الْعَقْلَانِي في بيئة اللَّاعقلانيَّة

د. خالد عايد الجنفاوي

يشير وصف العقلاني في سياق هذه المقالة إلى الانسان البالغ، فكريًا ووجدانيًا، لا سيما من يستجيب فطريًا، أو بسبب تطبعه الاختياري للأفكار والقيم والدلالات والمفاهيم الذهنية، وليس للخيال وللعاطفة غير الناضجة.
وهو كذلك أي فرد يستند في فهمه الى ما يدور حوله على تفكيره المنطقي، ويستدل به كذلك على الحقائق والوقائع الحياتية المختلفة، ويخالفه اللا عقلاني، وهو الكائن البشري الذي يطغى على وجوده اليومي العاطفة والخيال والشهوات والغرائز الأولية، وكل ما هو لاعقلاني.
ويحدث أحيانًا كثيرة أن يصل الشخص العقلاني الى مرحلة فكرية ونفسية متأزمة لا يستطيع فيها تحمّل المزيد من الضغوط بسبب كونه يعيش أحيانًا، رغمًا عنه، في بيئة تطغى عليها اللاعقلانية والجهل، وضيق الأفق والطيش، والتفكير العاطفي والفوضوية السلوكية.
ويتوجّب على العقلاني التفكير مليّاً في ما يتوجب عليه فعله لحماية نفسه والحفاظ على صحته الذهنية عبر الالتزام والقيام ببعض ما يلي من المبادئ والسلوكيات العقلانية:
-أسوأ ما يمكن أن يمر به العقلاني في بيئة اللاعقلانية هي وقوعه فريسة للوصاية الفكرية والأخلاقية والروحية، لا سيما عندما يطغى الاستبداد الأخلاقي والنفسي في البيئة المحيطة.
-بعض علامات تعرض العقلاني للتعسّف وفرض الإرادة من الآخرين: قيام من هو أقل منه عقلاً بفرض إرادته النرجسية عليه، وشعور العقلاني بالريبة والشك في مبادئه الفكرية المنطقية، وتشويه وتجريد الجهلة والنرجسيون لسماته الفكرية، وتشويه سمعته بسبب رفضه الثابت للانصياع لطغيانهم اللاعقلاني.
-حري بالعقلاني أخذ فترة نقاهة ذهنية بين الحين والآخر عبر السفر للاستجمام وللنقاهة، لا سيما للحصول على بعض الراحة الذهنية.
-صديق العقلاني هو كتابه وكتاباته، وأفضل لحظات حياته تتمثل في استمتاعه بلا مقاطعة نرجسية من الآخرين في التأمل الفكري العميق لما يدور في نفسه، وما حوله في العالم، وتوصله لاستنتاجات فكرية مجزية، والعدو اللدود للعقلاني هو كل كائن بشري سطحي التفكير، وبخاصة من يحاول فرض آرائه وانطباعاته ومشاعره البدائية عليه.
-ليس بالضرورة أن يشقى العقلاني بعقله، فهو مخيّر وليس مسيّراً في اتباع أسلوب الحياة الذي يناسبه ما دام لا يضر الآخرين.

كاتب كويتي
@DrAljenfawi