الأولى
/
المحلية
بن صقر: مشاركة الخليج بالمفاوضات مع طهران "محلل" يثشرّع الخطأ
الاثنين 13 يونيو 2022
5
السياسة
* لم تدع دول الخليج سابقاً للاجتماعات ولم تتم استشارتها* لماذا نوافق على المشاركة الشكلية لإحياء اتفاق هش؟* سوف تستيقظ دول الخليج يوماً ما على واقع إيران النووية* لا حل في الاعتماد على أي طرف خارجي لحمايتناً* إيران تفكر بعقلية الإمبراطورية بحسابات ستراتيجية معقدة* أستغرب تجاهل مخاطر سياسة طهران التوسعية لمصالح ذاتية* حرب اليمن معركة إيرانية على منطقة الخليج العربي فند الخبير السعودي رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبدالعزيز بن صقر المطالب الداعية لمشاركة دول الخليج العربي في مشاورات دولية لإحياء الاتفاق النووي الموقع مع إيران في يونيو 2015، معتبرا أن مشاركتها ستكون شكلية، قائلا إن دول مجلس التعاون لم تكن جزءًا من عملية التفاوض التي مهدت لذلك الاتفاق، حتى أنها لم تستشر، بل لم تبلغ بتطورات العملية التفاوضية أو محتواها. وأكد بن صقر في حوار افتراضي مع رئيس مركز "ريكونسنس" للبحوث والدراسات عبدالعزيز العنجري أنه لا يجد مبررا لمشاركة دول التعاون في عملية إعادة التفاوض لإحياء هذا الاتفاق "الهش"، معتبرا أن الدول الكبرى هي التي تقرر مسيرة التفاوض، ولن يتم إعارة اهتمام لاعتراضات أو مطالب دول الخليجي التي ستكون مجرد مشارك متفرج فقط، بل "محلل" يمنح الشرعية لعمل خاطئ.وفيما يلي تفاصيل الحوار:لا فائدة من المشاركةتراقب دول الخليج في الوقت الحالي مفاوضات إحياء الاتفاق النووي الإيراني.. من وجهة نظرك؛ هل يمكن أن تشتبك دول الخليج بشكل أكبر للتأثير في سير هذه المفاوضات وتوجيه بوصلتها لمصالحها؟دول مجلس التعاون الخليجي لم تكن جزءًا من عملية التفاوض التي مهدت للاتفاق النووي مع إيران عام 2015، (خطة العمل المشتركة الشاملة)، ولم يتم استشارتها، بل لم يتم حتى ابلاغها بتطورات العملية التفاوضية أو محتواها. وبشكل عام تفاجأت هذا الدول بإعلان الاتفاق في يونيو 2015، وتفاجأت أيضا بمضمونه، وتتحمل الدول المشاركة (5+1) مسؤولية إبرامه بشكل حصري. وأثبتت التطورات اللاحقة أنه اتفاق ضعيف وهش، ولا يلبي الأهداف المطلوبة في منع إيران من تطوير وحيازة القدرات النووية العسكرية، ومن هنا جاء قرار الانسحاب الأميركي من الاتفاق خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب.لذا فإني لا أجد أي مبرر لمشاركة دول التعاون بعملية إعادة التفاوض لإحياء الاتفاق، لسببين، الأول: لكونه اتفاقا هشا ولا يلبي المتطلبات الأمنية لدول المجلس، ولذلك لا يستحق الإحياء، ثانيا: لكون مشاركتها ستكون "شكلية"، لا تؤثر على سير المفاوضات، فالدول الكبرى هي من ستقرر مسيرة العملية التفاوضية، ولن يتم إعارة اهتمام لاعتراضات أو مطالب دول الخليج التي ستكون مجرد مشارك متفرج فقط، بل محلل يمنح الشرعية لعمل خاطئ.وبغض النظر عن الوعود التي تمنح لدول المجلس، فلن تكون مشاركتها فعالة أو صانعة للقرار الناتج عن عمليات التفاوض الدولية التي تتشابك وتتعقد فيها مصالح الدول الكبرى، لذلك أعتقد أنه لا جدوى من مطالب المشاركة إن لم تكن مشاركة مؤثرة حقا. سباق مع الوقتإذا فشلت المفاوضات كما ذكر كثير من المراقبين، كيف يمكن أن تتعامل دول الخليج مع جارة نووية، في ظل النوايا العدوانية التي تبديها طهران في كثير من الملفات؟مشكلة الانتشار النووي، ليست مشكلة إقليمية، بل هي في طبيعتها الأساسية مشكلة دولية تخص السيطرة على انتشار السلاح النووي وتنفيذ معاهدة "تحريم الانتشار النووي" لعام 1968، " NPT "، وهي من مهام المجتمع الدولي ومنظماته الدولية، ومن مسؤولية الدول الكبرى التي تمتلك السلطة والقدرات لإجبار الدول المخالفة على الالتزام بنصوص المعاهدات الدولية. ونحن في دول الخليج لا نستطيع أن نمنع إيران من تطوير وحيازة السلاح النووي، ولا نستطيع أن نجبرها على التخلي عن برنامجها النووي، خاصة أن إيران سائرة في جهودها السرية لتطوير هذا السلاح، وبغض النظر عن الانكار الإيراني، وعن التعهدات والتطمينات الكاذبة التي تصدر عن القيادات الإيرانية، فإن ترك إيران دون اجراءات فعالة وملزمة لإيقاف برنامجها النووي سيقود إلى مفاجأة؛ سوف تستيقظ دول الخليج يوما ما، ومعها المجتمع الدولي على وقع امتلاك إيران للقنبلة النووية. علينا، كدول الخليج، أن نرفض التعامل مع إيران كقوة نووية، ونركز على ضرورة منعها من حيازة السلاح النووي أولا وقبل كل شيء، والوقت لا يزال متاحا للقيام بإجراءات المنع، ليس بإجراءات معالجة موقف يقوم على التسليم بظهور إيران كقوة نووية. الدول الغربية تفضل الحديث عن الاجراءات القادمة، وتهيئنا لفشلها في ايقاف طموحات إيران النووية، لكن الحقيقة اننا في سباق مع الوقت، ولا يزال من الممكن إجبار إيران على التخلي عن خططها السرية في امتلاك السلاح النووي. المشكلة هي أن المجتمع الدولي بكامله لا يبدو جادًا وحازمًا على التعامل مع هذه القضية، وأيضا هناك تراخ روسي – صيني خطير في هذا الأمر. رفاهية منقوصةكيف يمكن لدول الخليج بقيادة السعودية أن تطور سياسة ناجحة لمواجهة التحدي الإيراني، بعيدا عن التحالف مع إسرائيل، التي تشكل في حد ذاتها تحديا نوويا آخر لدول الخليج؟نحن كدول خليجية وعربية لا نملك حتى اليوم أي برنامج نووي مدني – سلمي، بينما آخرون ممن يحيطون بنا يمتلكون كل شيء، سواء برنامج نووي سلمي، أو عسكري علني أو سري. لذلك علينا أولا أخذ الخطوة الشرعية في تأسيس برنامج نووي سلمي حتى يمكن تطوير مجال المعرفة بالعلوم والتكنولوجيا النووية، والاعتماد على أي طرف خارجي لحمايتنا يمثل مزيدا من المذلة والمهانة، لذلك نحن نبني ونستثمر في دولنا واقتصادنا وازدهارنا ورفاهيتنا، واهملنا أهم قضية في الحياة، وهي قضية تأمين البقاءـ لذلك لا أجد حلا حقيقيا في الاعتماد على أي طرف خارجي لتأمين بقائنا، وحمايتنا من التهديد النووي الايراني. التوسع الإيرانيما هي أبرز التهديدات والتحديات التي يخلقها التوسع الايراني في المنطقة على دول الخليج في المستقبل القريب؟إيران تفكر بعقلية الامبراطورية، وتفكر بحسابات ستراتيجية معقدة، لذا لو نظرنا إلى خارطة التوسع الجغرافي الإيراني في العالم العربي سنجد أن هناك فلسفة وراء هذا التوسع، وهي تأسيس النفوذ الإيراني من مياه البحر المتوسط إلى مياه الخليج العربي، ومحاولة فرض حصار على دول الخليج العربية من شمال وجنوب الجزيرة العربية (اليمن والعراق)، ومحاولة السيطرة على المضائق البحرية التي تتحكم بالملاحة البحرية في المنطقة (مضيق هرمز ومضيق باب المندب)، لذلك استغرب من بعض الدول التي لا تدرك هذه الحقائق بخصوص مخاطر السياسة التوسعية الايرانية، أو تحاول تجاوزها لحساب مصالح ذاتية قصيرة النظر.حرب اليمنفي ظل استمرار حرب اليمن بلا أفق للحل السياسي أو الدبلوماسي، من المسؤول من وجهة نظرك عن إطالة أمد الحرب؟ وكيف يمكن الوصول فيها إلى نهاية؟حرب اليمن هي حرب إيرانية على منطقة الجزيرة العربية عبر الأراضي اليمنية، وإطالة أمدها تأتي ضمن الستراتيجية الايرانية لاستنزاف دول الخليج عبر اليمن، وإيران لا يهمها مستقبل اليمن، أو وضع الشعب اليمني، بل إن اليمن والحوثيين مجرد أداة تستخدم لتحقيق الأهداف الستراتيجية الإيرانية، والتسوية السياسية للصراع اليمني لا تخدم المصالح الإيرانية، لذا فإن أمل التوصل إلى تسوية سياسية عادلة تضمن الاستقرار لليمن أمر رهن بتحييد الدور الايراني في الصراع اليمني. الملف السوريفيما يتعلق بالملفين اليمني والسوري، يبدو أن دول الخليج لم تحقق فيهما ما كانت تصبو من أهداف، بل وزاد الطين بلة توسع نفوذ إيران فيهما، فمن الملام من وجهة نظركم عن هذا الاخفاق؟ وكيف نضمن ألا يتكرر هذا السيناريو في أزمات مستقبلية؟الملفان السوري واليمني شهدا تعقيدات كبيرة، ودخول أطراف إقليمية ودولية رمت بثقلها في هذا الصراع لخدمة مصالحها، إن دول الخليج العربية لا يمكنها حسم الأمور بسهولة ضمن هذا التشابك والتعقيد.إيران رمت بثقلها في هذين الملفين، وفي سورية شاهدنا كذلك دخول روسيا وتركيا واسرائيل كلاعبين أساسيين في الساحة. وعموما فإن المجتمع الدولي هو المسؤول عن حالة التراخي التي قادت إلى استفحال نفوذ الأطراف الخارجية في هذه الصراعات، ولو اطلعنا على قرارات مجلس الأمن الدولي بخصوص سورية واليمن لوجدنا موقفا حازما ضد التدخلات الخارجية، لكن هذه القرارات لم تنفذ، ولم تتوفر النوايا الحقيقية لتنفيذها.تنسيق المواجهةكيف يمكن الوصول لحد أدنى من التنسيق بين دول الخليج لتوحيد سياساتها لمواجهة التحدي الإيراني بأفضل طريقة ممكنة؟ وما الذي تنصح به المملكة العربية السعودية جاراتها؟هناك مقوله تقول: "الخطر يوحد الأطراف المتباعدة"، ومن المفترض أن تكون مخاطر وتهديدات السياسة الإيرانية عامل توحيد لجميع الأطراف الخليجية، مع إنها أطراف ليست متباعدة في الأساس، لكون مخاطر سياسة التوسع وفرض الهيمنة الإيرانية الراهنة وبعيدة المدى، لا تستثني أي طرف، لذلك أعتقد أن دول مجلس التعاون تدرك أن مسايرة إيران وعدم تحدي سياستها التوسعية والتدخلية ضارة بجميع دول المنطقة، وفي تقديرنا أن المواقف المتذبذبة تضعف صلابة ووحدة الموقف الخليجي الذي يجب أن يكون واضحا وموحدا اتجاه هذه الاطماع، وأي رسائل مترددة قد ترسل رسائل خاطئة لإيران لا تخدم المصلحة الجماعية لدول المجلس.الحرب الأوكرانيةماذا لو تواصل الضغط الغربي لمزيد من الانحياز لمعسكره في الحرب الأوكرانية.. كيف ستوفق دول الخليج بين تحالفاتها العسكرية والأمنية والسياسية مع واشنطن وتحالفاتها الاقتصادية والنفطية مع موسكو؟الحرب الأوكرانية والصراع في أوكرانيا، وهو صراع بين معسكرين تقليديين، الغربي والروسي، وفي حقيقة الأمر الصراع لا يعنينا بشكل مباشر في دول الخليج، لذلك هناك هامش لتبني موقف حياد متوازن بين طرفي الصراع. وبيان مجلس التعاون الخليجي الذي صدر بعد اجتماع وزراء الخارجية، أدان السلوك الروسي دون الاشارة إلى اسم روسيا صراحة، ومع ذلك أكد وجوب احترام القانون الدولي واحترام سيادة واستقلالية الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وهو إدانة للغزو الروسي لأوكرانيا، وانتصارا للقانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة. في الوقت نفسه لا تجد دول المجلس مصلحة بمعاداة روسيا، والانضمام إلى نظام العقوبات والمقاطعة الغربي. حيث مصالح وطنية لدول الخليج تدفع لتبني موقف متوازن، وليس محاباة لروسيا. ودون شك أن هذا الموقف لن يرضي الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين، ولكن على دول الخليج التمسك بهذا الموقف بقدر الامكان، دون الانجرار إلى مواجهه مع دول العالم الغربي.الكويت الديمقراطية... تجربة لا تتكررردا على سؤال: في ظل انفتاح المملكة على العالم وسعيها لكل مناحي التطور والتقدم، هل يوجد ضمن هذه المناحي رغبة بتمكين الشباب من المشاركة السياسية وفتح المجال أمامهم لمزيد من الحريات السياسية؟ وهل لتجربة الكويت تأثير محفز أو مثبط عليها؟أكد عبد العزيز بن صقر أن تجربة الكويت الديمقراطية أفرزتها ظروف الكويت التاريخية الخاصة التي قد لا تتكرر في الدول الخليجية الأخرى، معتبرا أن لكل دولة خليجية ظروفها الخاصةوتدرجها وتطورها التاريخي، وفي المملكة يسير التطور بشكل جيد نحو توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، وهو ما نراه حاليا في تمكين المرأة والشباب بصورة واضحة ومتسارعة سواء في قطاعات العمل المختلفة الحكومية أو الخاصة، وكذلك في تركيبة مجلس الشورىأو الوظائف القيادية، بما ينسجم مع طبيعة المجتمع السعودي وتركيبته الشابة حاليا،وكذلك تاريخه وطبيعته، وعن توسيع دور جيل الشباب في إدارة الدولة، فقد تم تبني ذلكبشكل واسع منذ بداية تبني رؤية 2030، ما سيكون له مردودات ايجابية على أسلوب صناعة القرار في المملكة.