما إن يغادر الطفل المنزل حتى تتصاعد وتيرة الأحداث وتتكشف مخاوف الزوج من أن يستدرج رجال الأمن ابنه أو ربما يلعب ابنه دور "الواشي" ويخبرهم بالحوار الذي سمعه حول رأيه في الديكتاتور، فتزداد المخاوف الذاتية التي تنعكس إلى حالة من الرعب والفوضى في المنزل والخوف.
وفي مشهد الواشي من المسرحية يخشى الأب والأم ما قام به ابنهما من الوشاية بهما وبموقفهما النقدي للنظام، الذي ظل سرياً داخل المنزل وبعد حالة الصراع النفسي والخوف من الواشين، يبدأ الأب بتوسيع دائرة شكوكه ونقصان الثقة في من حوله ويتصور أن الديكتاتور يقوم بتعذيبه فعلا في مشهد فكاهي ساخر يثير الضحك وليس الشفقة.
المسرحية قدمت تناقضات الكوميديا والألم من خلال الدلالات البصرية التجريدية كحلول للمعاناة الإنسانية والتأمل، حيث تصبح المربعات الخشبية والنوافذ المعلقة التي تملأ فضاء المسرح هي نوافذ للبوح ومحاولة للخروج من حالة القهر، التي يفرضها الديكتاتور وسلطته ويقدم لنا المخرج متعة جمالية بصرية في القدرة على تمثيل تجليات الإنسان وتحويلها إلى نسق مسرحي بهدف التغيير للأفضل.
كذلك اعتمد المخرج على الإضاءة معظم الوقت لا سيما الإضاءة الحمراء على صورة الديكتاتور، في دلالة على دمويته كما استخدم التلفزيون على يمين المسرح مجردا في شكل برواز خشبي يطل منه الديكتاتور لكن جاء في مقابله مجموعة من البروايز المرتفعة تشكل مساحات للبوح والتنفس.


معهد الفنون المسرحية شارك على هامش المهرجان (تصوير – إيهاب قرطال)
آخر الأخبار