منوعات
"انشقاق القمر" آية رآها كفار مكة لكنهم جحدوا بها
الأربعاء 20 أبريل 2022
40
السياسة
اصطفى اللهُ من البشر رجالاً، هداهم إلى الحق، طهَّرهم وباركهم، وكلَّفهم بان يكونوا لأقرانهم مُبشرين ومُنذرين، ينقلون إليهم تعاليمه، ويبلغونهم بحلاله وحرامه، ولأنه تعالى عليم بذات الصدور، فقد زوَّدهم بقدرات خارقة لسنن الكون، وأيَّدهم بمواهب خاصة وعلامات تنطق بالقدرة المُطلقة لعلَّها تكون سبباً للتقوى والإيمان، وتلك هي معجزات الأنبياء.إعداد - علا نجيب:"انشقاق القمر" من أشهر المعجزات التي وهبها الله تعالى لنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ليتحدى بها قومه بعد سنوات من بعثته، حفلت بها كتب المفسرين مثل الطبري وابن كثير، ونقلت كُتب الصحاح كالبخارى ومسلم احاديث عن عدد من الصحابة يؤكدون رؤيتة انشقاق القمر بأعينهم مثل ابن مسعود وابن عمر وابن عباس، وقلل المؤرخين من أهمية من ذهب الى ان المراد هو ما سيحدث يوم القيامة ومنهم عطاء الخراساني وهو احد أئمة الفقه والحديث من التابعين.ويقول ابن عباس انه اجتمع نفر من المشركين الى رسول الله فقالوا ان كنت صادقا فشق لنا القمر شقين فقال لهم: ان فعلت تؤمنون؟ قالوا: نعم، وكانت ليلة البدر فدعا الرسول ربه أن يعطيه ما قالوا، فانشق القمر جزءين والرسول ينادي يا فلان يا فلان اشهدوا.اما رد فعل الحاضرين فيورده جبير بن مطعم عن أبيه قال: "قالوا: سحرنا محمد، فقال بعضهم: لأن كان ساحرًا فلن يسحر الناس كلهم ويستطرد جبير فيقول: انتظر عدد من اهل مكة عودة القوافل من الشام واليمن حتى أتى اول فوج منهم فسألوهم: هل رأيتم شيئا غريبا حدث في تلك الليلة؟ قالوا: نعم، ففي ليلة البدر رأينا القمر قد انشق جزءين تباعدا عن بعضهما البعض ثم التحما".ويرى الباحثون ان طلب كفار مكة من النبى ان يؤيد دعوته بانشقاق القمر لم يكن عن رغبة في تصديقه والإيمان بنبوته، بل مجرد حيلة لتعجيزه بدليل اعراضهم عنها بعد حدوثها امام اعينهم، إلا ان النبي لم ييأس ازاء عنادهم، واحتفظ بيقينه في قدرة الله على هداهم، وامتنع عن سؤاله ان يهلكهم كما فعل بعض الانبياء الذين استجلبوا غضب الله على اقوامهم جزاء تشبثهم بالباطل.وإزاء هذا الجحود انزل الله تعالى قرآنا على نبيه ليطمئنه ويثبت فؤاده، يقول عز وجل في سورة الانعام: (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِى يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِـآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)، فقد اراد تعالى ان يكشف له الدوافع الحقيقية لسلوكهم، فالأمرلا يتعلق بالبحث عن الحق واليقين، فلو كان هذا ما يريدون لآمنوا من فورهم بعدما اراهم الله تلك المعجزة، ولكنه العناد والجحود والكبر الذي لا يجدي معه الإقناع والجدال إلا من اراد الله له الهداية، فهذا شأن الكفار الذين يعادون الأنبياء في كل زمان ومكان ثم لا يلبثوا ان يظهروا الطاعة والرضوخ بمجرد انتصارهم مثلما حدث بعد الفتح؛ عندما دخل العرب جميعا في الاسلام. ولم يكن كفار مكة وحدهم من كذّب المعجزة، فهناك من يكذبها في عصرنا رغم انه ليس مستهدفا بها، فالمعجزة الحسية موجهة بطبيعتها الى اهل زمن بعينه، وكان للشيخ الشعراوي رأيا فريدا في هذا الصدد، اذا رد على من اشتكى له صعوبة استيعابه لتلك المعجزة، فلم يوبخه ولم يتهمه في دينه، بل نصحه بالابتعاد عن ربط ايمانه بالمعجزات، لأنه لم يُخاطب بها وليست حجة عليه، انما على من رآها، وفي المقابل فان هناك من يبالغ ـ بحسن نية - في تصوير معجزة شق القمر فيقع في خطأ لا يقل عن خطأ من ينكرها، لأنه يداعب اذهان البسطاء ويخاطبهم بلغة يستغلها المنتفعون والأوصياء للتقليل من أهمية العلم والاستهزاء بسنن الكون فضلا عن تسويغ الجهل والخرافة، ومن ذلك ما اشاعه البعض من أن شعب المايا بأميركا الجنوبية شاهدوا انشقاق القمر أوائل القرن السابع للميلاد.وزعم اخرون انهم اطلعوا على مخطوطة فارسية تتضمن صورة لرجل يشير الى قمر منقسم في السماء وان الحدث نفسه موثق في مخطوطة في مدريد، وبالغ فريق فادعى انه دخل عددا من المعابد البوذية في الصين والهند فطالع رسما يشير إلى واقعة انشقاق القمر في تاريخ حدوثها في مكة رغم ان المؤرخين المسلمين انفسهم منقسمون حول زمن وقوعها، وزاد احدهم فزعم ان وكالة ناسا الاميركية للفضاء اعترفت برصد اثار شق على سطح القمر، وانتشرت هذا الرواية على مواقع الانترنت ما حدا بالوكالة الى اصدار بيان ينفي هذه المزاعم المنسوبة اليه زورا من شخصيات تعتقد ان ايمان المسلمين سوف يزيد بترويج الأكاذيب خلافا لما امر به الله والرسول.