الجمعة 18 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء   /   الأخيرة

بناء الرجال أولاً قبل بناء المصانع

Time
الاثنين 01 مايو 2023
View
31
السياسة
أحمد الدواس

عندما أراد الصينيون القدامى العيش في أمان بنو سور الصين العظيم، وشعروا بأنه لا يوجد من يستطيع تسلقه لشدة علوه، لكن بعد بنائه دخلت جحافل العدو البرية السور أو تسلقته، إذ كانوا في كل مرة يدفعون للحارس رشوة، ثم يدخلون عبر الباب.
لقد انشغل الصينيون ببناء السور، ونسوا بناء الحارس! فبناء الإنسان يأتي قبل بناء كل شيء، وهذا ما يحتاجه طلابنا اليوم.
يقول احد المستشرقين: "إذا أردت ان تهدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث: اهدم الأسرة، اهدم التعليم، اسقط الأخلاق والقدوات الحسنة" (انتهى الاقتباس).
نحن لم نبن المواطن الصالح، انظروا الى مجتمعنا، كل يوم مصيبة والناس تشتكي، فهناك عنف لدى الشباب، إما المشاجرات أم الطعن بالسلاح الأبيض، أم إطلاق الرصاص، أم العنف الأسري، ويتمثل بأبناء يضربون آباءهم، وأخ يقتل أخاه، وزادت حالات الانتحار، وتعاطي الشباب المخدرات.
أهؤلاء رجال المستقبل، وكيف يكون حال البلد إذا تولى هؤلاء الشباب إدارة الدولة؟
لم تكن الكويت تعيش هذه الظواهرأبداً، لقد كانت رائدة في أمور كثيرة، كالرياضة، والمسرح، والفن، والابتسامة على محيا شعبها.
متسامحون يحبون بعضهم بعضا، ويحبون الخير للناس، لكن بعد الاحتلال العراقي وتحرير البلاد ظهرت سلوكيات سيئة، فاقترحت "التربية" تعديل مناهج التعليم، فاعترض نواب التيار الديني المتشدد خوفاً من الخروج عن الدين والمجاهرة بقيم الغرب، فماذا كانت النتيجة؟
تأثر التعليم سلباً، وكانت مخرجاته عنفا ومشاجرات وتعاطيا، وانتشر الفساد، وزاد معدل تعاطي المخدرات.
بل اندلعت مشاجرات داخل مجلس الأمة يصاحبها تبادل الإساءات والإهانات، ولم يفكر كل من النواب والحكومة ببناء المواطن الصالح.
حان الوقت لتعديل سلوكيات العنف هذه بتبني وزارة التربية مناهج تطوير الذات بحيث تجعل الطالب "يفهم ويفكر"، ويبتعد عن الحفظ من دون فهم، فيبدو ان الشباب لا يفهم السلوكيات والأخلاق، وهم رجال المستقبل.
الشباب يحتاجون لتغيير فكرهم إيجاباً "فأنت كما تفكر"، فطريقة التفكير مهمة للغاية لأنها تثمر عن نتائج، إما سيئة وإما طيبة، فمثلا كانت هناك أسرة مكونة من أب له ولدان، وكان الأب يتعاطى المخدرات كل يوم ويشاهد التلفزيون معظم الأوقات، فانحرف الولد الأصغر، اذ اتبع سلوك أبيه، بينما ركز الولد الكبير على الدراسة، وبمرور الزمن قبضت الشرطة على الولد الأصغر بتهمة إحدى الجرائم، أما الولد الأكبر فقد أصبح مواطناً نافعاً لمجتمعه، ولما سُئل الابن الأكبر عن سلوكه قال: "لقد اتخذت قراراً أن أكون مختلفاً عنهما".
من هذا المثال نرى ان الوضع في المنزل كان سيئاً بلا شك، لكن "تفكير"، وتعامل الأشخاص مع الوضع كان مختلفاً، فأحدهم سقط في بئر الضياع بينما تغلب الابن الكبير على العقبات والصعاب وطور نفسه ونجح.
بطبيعة الحال يتغير فكرنا من خلال القراءة، وقد ثبت، مع الأسف، ان طلبتنا أو خريجينا لا يقرأون، وبالتالي لايفهمون أمور الحياة والسلوكيات الراقية.
يقول أحد الأميركيين المتخصصين في تطوير الذات "قد يغير حياتك إلى الأفضل أحد الأمور التالية: كتابُ تقرؤه، أو فيلم تراه، أو الشخص الذي بجانبك في الطائرة أو المخابرة الهاتفية التي تتلقاها".
وأنا أقول: قد تغير حياتك الى الأفضل تجربة موجعة توجه إليك تجعلك تفكر بعمق.
مدير جامعة أوكلاهوما في أميركا ايفيرت بايبر كتب مقالة نشرتها صحيفة "واشنطن تايمز" في 12 نوفمبر 2018 ذكر فيها أن هتلر قال: "دعني أسيطر على التعليم، وسوف أسيطر على الدولة"، وتحدث المدير فقال: "ان الأفكار لها تأثير على الناس، ويبدو ان نظامنا التعليمي لا يبني شخصية الطالب وضميره، الأمر يبدأ من المدرسة، فما يتم تعليمه في المدرسة اليوم سوف تراه يُمارس غداً في ثقافتنا وشركاتنا ومحاكمنا، فقد تقرر المدرسة منهجاً وتحصد مستقبلاً شعباً أنانياً، وسياسيين أنانيين، وستجد في الانتخابات البرلمانية مجموعة مرشحين كذابين، (انتهى كلامه).

سفير كويتي سابق
[email protected]
آخر الأخبار