الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
ايران لعبة الخروج من القمقم
play icon
كل الآراء

ايران لعبة الخروج من القمقم

Time
الأحد 06 أغسطس 2023
View
54
حسن علي كرم

حسن علي كرم

القادمون من المدن الايرانية، والمراقبون للداخل الايراني ينقلون عن الايرانيين، ان النساء تحديداً اخذن يتمردن على تعليمات شرطة الاداب،ويكاد الحجاب ما يسمى "الشرعي" بات مجرد "خرقة" تضعها المرأة على مؤخرة رأسها، كاشفة ثلاثة ارباعه، فيما النساء الشابات والفتيات الاصغر لم يضعن الحجاب، وشرطة الاداب رغم الملاحقة الدؤوبة لغير المحجبات الا ان ذلك لا يشكل في ظل التمرد والعنفوان شيئاً، بل لعل افراد الشرطة انفسهم باتوا مقتنعين ان الحجاب لا يشكل مسألة امنية او اخلاقية كي يتم التشدد والملاحقة، وباتت نساؤهم من داخل بيوتهم يتمردن عليهم في التقيد بالحجاب.
من هنا ارى، وهذا ما يراه المراقبون ايضا للحالة الايرانية الداخلية، ان الايرانيين لا سيما الشباب الذين لم يعاصروا الثورة الاسلامية (فبراير 1979)، باتت حواسهم مع الخارج، مع كل ما ينتمي الى الثورة التكنولوجية الجبارة، ومع الثقافة والفنون والموضة والمطاعم المفتوحة والمختلطة والوجبات السريعة.
هناك لا شك فجوة عظيمة باتت تحدث بين جيل الشباب وجيل الثورة الذين باتوا في الانقراض (منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر) لا سيما المعممون وطلاب الحوزات العلمية الذين يشكلون الجيش الاحتياط او الجيش السري المساند للنظام.
اما في خارج ايران فهناك حركة مضادة انبثقت بعد مقتل الشابة الكردية مهسا اميني، و لم تعد منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة وحدها تقاوم النظام، لا سيما ان هذه المنظمة التي تعتمد على فصيلها العسكري وجيشها السري يتغلغل في الداخل، باتت تضعف مقاومتهم، لضعف التمويل وصعوبة ايجاد عناصر شبابية توافق على الانخراط في منظمة. بالمناسبة الايرانيون في الخارج في اميركا واوروبا ودول آسيوية لا يزال ارتباطهم مع الداخل الايراني، ولا يزالون يمنون النفس بالعودة الى الوطن، وتجديد الذكريات التي انقطعت مع الماضي.
اما النظام الذي يحاول يائساً فرض الهيمنة من الداخل في ظل تدهور الريال الايراني والتضخم الفاحش، وتزايد نسبة الفقر والبطالة، اضف الى ذلك الخلافات السياسية بين اضلاع مؤسسات الحكم، وبخاصة الحرس الثوري، القوة الجامحة التي تتلقى اوامرها من مرشد الثورة، اما الجيش لم يعد له دور عسكري فاعل الذي يوازي قوة الحرس الثوري، فالمصانع العسكرية كل انتاجها يذهب اليه، وهذه النقطة الاخيرة في غاية الاهمية، وينبغي للمراقبين الوقوف حيالها والتأمل باسبابها، فالمرشد يبدو لا يثق انه بالجيش بقدر ثقته بالحرس الثوري.
ولعلنا في الاونة الاخيرة رأينا انقسامات كبيرة في قيادات الحرس وخروج الرجل القوي (شمخاني) من موقعه في الحرس الى منصب ثانوي غير مؤثر.
المرشد السيد خامنئي بالمناسبة ليس رجل دين فقط، بل رجل سياسة، ففي عمر مبكر انخرط بالمعارضة الى جانب علي اكبر رفسنجاني، وغيرهما.
حاليا ماذا يحدث، او تحديداً ماذا ترسم القوة الخرافية للحرس الثوري المدجج باحدث الصناعات العسكرية، غواصات طائرات دراونز، ودبابات، ولماذا بات يستعرض عضلاته قبالة الجزر الاماراتية؟
ولماذا سلمت الحكومة الاسلامية ملف حقل "الدرة: الكويتي الى الحرس الثوري، ولماذا يرفض اقتراح الكويت ترسيم الحدود البحرية بين البلدين اولاً، ثم التفاوض على الانصبة بحقل الدرة؟
للايرانيين سوابق في اللجاجة والمفاوضات الطويلة والمنهكة، فلا تزال خلافات نفط بحر قزوين، التي تطالب ايران بحصة اكبر من حصتها المفروضة فيها قائمة، وذلك نكاية بجارتها الاقرب الشريكة في النفط القزويني.
رغم ان اذربيجان ليست جارة لايران فقط، انما هناك تاريخ مشترك وثقافة مشتركة، 80 في المئة من الاذاريين شيعة، يتحدثون الفارسية والارتباط الروحي والعائلي مع الايرانيين في الطرف الاخر امر عادي، وكذلك مفاوضات ايران مع الدول "اربعة زائد واحد" على الاسلحة الكيماوية التي لا تزال محل التباس والشك.
جراء ذلك يعاني المواطن من الداخل مشكلات اقتصادية قد لا يحسها الا من يلمسها على ارض الواقع، والعناد والغطرسة الايرانية على الجيران قد تعطي نتيجة، لكنها لن تحقق مكاسب، اذ لعلهم يتصورون انفسهم خلفاء قورش او القاجار او رضا شاه.
المفاوضات النفطية ليست كالمفاوضات على الاسلحة الكيماوية، اذ ليس من السهل الجلوس مع الايرانيين والتفاوض بجلسة واحدة، وهذا تاريخ طويل، ايضاً ليس للاطراف المقابلة النفس الطويل، فالاعمار اقصر من ان تضيع في مفاوضات طويلة بلا سدى، ولعل لعبة الانفراد بالكويت لن تستوي فالسعوديون شركاء، وثانياً، الكويتيون لم يقولوا للايرانيين مالكم حصةً في حقل "الدرة" لكن قالوا لهم تعالوا نتحاور وجهاً لوجه، لكن لا يجوز ان نبصم لكم وانتم ترفضون التفاوض!
اليوم ثمة امل وفرجة تبدو في الافق، وهي الدعوة التي تأتي في وقتها المناسب من وزير الخارجية الايراني عبداللهبان الى وزير خارجيتنا سالم عبدالله الجابر، ربما هذه الفسحة السياسية المأمولة قد تحقق ما يحزن الاعداء!

صحافي كويتي

[email protected]

آخر الأخبار