الاثنين 23 سبتمبر 2024
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

انتخابات... كلٌّ يُغنّي على لَيْلاه

Time
الأحد 14 مايو 2023
View
13
السياسة
رغم عدم معرفة نتيجة مصير مجلس الأمة المُقبل، إلا أنَّ الصراع اليوم أصبح مُحتدماً إلى حدِّ كشف الجميع عن وجوههم؛ لأنَّ كلَّ فريق يُريد أن يُثبت للشعب أنه كان على حق، لكن يفوت جميع المرشحين أن الكويتيين لم يعودوا يُراهنون على الشعارات، إنما يسعون إلى النتائج التي يطمحون إليها، خصوصاً بعدما أظهرت الحكومات الأربع المُتعاقبة عدم قدرتها على تلبية مطالب الناس، وكذلك عدم قدرة النواب على السعي لتحقيق أبسط ما يطلبه الشعب.
من هنا فإنَّ المُرشح مرزوق الغانم الذي يعرف "الخيط والمخيط"، بوصفه رئيساً لمجلس الأمة نحو تسع سنوات، يُدرك جيداً مواجع الدولة، وأسلوب الحكومات، وبالتالي فهو يسعى إلى أن يكون رئيساً للمجلس كما يطمح، أو سيكون معارضاً، وسيكون صوتُهُ عالياً في الانتقاد، وخصماً لدوداً لمنافسه في الرئاسة، وهو ما لا تريده الحكومة.
في هذا الوضع، لا شكَّ أنَّ الأمور لن تتغيَّر؛ لأنه ليس هناك بصيص أمل في الخروج من المأزق، ولهذا فإنَّ الحكومة مطالبة أن تكون على قدر كبير من الجرأة في مقاربة مشكلات الكويتيين، وألا تسلك الطريق نفسه الذي سلكته في السنوات الماضية، فتكون كمن يدور في حلقةٍ مفرغة، وبالتالي لن تُحقق هدفها في السيطرة على مجلس الأمة.
لقد اعتاد الكويتيون، خلال العقود الماضية، أن ينظروا إلى الحكومة على أنها صاحبة القرار، ولديها إمكانات التنفيذ، لكنها للأسف لم تسمع صوت الناس، بل أصغت لوشوشة المستشارين، لهذا ظهرت ضعيفة.
في هذا الشأن ينطبق عليها مثل الراعي الذي جمع بعض الزبدة في جرة وعلقها في سقف كوخه، وبينما هو جالس ذات يوم مُتكئاً على عصاه، أخذ يفكر بما سيفعله بالزبدة، وكيف سيكون عنده قطيع كبير، وأن الذئب سيهجم على الغنم فيضربه بعصاه، ورفع يده فأصابت العصا الجرة فكسرتها، وسقطت الزبدة على رأسه وثيابه، وطارت الأحلام سدى، وهكذا تُطيِّر الحكومة شعبيتها.
نعم، هكذا هي حكومات الكويت التي تراهن على شعبية بعض الوزراء، وليس على التخطيط والقرار السليم، بل في هذا الأمر تتخبَّط كثيراً، إذ هي تصدر اليوم أمراً، وتلغيه غداً، فيما لم تقدم أي مشروع شعبوي، بل تثقل على الكويتيين في إجراءات تزيد من الأعباء المعيشية، ومنها على سبيل المثال، علاج الوافدين الذي يدفع المواطن رسومه، أو إغلاق البلاد أمام المستثمرين، أو في ممارستها التعسف في قضية الإكراه البدني على المُقترضين، وغيرها من الأزمات التي تسببت بها من خلال قراراتها المُتخبِّطة.
إلى اليوم لم نَرَ مشروع دولة، أو خطة يُمكن الاعتماد عليها، وتكون مقبولة من الشعب، بل سرعان ما نرى الحكومة تغرق في شبر ماء الصراع مع مجلس الأمة، وما يدور على الساحة الانتخابية يُنبئ بالعودة إلى لعبة الاستجوابات، وعدم التعاون، وصولاً إلى حل المجلس أو إبطاله، وبالتالي لن يكون هناك أي مخرج للأزمة التي تُعانيها البلاد.
لهذا المطلوب حكومة قادرة لديها الإمكانات التي تُساعدها على إدارة البلاد وفق ما يتمنى كلُّ مواطن، أو تكون لديها خطة مشروع دولة، أما الاستمرار بإنتاج الصراع نفسه، فلا يعنى غير المزيد من الخسائر، وتأكل الدولة هيبتها، والمؤسف في هذه الانتخابات أنَّ كُلّاً يُغنّي على ليلاه.

أحمد الجارالله
آخر الأخبار