بهلول وتاجر الغفلة

محمد خلف الشمري

"صباح معطر بالأشواق ينثر عبيره ونونه على الأحباب، وينعش القلب الخفاق(تيك دوم تيك دوم)"، قالها الخبير ثم اضاف:" يطيب لي ان أدي المايك لحكمدار التسالي والفول السوداني جناب عمي الحاج".
الشايب:" ديباجك حلو اخي الخبير بيه، لا عدمنا هالفره، ولا يكثر مرة اخرى، واسمحوا لي ادخل بموضوع اليوم، كعادته اليومية (الله لا يقطعها من عادة)، بسكيك بغداد كان بهلول يتمشى ويتنشى (يشم) الهواء العليل، فصادف أحدث التجار الذي طلب مشورته في امور التجارة!
فقال بهلول:" خليت كل عقال ومستشارين الدولة وجاي (كرك) تستشيرني؟ ما عليه ولهذا اشكر عواطفك النبيلة كايرو، وانا كلي اذان صاغية!
قال التاجر: والله يابو البهاليل انا عندي كم قرش، وحبيت اشتري بضاعة عشان اخزنها، ومن ثم أبيعها دبل الدبل!
ضحك ابو البهاليل لين طاح على مقفاه ثم قال: عليك بالحديد والفحم ربحهما مضمون لأني سمعت ان مشروع المطلاع راح يبلش الشتاء القادم!
شكره التاجر، وعلى طول عض ثوبه بأسنانه وطار اشتراهم، وخزنهم، وبعد فترة ابتدأ المشروع وباع البضاعة بأغلى الاثمان، وعقب هالبيعة المربحة صاب التاجر الغرور كعادة عيال الفقر إذا اغتنوا، لدرجة انه بيوم من الايام صادف بهلول بالشارع عطاه طاف من قلب، وبدل ما يشكره شفط عليه بحماره الأشهب مخطط ابيض، ثم قال: يا بهلول شنهو اللي أشتريه عشان اربح فلوس كثير يا مينون الفريج؟
قال بهلول: اشتر ثوم وبصل ولا يدرون فيك اهل ديوانية الليل!
هالمرة تاجر الغفلة حط كل ما يملك وأشترى ثوم وبصل (المعازيب)، وبعد كم شهر حب التاجر يتطمن على بضاعته واول ما فتح باب المخزن حصل البضاعة معفنة!
جن جنون التاجر، وهو يردد هالمجنون ذابحه... ذابحه، تكفون لا تمسكوني.
واول ما شافه تله من علباه، وهو يقول: ما بقي الا الميانين يضحكون على؟ لعنبو دارك ودور شارعكم، استشرتك ومن استشار ما خاب، والله حرام عندك، بورد خشم العان يا دحلاب!
قال بهلول: طلبت شورى بالأولى وكنت تكلمني بخطاب العقلاء، فأشرت عليك بما يمليه عليَّ ضميري، اما بالثانية فقد خاطبتني بخطاب المجانين فعطيتك شورهم، فاعلم يا ابو البصل أن ضرك ونفعك مخبوءان تحت لسانك "إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً" وسلامتكو من العين والحسد".
المتمولس:" فيه خروف هارب من المسلخ يوم العيد! رجاء من يشوفه يتصل فينا وللعلم اللي يبي يشوف صورته يطالع المنظرة"!
وفي هذه الاثناء رفع على مسامعنا الشيخ زغلول اذان الظهر.

كاتب كويتي
‏[email protected]