بنفسج الأرجواني

عرفان أمين

تقول الأساطير إن كلب هرقل اكتشف اللون البنفسجي، بعد التقاط حلزون الموركس من الشاطئ وقضمة ليتحول لعابه إلى اللون البنفسجي، لون تحول لأحد أكثر الألوان المرغوبة والأكثر تكلفة عبر التاريخ، لون يرمز للثروة، السُلطة، القوة والروحانية العميقة أحيانًا.
قدم الفينيقيون ثلاثة اكتشافات مهمة للعالم، الحروف الأبجدية، صناعة الزجاج بالرمال الشاطئية، واللون البنفسجي ذي الجودة العالية، وذلك باستخراج إفرازات حلزون الموركس النادر المُسماة" Bolinus brandaris" الذي يوجد وبشكل شبه حصري على شواطئ شرق البحر المتوسط، صبغة تدوم وتزداد تألقًا بمرور الزمن.
لون ملكي يرمز للعظمة، السلطة، والثروة، من الألوان المُكلفة لصعوبة تصنيعه ونُدرة مواده التي كانت تُضاهي سعر الذهب، وتتفوق عليه قديمًا، صناعة اللون البنفسجي كانت تتطلب جمع الحلزن النادر للحصول على المخاط البنفسجي وتجفيفه فكان يتطلب الأمر 250,000 حلزوناً لصناعة أونصة واحدة من الصبغ، لذلك كانت الثياب البنفسجية باهظة الثمن، فالغرام واحد من الصوف الارجواني كان يُكلف مقدار ما يجنيه الفرد العادي طوال العام، لذا اقتصر على الملوك، أصحاب السلطة والأغنياء، ومُنع العامة من استخدامها، كما منع الإمبراطور الروماني أوريليان زوجته من شراء الملابس البنفسجية لأن الصّبغة كانت تُكلّف ثلاثة أضعاف وزنها ذهبا، وكان ملك الفُرس وحده من يستطيع ارتداء الاقمشة البنفسجية (350-550) قبل الميلاد، كما منعت الملكة إليزابيث الشعب ارتدائه باستثناء أُسرتها الملكية، وقد تم مُحاكمة هنري هوارد، إيرل ساري عام 1547 بتهمة الخيانة العظمى ضد هنري الثامن تضمنت الأدلة التي أدت لادانتهم أنه شوهد يرتدي اللون الأرجواني، والذي كان يُسمح فقط للملك، بصورة حصرية ارتدائه.
ارتبط اللون البنفسجي بالثراء والقوة، لون يحمل بداخله مشاعر الراحة، والهدوء، والسلام، خليط الأزرق والأحمر، ليُمثل توازن شغف الأحمر وعقلانية الأزرق فينتج الاعتدال والقرارات الصائبة، من أكثر الألوان التي تُميزها العين، يرمز للثقافة الخيالية الغامضة وبراعة الفن والابداع.
ابتكر العالم الكيماوي الإنكليزي ويليام بيركين (1856) بالصُدفة مركبًا أرجوانيًا عند محاولة صنع دواء للملاريا، حصل على براءة اختراع للصبغة وتوصل بذلك إلى مزيج لتلوين الحرير وتصنيعها بأسم الأنيلين الأرجواني و"البنفسجي" لاحقًا جنى بذلك الثراء والمال الوفير، وعندها أصبح استخدام اللون البنفسجي متاحاً لعامة الناس وتلاشت قيمته الباهظة، وغدا هذا اللون الجديد رائجا في إنكلترا الفيكتورية (1862). يصف كثيرون اللون البنفسجي تحديدا بأنه مزيج من الغموض والخيال، كما أنه يمثل الحكمة والشجاعة، وذلك لارتباطه الوثيق في القدم بطبقة الملوك والنبلاء. يرتبط البنفسجي بمستويات التفكير العميقة، وتمنح القدرة على رؤية الأشياء وسماع صوتها من دون استخدام الحواس الخمس، لذا فأن البنفسجي هو اللون المرتبط رمزيا بأعماق الدماغ وخباياه وقدراته الغامضة، كما يستخدم مُعظم المُختصين العلاج باللون البنفسجي في إزالة الصداع.

كاتب من الأوروغواي