رصد الموجز الاقتصادي للبنك الوطني عن اسواق النفط تعرض أسعار النفط خلال شهر يونيو لقوى متضاربة ساهمت في تراجعها في بداية الشهر إلى أدنى مستوياتها المسجلة منذ يناير قبل أن تعاود ارتفاعها مجدداً لتصل إلى 66.6 دولار للبرميل (خام برنت) و58.5 دولار للبرميل (غرب تكساس الوسيط). وقد سجلت أسعار خام برنت وغرب تكساس الوسيط نمواً منذ بداية العام بنسبة 24% و29% .وتراجع سعر خام برنت إلى مستوى 59.97 دولار للبرميل في أوائل يونيو على خلفية المخاوف المتعلقة بضعف نمو الاقتصاد العالمي، والذي حفزه تصاعد وتيرة الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة والصين. كما تعرضت الأسعار أيضاً لضغوط أخرى ناجمة عن تراكم مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة أكثر من المعدلات الموسمية، وذلك على الرغم من جهود السعودية لخفض صادرات النفط الخام إلى تلك السوق. وفي النصف الثاني من الشهر، واصلت أسعار النفط ارتفاعاتها على مدى أسبوعين متتاليين على خلفية مزيج من التوترات الجيوسياسية المتزايدة فيما يتعلق بالهجوم على ناقلات النفط قبالة مضيق هرمز وتخفيف حدة المخاوف التجارية العالمية مع قرار الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ استئناف المفاوضات التجارية. ومع بداية شهر يوليو، يبدو أن معنويات السوق قد ضعفت في وقت كان من المتوقع أن تتجه فيه إلى التحسن. ففي الوقت الذي كانت الأسعار مدعومة بالفعل بسبب التراجع الذي طال انتظاره لسحب مصافي التكرير الأميركية للمخزون قبل موسم القيادة الصيفي، فإن رد الفعل على قرار أوبك وحلفائها في 1-2 يوليو بتمديد اتفاقية خفض الإنتاج لمدة تسعة أشهر إضافية حتى مارس 2020 كان فاترا في البداية قبل أن يتحول إلى اتجاه سلبي. حيث تراجع سعر خام برنت في اليوم التالي بنسبة 4% ليصل إلى 62.4 دولاراً للبرميل فيما يعزى على الأرجح إلى مزيج من العوامل من ضمنها استمرار ارتفاع المخزونات العالمية (16.3 مليون برميل أعلى من متوسط 5 سنوات في أبريل وفقا للوكالة الدولية للطاقة)، ونمو إنتاج النفط الصخري الأميركي بمستويات تاريخية، وضعف نمو الاقتصاد العالمي. وكانت تلك هي نفس الأسباب التي أثرت على قرار أوبك وحلفائها الخاص بتمديد اتفاقية خفض الانتاج.من جهة اخرى، فانه في حين كان تراجع مخزون النفط الخام في الولايات المتحدة بأكثر من المتوقع (-12.8 مليون برميل) بما يشير إلى قوة الطلب المحلي، كشفت البيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية أيضاً عن زيادة ملحوظة منذ بداية العام الحالي في صادرات الخام الأميركية بنسبة 69% حيث وصلت إلى مستوى قياسي قدره 3.7 مليون برميل يومياً.
أما على صعيد أوبك، فقد التزمت بتقليص الإنتاج في محاولة للقضاء على وفرة المعروض النفطي. ووفقاً لمصادر أوبك الثانوية، تراجع إجمالي الإنتاج إلى 29.9 مليون برميل يومياً في مايو، فيما يعد أدنى مستوياتها منذ العام 2014 على خلفية التراجع المستمر في إنتاج كل من السعودية وفنزويلا وإيران. حيث تواصل المملكة تقليص أكبر قدر ممكن من الإنتاج ضمن الدول الاحدى عشر الأعضاء بمنظمة الأوبك، والتي خفضت إنتاجها للشهر السادس على التوالي في مايو، إلى مستوى بلغ 9.69 مليون برميل يومياً، أي بتخفيض قدره 621 ألف برميل يومياً مقارنة بالحصص المقررة (محققة بذلك نسبة التزام بلغت 293%). أما من جهة الدول الأخرى الأعضاء بمنظمة أوبك، تواصل الكويت والإمارات الاحتفاظ بنسبة التزام بلغت 116% و111% على التوالي. وعلى النقيض من ذلك، لم تنجح العراق بعد في الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بحصص الانتاج، بل في واقع الأمر زادت إنتاجها في الأشهر الأخيرة. وفي ذات الوقت، يستمر إنتاج إيران وفنزويلا في التراجع على خلفية تأثير العقوبات الأميركية أو سوء الإدارة الاقتصادية.وبلغ إجمالي التزام أوبك وحلفائها 151% مقارنة بالتزام الدول الاحدى عشر الأعضاء بمنظمة الأوبك بنسبة 143% في مايو. وتمكنت روسيا، أكبر منتجي النفط من خارج منظمة الأوبك، أخيراً من الوصول إلى هدفها في تقليص الانتاج خلال الشهر والانضمام إلى المكسيك وكازاخستان كأكبر الدول الممتثلة بخفض حصص الانتاج. ويعزى تراجع إنتاج روسيا أيضاً (معدل التزام 132% في شهر مايو) إلى تلوث خط أنابيب دروزبا.