السبت 21 سبتمبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

الوضع التعليمي غارق في وحل التمخيخ

Time
الاثنين 08 مايو 2023
View
12
السياسة
د. حمود الحطاب

كلمة تمخيخ، او مصطلح تمخيخ، هو ما يقصدون به استعمال المخ بطريقة تنقصها الخبرة وتنقصها التجربة؛ وبمعنى آخر فإن التمخيخ هو العشوائية الجاهلة؛ ومن الظلم حشر المخ في هذا المصطلح، انما استعملنا في العنوان كلمة التمخيخ للمشاكلة المعنوية فقط مع العشوائية التي لا تستعمل قوانين المخ في شيء.
وليس من التعسف او من البذاءة اللفظية القول بغرق التعليم في اي مستنقع؛ لأن توقع غرق التعليم هو ما يغلب على الظن، بل هو الحقيقة والواقع الذي لا يجادل به الا عديم الثقافة، وعديم الفكر التعليمي، لان من لا يعرف العوم في بركة ماء ضحلة سيغرق حتما عندما يسبح في بحر، او في نهر حتى ولو كانت محاولة السباحة في آخر الشاطئ، بالقرب من الساحل. فما كل هذا التهويل، وما كل هذا الوصف الذي يبدو ظاهريا انه مجحف بحق التعليم؟
واقول يا سادة إن التعليم عملية علمية متكاملة يطلق عليها عند خبراء التعليم البيداغوجيا، وهي في الأصل كلمة فرنسية تعني قيادة العبد للطفل الى المدرسة؛ ثم تطورت هذه الكلمة لتصبح في شمولية محرك تنموي حضاري بشري جبار.
فالبيداغوجيا؛ ليست مجرد كلمة في قاموس التربية، بل هي مفهوم تربوي يشمل كل ما يتعلق بالعمل التربوي في مصطلح بيداغوجيا.
ونعني نحن المتخلفون في فهم التربية بالعمل التربوي العمل المدرسي الشكلي الممارس حاليا، من القاء الدروس والاختبارات ويعض الانشطة المتعلقة بالعملية التربوية التي في تصورنا؛ لكن التربية في المفهوم البيداغوجي تعني تلك التركيبة العلمية المتفاعلة المتشابكة من فلسفة بناء الفكر التعليمي وايديولوجيته المنتقاة بعلمية، ووفق دراسات علمية مقننة، ومنظومة الاهداف التربوية لتلك الفلسفة، التي تأخذ في الاعتبار التوجه السياسي الحر للدولة الديمقراطية الحرة.
وتعني التزام عالمية الحضارة البشرية، وطبيعة المجتمع الذي تعمل فيه البيداغوجيا في ما يتوافق مع التنمية البشرية الحضارية.
ناهيك عما تعمل من خلاله البيداغوجيا من اعتبار لطبيعة النمو للمتعلمين وفق دراسات مستقلة في كل المراحل التعليمية، وطبيعة الانتقاء لمحتوى العملية التعليمية من مناهج وأنشطة، ليست فقط مصاحبة للعملية التربوية، بل تعتبر عمودا اساسا في تطبيق الكل البيداغوجي. والاخذ بالاعتبار بالطبيعة الوظيفية لتلك العملية التربوية البيدغوجية، وبالمعنى الشعبي المتداول: مخرجات العملية التربوية، وصبها في ميدان الحياة اللاحق للعملية البيداغوجية الاولية التي تستمر عادة ما يقرب من اثنتي عشرة سنة بيداغوجية، ولا نسميها تعليمية، لان البيداغوجيا هي المصطلح الصحيح للعملية التربوية.
كما تأخذ البيداغوجيا بالنظر العلمي والتطبيقي لطرق التدريس للمفاهيم، وتطبيقات النشاط التعليمي، وفق أحدث أساليب التدريس والوسائل العلمية المنتقاة؛ وتأتي عمليات التقويم كجزء في منظومة البيداغوجيا التعليمية، ولا تعني تلك الحالة الكسيفة من الاختبارات التي هي في نهاية المراحل الفصلية التعليمية، او ما يسمى الـ"فاينل".
والبيداغوجيا لاتهتم بالارقام الحسابية في تحصيل المتعلمين للخبرات التعليمية، لكنها تركز على تحقيق التكاملية الخبراتية في عملية التنمية التي تقودها البيداغوجيا، ولا استطيع التكملة اكثر بسبب مساحة عمود المقالة.
اخيرا فإن كل فشلنا التعليمي يرتبط بالتفكك الحاصل في العمل التربوي بعيدا عن مصطلح البيداغوجيا التعليمية، وكل ما نفعله من دونها في زعم التطوير، إنما هو تخبط العشواء؛ من تصب تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم.

كاتب كويتي

[email protected]
آخر الأخبار