* توافر احتياطات النقد الأجنبي لدى"المركزي" وزيادة العملة الخضراء في البنوك التجارية تدعم قوته * المستثمرون الأجانب يعودون إلى مصر مرة أخرى للاستفادة من ارتفاع أسعار الفائدة بعد موجة خروجهم في 2018* إلغاء آلية تحويلات المستثمرين الأجانب للخارج ساهمت في توفير نوع من الاستقرار للجنيه وأوقفت مسلسل تقلباته قال تقرير اقتصادي انه بعد قيام مصر باعتماد برنامج إصلاح اقتصادي شامل بدعم من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات، تراجعت قيمة الجنيه المصري بحوالي 50% بعد قرار تعويم الجنيه في نوفمبر 2016. واضاف تقرير بنك الكويت الوطني بعنوان "الاقتصاد تحت المجهر - مصر "كانت تلك إحدى الخطوات الحاسمة في إطار حل أزمة نقص النقد الأجنبي وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد. وقد ساهم هذا القرار في إنهاء التوترات التي سادت في سوق العملات على مدار عدة أشهر، والتي أدت إلى ترسيخ العديد من القيود على المعاملات التجارية والمالية وشجعت على تطوير سوق الصرف الموازي. بالإضافة إلى ذلك، ساعد ذلك الاجراء في تقليص عجز الحساب الجاري وتزايد الصادرات قليلاً وانخفاض مستويات الواردات. واضاف التقرير لقد طرأ تحسن على تدفقات رأس المال الأجنبي، وارتفعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج وزادت أعداد السياح. وعلى الرغم من ذلك، فإن تعويم الجنيه إلى جانب خفض الدعوم وإدخال الإصلاحات الضريبية ساهم في رفع التضخم إلى 33% في يوليو 2017، قبل أن يتراجع إلى 13% في أبريل 2019. وبعد أن شهد الجنيه المصري تقلبات عديدة خلال أشهر قليلة، استقرت قيمته أمام الدولار عند حوالي 17.6-18.0 جنيها مصري للدولار الأمريكي لمدة عامين تقريباً، حتى في ذروة الأزمة التي اجتاحت بعض الأسواق الناشئة (تركيا والأرجنتين) في النصف الثاني من العام 2018. وفي واقع الأمر، ظل سعر صرف الجنيه المصري مستقراً على الرغم من تراجع معنويات المستثمرين والانخفاض الحاد في تدفقات رأس المال، حتى في ظل وجود دعم من صندوق النقد الدولي وتحسن التصنيف الائتماني. ارتفاع الجنيه أمام الدولار منذ بداية العام 2019، بدأ الجنيه المصري في استعادة قوته، حيث وصل سعر صرف الجنيه في 26 مايو إلى مستوى 16.81 جنيه مقابل الدولار للشراء و 16.96 للدولار للبيع، متراجعاً دون 17 جنيها مصريا للمرة الأولى منذ عامين.وفي الوقت الذي توقع معظم المتداولين والمحللين انخفاض قيمة الجنية المصري لتتراوح ما بين 18 إلى 20 جنيها للدولار في العام 2019، كانت هناك العديد من العوامل التي أدت إلى ارتفاعه . قرر البنك المركزي المصري إلغاء آلية تحويلات المستثمرين الأجانب إلى الخارج في 4 ديسمبر، والتي كانت تسمح لهم بتحويل استثماراتهم بالدولار إلى خارج البلاد وقتما يشاءون بضمان من البنك المركزي. وساهمت تلك الآلية في توفير نوع من الاستقرار للجنيه، مما حد من تقلباته في وجه خروج رأس المال خلال النصف الثاني من العام الماضي. وبمجرد إلغاء آلية تحويلات المستثمرين الأجانب للخارج، تعين على البنوك التجارية استيعاب تدفقات رأس المال، وبدأ سعر الصرف في الاستجابة بدرجة أكبر لقوى السوق في ظل تحول نظام الصرف إلى نظام أكثر مرونة، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض أكبر البنوك المصرية المملوكة للدولة بإمكانها التدخل لضبط حركة أسعار الصرف.اصلاح الاقتصاد المصري
بدأ الاقتصاد المصري يمضي على المسار الصحيح. بينما كان ارتفاع الجنيه المصري مدعومًا إلى حد ما بالتغيير في آلية تحويلات المستثمرين الأجانب للخارج، إلا أن هذا الارتفاع يعكس الأداء القوي للاقتصاد المصري. حيث عالج برنامج الإصلاح الاقتصادي الطموح والشامل الذي طبقته مصر خلال العامين ونصف العام الماضيين حالة عدم توازن الاقتصاد الكلي ودعم استعادة ثقة المستثمرين الأجانب. فقد شهد الاقتصاد الكلي تحسناً وانخفضت المخاطر إلى حد كبير بدعم من البرنامج الاصلاحي بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي. ووفقًا لأحدث البيانات، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 5.6% في الربع الأول من العام مقابل 5.5% في الربع السابق، بينما تقلص عجز الموازنة للأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2019/2018 إلى 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 6.2% في الفترة المماثلة من العام السابق. وحظي هذا التقدم الهائل الذي تم إحرازه حتى الآن على ثناء واسع النطاق، مؤكداً على دخول مصر إلى عصر جديد.تزايد ثقة المستثمرين قد يعزى ارتفاع قيمة الجنيه في الآونة الأخيرة إلى تدفقات المحافظ الاستثمارية، حيث دعم الانتعاش الاقتصادي والاستقرار السياسي وتحسن التصنيف السيادي لمصر، عودة الاستثمارات الاجنبية للتدفق مجدداً نحو مصر. بالإضافة إلى ذلك، فانه في ظل استمرار الإصلاحات الاقتصادية وعدم توقع تأثير العوامل الاقتصادية سلباً على سعر الصرف و تزايد إقبال المستثمرين للاستفادة من الارتفاع في أسعار الفائدة مقارنة بالدول الأخرى إلى جانب ثبات سعر الصرف. وارتفعت قيمة الاستثمارات الأجنبية في أذون الخزانة إلى 16.9 مليار دولار في أبريل 2019، لتعود بذلك إلى مستوياتها السابقة التي سجلتها في يوليو 2018 قبل خروج رؤوس الأموال من البلاد في النصف الثاني من العام. تزايد الاحتياطاتتوافر مستوى قوي من احتياطيات العملات الأجنبية لدى البنك المركزي. ارتفع احتياطي مصر من النقد الأجنبي من حوالي 42 مليار دولار في ديسمبر 2018 إلى 44.2 مليار دولار في أبريل 2019، بما يسمح بتغطية حوالي ثمانية أشهر من واردات مصر من السلع الأساسية فيما يعد أعلى من المتوسط العالمي المقبول البالغ نحو 3 أشهر من الواردات السلعية.كما ساهم تزايد النقد الأجنبي في البنوك التجارية وإلغاء آلية تحويل الاستثمارات الأجنبية بالدولار إلى الخارج في إعادة توجيه جزء من تدفقات المحافظ الاستثمارية من البنك المركزي إلى البنوك التجارية، الأمر الذي تسبب في تدهور حاد في صافي النقد الأجنبي لدى البنوك في أواخر العام 2018. إلا أنه بفضل تقليص العجز في الحساب الجاري الخارجي في السنة المالية 2019/2018 وتدفقات رأس المال في أوائل العام 2019، زادت السيولة بالدولار في النظام المصرفي. وقد سمح ذلك لبعض البنوك، وخاصة تلك التي تملكها الدولة، ببيع أصولها من العملات الأجنبية إلى البنوك الأخرى في سوق "الإنتربنك" بين البنوك، مما ساهم في توفير المزيد من الدولارات ودعم قوة الجنيه المصري. استقرار العملة المصريةمن المقرر أن يساهم استمرار الأداء الاقتصادي الجيد والمضي قدماً في تطبيق ما تبقى من تدابير الإصلاح الاقتصادي في تعزيز محفظة الاستثمارات الأجنبية والاستثمار المباشر في مصر. وبافتراض عدم حدوث أي صدمات خارجية كبرى، فإنه من المتوقع أن يظل الجنيه المصري مستقراً نسبياً وأن يراعي في تحركاته الاستجابة للركائز الاقتصادية الأساسية ضمن نطاق معتدل. إلا أنه بالنظر إلى اعتماد مصر القوي على تدفقات رأس المال الأجنبي، فإن أي تحول في سلوك المستثمرين ومعنوياتهم قد يؤدي إلى تقلبات كبيرة في أسعار