منوعات
"بدر الثانية" والسخرية من جيش قريش
السبت 09 مايو 2020
5
السياسة
غزوات الرسول 14 إعداد – شروق مدحت:بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة إلى المدينة واستحالة الحياة بمكة المكرمة بسبب إيذاء قريش المستمر للمسلمين ، وبعد الاستقرار النفسي الذي حققه المسلمون، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بضرورة التعرف على المدن والقبائل المجاورة وكذلك الطرق التي تؤدي إلى قريش وغيرها من المدن المحيطة ، من أجل إرساء مفهوم الدين الإسلامي ونشرة لدى تلك القبائل المجاورة ، فكانت هذه هي الرسالة والعقيدة التي أمر الله بها رسوله الكريم. تعد غزوة "بدر الثانية " من أهم الغزوات الفاصلة في حياة المسلمين، وأطلق عليها بدر الصغرى، بدر الآخرة، وأيضا "بدر الموعد" نظراً للمواعدة عليها مع أبي سفيان يوم معركة أحد، جاءت غزوة " بدر الثانية " لتؤكد عدم خوف المسلمين من جيش قريش، بل أثبتت قوة جيش المسلمين وقدرته على مواجهة العدو و شجاعته والانتصار عليه وعدم تخلفه عن الموعد المحدد، كما جاء انتصار المسلمين ليفرض هيبة وعزة الدين الإسلامي، ويؤكد على قوة المسلمين بين القبائل وسكان الجزيرة العربية وما حولها في المنطقة. يعود السبب الرئيسي في قيام غزوة "بدر الثانية" إلى حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على إظهار قوة المسلمين ومواجهة جيش يعد من أكبر جيوش الجزيرة العربية من حيث العدد والعدة والتنظيم، ولهذا تم الالتزام بالموعد الذي قام بتحديده أبو سفيان بعد معركة أحد، و خرج المسلمون من المدينة المنورة بجيش يبلغ عدده ألف وخمسمائة من المقاتلين بينهم عشرة من الخيالة،وذلك في شهر شعبان سنة 4 هـ - يناير 626 م، لقتال قريش بقيادة أبي سفيان.دارت غزوة " بدر الثانية" في منطقة "عيون بدر"، التي تم الاتفاق عليها، حيث اقترح أبو سفيان على المسلمين عند انصرافه من غزوة أحد، قائلاً: "موعدكم وإيانا العام القابل ببدر "، وقام على بن أبي طالب كرم الله وجهه بحمل لواء جيش المسلمين خلال أحداث غزوة "بدر الثانية"، وعندما وصل المسلمون إلى منطقة بدر، استمروا في الانتظار لمدة ثمانية أيام متواصلة لملاقاة مشركين قريش وأتباعهم بقيادة أبي سفيان، ولكن انتهت المدة المحددة للانتظار دون مجيء جيش قريش. على الجانب الآخر قام أبو سفيان بتجهيز جيش من قريش يتضمن ألفي مقاتل بالإضافة إلى خمسين فارساً، ولكن بمجرد وصولهم إلى منطقة تسمى "مر الظهران"، خطب فيهم أبو سفيان قائلاً: "يا معشر قريش إنّه لا يصلحكم إلّا عام خصيب ترعون فيه الشجر، وتشربون فيه اللبن، وإنّ عامكم هذا عام جدب، وإني راجع فارجعوا"، وبعدها رجع أبو سفيان بجيشه إلى مكة دون ملاقاة المسلمين أو مواجهتهم.وتمثلت أبرز الغنائم التي اكتسبها المسلمون من غزوة "بدر الثانية" في الانتصار المعنوي في إعلاء الهيبة وتقوية المسلمين الذين استغلوا أيضا الموسم التجاري في بدر وشاركوا ببيع العديد من الأغراض التجارية، التي عادت عليهم بالأرباح الكثيرة، أما جيش قريش فبعد تلك الهزيمة أصبح محل سخرية واستهزاء لدى العرب مما جعله يفقد هيبته مابين جيوش المنطقة العربية بعد أن كان يمثل أعظم جيوشها، كما ساعدت غزوة "بدر الثانية " على محو آثار غزوة "أحد" التي أدت إلى سقوط قتلى في صفوف المسلمين، حيث أدرك الجميع أن ما حدث فيها ليس دليل على انهزام المسلمين، كما سجلت غزوة " بدر الثانية " قوة السمعة العسكرية للجيش الإسلامي في مواجهة أعدائهم بمعركة بدون قتال. لعل أبرز الدروس والعبر و أوجه الاستفادة من هذه الغزوة الإقتداء بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حيث الالتزام بالكلمة والموعد، حيث التزم المسلمون بكلمتهم واتفاقهم مع جيش قريش، وخرجوا في الموعد المحدد بدون تراجع أو تأخير، كما تعد الشجاعة من أبرز السمات التي يمكن اكتسابها من هذه الغزوة، حيث أن المسلمين تحلوا بالشجاعة ولم يهابوا جيش قريش و لا قوته، على الرغم من كونه من أكبر الجيوش، ولكن ما حدث هو العكس حيث تخوف جيش قريش من لقاء المسلمين مما جعلهم أكثر قوة وهيبة في المنطقة بأكملها.