الأربعاء 07 مايو 2025
28°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
المحلية

باعة الآيس كريم على "صفيح ساخن"

Time
الأحد 07 أغسطس 2022
View
5
السياسة
* أبو فريد: مبيعاتي اليومية تبلغ 13 ديناراً فقط ولولا الإكراميات لهجرت العمل
* زيدان العوام: الربح في الشتاء يقل ولهذا يبدأ موسم عملنا بقوة في الصيف
* محمد عاطف: أشعر بالرضا رغم الحر الشديد وأتحمل كل شيء من أجل أولادي
* ناصر محمد: أحصل على حقنة مرة كل عامين للحماية من أضرار الشمس


تحقيق - ناجح بلال:

ينشط باعة عربات الآيس كريم في أشهر الصيف اللاهب، يعملون بصبر وتفان رغم مكوثهم فترات طوال فوق "صفيح ساخن"، أو ربما في قلب الصفيح، يتحدون لسعة الشمس كرمى لأحبائهم، من أجل دريهمات قليلة يدخرونها "فلسا على فلس" لتأمين قوتهم وقوت عيالهم، بعزة وإباء، فحق لهم أن يفخروا بعرق جبينهم المتصبب ليلا ونهارا، ولا سيما حين يشتد اللهيب حرارة تحت عين الشمس، أو حين تختزن الأرض أشعتها "الجارية"، لتنفثها ليلا بعد غروبها، فهي وإن رحلت تزرع في الأجواء لهيبها، وتزداد اختناقا إذا ما انطلقت الرطوبة من قمقمها. لكن كيف يتحمل هؤلاء الرجال، وبعضهم كبار بالسن، حر الظهيرة في هذه الأيام! فيما تلامس درجات الحرارة الـ50 درجة مئوية في الظل؟ سؤال طرحته "السياسة" على عدد منهم، فأوضح بعضهم أنهم يتلقون حقنة مرة كل عامين تحصنهم من خطر الشمس، ولسان حالهم يقول إن هذه المهنة رغم صعوبتها؛ لا تسمن ولا تغني من جوع، فهي بالكاد تؤمن جزءا من حاجاتهم، لولا ما يجود به عليهم بعض الزبائن من إكراميات، فمعظمهم لا يحصلون على رواتب من الشركات التي يعملون فيها، بل مجرد عمولة تسويق. بداية التقينا "أبو فريد"، فبادر إلى القول إنه يبيع الآيس كريم على عربته منذ عقد من السنين، لافتا إلى أن حجم مبيعاته اليومي ما بين 10 و13 دينارا، ومكسبه الثلث فقط، ويكاد لا يكفيه، لكن كرم الزبائن يؤمن دخلا إضافيا، فهناك من يعطيه دينارا كاملا مقابل قطعة أو قطعتين من الآيس كريم بربع هذا المبلغ، ويرفض أخذ الباقي، وهناك من يجود بأكثر. وأعرب "أبو فريد" عن شكره لكل الزبائن، فقد بات يعرف الكثير منهم بحكم عمله في الأسواق، ويدعو لكل الكرماء منهم باليسر والسعادة.

الشمس ولا الأسعار
التقينا العم فكري، ويبدو كبيرا في السن، فقال بمرارة إنه يعمل منذ سنوات طويلة في هذه المهنة، في الصيف والشتاء، وفي الحر والبرد، وكانت الأمور "ماشية" قبل فرض رسوم عالية على من تجاوز الستين من العمر.وتابع بغصة: "بعدما فرض علينا أن ندفع 800 دينار كشرط لتجديد الإقامة، لم يعد الأمر مجديا، والآن أنا أفكر جديا بترك العمل والعودة لبلادي"، حيث ان ما يجمعه طوال العام لا يكفي لتغطية تكاليف رسوم تجديد الإقامة. وقال: "رضينا بحرارة الصيف الشديدة، وتحملنا لهيبها طوال سنوات طويلة مضت، لكن تأجج نار الأسعار وتكاليف الحياة تجاوزت في ارتفاعها حرارة الشمس، فلم نعد نقوى على تحملها". وختم بالقول: "نار الشمس ولا نار الأسعار".

المدخول على حاله
يلتقط زيدان العوام طرف الحديث ليقول: كل الأسعار ارتفعت، لكن أسعار المثلجات على حالها، ومدخولنا على حاله، كاشفا أنه قام بتسديد 300 دينار للشركة التي استقدمته للعمل، بينما معدل مكسبه الشهري على عربة الآيس كريم لا يتجاوز نصف هذا المبلغ إلا بقليل، هذا في فصل الصيف، لكن مدخوله في الشتاء يقل كثيرا. وأوضح أنه لا يدخر من مدخوله في الشهر فلسا واحدا، فهو يرسل ثلثه لأسرته ويحتفظ بما تبقى للمصاريف الشخصية، وهي في الحقيقة لا تكفي لإيجار السكن والطعام. وكشف أنه مثل زملائه في المهنة ليس له راتب، بل يأخذ نسبة من المبيع، وبعض الزبائن يتكرمون عليه، وبعض المواطنين والوافدين يساعدونه، ومنهم من يعطيه خمسة دنانير مقابل قطعة ايس كريم واحدة قيمتها ربع دينار.

راض عن العمولة
البائع محمد عاطف قال إنه يعمل في هذه المهنة منذ نحو سبع سنين، ودخله عبارة عن عمولة مبيعاته على المنتجات التي يجلبها من الشركة التي يعمل فيها. وأكد أنه يشعر بالرضا خاصة أنه جاء في الأثر: "كل ميسر لما خلق له"، موضحا أن الشركة التي هو على كفالتها تجدد له إقامة العمل كل عام دون مقابل. وبين أن هناك أماكن حددتها البلدية لبيع الآيس كريم في الطرقات العامة، لكنها تمنع وقوف العربات أمام بيوت السكن الخاص أو أمام الجمعيات التعاونية، مشيرا إلى أنه ينتقل دائما للأماكن التي يتواجد فيها أكبر عدد من الناس، مثل أماكن إدارات الهجرة ومراكز فحص العمالة. وأكد أنه يتحمل عناء الشمس وأجواء الرطوبة من أجل لقمة العيش، ويخرج من بيته الساعة السابعة صباحا ليبدأ عمله مع تدرج أشعة الشمس.

تعود على الشمس
بائع الآيس كريم ناصر محمد قال إنه اعتاد حرارة الشمس، وأصبح يتقبل حرارتها، ولا يفكر بها كثيرا لكي لا يقلب المواجع، مبينا أنه لا توجد أي معوقات يعاني منها حيث ان الشركة التي يعمل بها وفرت له رخصة للبيع في الطرقات. وأوضح أن مسألة البيع بالعمولة تختلف من شركة لأخرى، مبينا أنه لا يمكنه أن يبيع بسعر أعلى من القيمة التي تحددها الشركة. وقال إنه يعمل في هذه المهنة منذ نحو 15 سنة، مشيرا إلى أنه يتحمل درجات الحرارة العالية بجرعة تحصينية "حقنة" طبية مرة كل عامين، تحميه من اضرار الشمس.


الاستمتاع بطعم وبرودة الآيس الكريم (تصوير - محمد مرسي)
آخر الأخبار