بوتين يتجرع سم طباخه ... "فاغنر" تتمرد

موسكو، عواصم - وكالات: فيما يحبس العالم أنفاسه، تمضي روسيا بخطى متسارعة نحو المجهول وسط تحذيرات من حرب أهلية، إثر تفجر دراماتيكي للخلاف بين مجموعة "فاغنر" الخاصة والجيش، وإعلان طباخ الرئيس الروسي وصديقه السابق قائد مرتزقة "فاغنر" يفغيني بريغوجين تمرده على القيادة العسكرية الروسية، في خطوة اعتبرها الرئيس فلاديمير بوتين "طعنة في الظهر".
وليل الجمعة السبت، دعا بريغوجين لانتفاضة على قيادة الجيش الروسي، وبث سلسلة من الرسائل قال فيها إنه دخل مع قواته إلى مدينة روستوف بجنوب روسيا، التي يقع فيها المقر العام للقيادة الجنوبية للجيش الروسي حيث يجري تنسيق العمليات العسكرية في أوكرانيا.
وبعد ساعات صمت قاتلة، سرت خلالها شائعات أن الرئيس غادر موسكو بسبب التمرد، وتخللها تكثيف السلطات الروسية تحركاتها
في العاصمة ومدن أخرى، ومن بينها إعلان الأحكام العرفية في عدد من المناطق، خرج بوتين في خطاب عبر التلفزيون ليتعهد سحق ما أسماه بالتمرد المسلح واتهم بريغوجين بالخيانة وبتوجيه "طعنة في الظهر" لروسيا.
وشدد على أن كل من حمل السلاح في مواجهة الجيش خائن وستتم معاقبته بشكل صارم، مؤكدا أن الجيش سيدافع عن الدولة والمواطنين ضد جميع التهديدات بمن فيهم الخونة في الداخل، حاضا عناصر "فاغنر" على عدم التهور وعدم ارتكاب أي خطأ فادح، ومحذرا في الوقت نفسه من أن من ينظم العصيان يحاول دفع البلد للاستسلام والحرب الأهلية، وتعهد قائلا "كرئيس وكمواطن سأقوم بكل ما بوسعي للدفاع عن روسيا ووقف التمرد المسلح".
ولم يتأخر رد قائد "فاغنر"، حيث اعتبر بريغوجين أن بوتين اتخذ الخيار الخاطئ وتجنب في خطابه ذكر الخونة والمتمردين من قواته، مؤكدا أن قواته لن تستسلم وأنه قريباً سيكون لروسيا رئيس جديد، قاطعاً أي أمل في المصالحة، كما وجه انتقادات عنيفة إلى وزير الدفاع سيرغي شويغو، معتبراً أنه حول قواته لجهاز علاقات عامة لمصالحه ورغباته.
وفيما دعا الأمن الفيدرالي مقاتلي "فاغنر" لعدم تنفيذ الأوامر الإجرامية والخائنة لرئيس المجموعة، وطالبهم باعتقاله، قالت وزارة الدفاع في بيان للمقاتلين، إن بريغوجين خدعهم واستدرجهم لمغامرة إجرامية، وناشدتهم التواصل مع ممثليها وممثلي هيئات إنفاذ القانون ووعدتهم بضمان سلامتهم، بينما أعلنت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب فرض نظام عملية لمكافحة الإرهاب في موسكو ومنطقتها.
ميدانيا، تلاحقت التطورات بصورة متسارعة، إذ عززت السلطات الإجراءات الأمنية في موسكو بفرض نظام لمكافحة الإرهاب، وأظهرت صور مركبات عسكرية تسير قرب وزارة الدفاع وأخرى متوقفة أمام مجلس النواب، على مسافة عشرات الأمتار من الكرملين، كما نصب الجنود الروس موقعا للمدافع الآلية على الطرف الجنوبي الغربي لموسكو، وأظهرت الصور تجمعا للشرطة المسلحة عند نقطة وصول الطريق السريع إم4 الذي يتقدم فيه مرتزقة مجموعة "فاغنر" إلى العاصمة الروسية، وأُعلن تعليق الملاحة في نهر موسكفا الذي يمر عبر العاصمة الروسية بصورة مؤقتة.
وأكد الكرملين اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد التمرد، وأبلغ المدعي العام الروسي إيغور كراسنوف الرئيس فلاديمير بوتين، بفتح تحقيق جنائي في تهمة محاولة تنظيم تمرد مسلح، ونصح حاكم منطقة روستوف المجاورة لأوكرانيا بجنوب روسيا السكان بالالتزام بالهدوء والبقاء في منازلهم، بعد سيطرة قوات "فاغنر" على المدينة.
وشهد محيط روستوف تبادلاً لإطلاق النار، فيما أعلن بريغوجين عبور قواته مدينة فورونيج القريبة وتوجهها إلى ليبيتسك، ما ينذر بتوسع دائرة المواجهات.
وفور إعلان رئيس الشيشان رمضان قديروف الاستعداد للمشاركة في سحق التمرد، أظهرت صور توجه وحدات من قوات "أحمد" الشيشانية باتجاه روستوف لمواجهة قوات "فاغنر"، ما دفع السلطات في منطقة ليبيتسك للطلب من السكان البقاء داخل منازلهم، كما أظهرت لقطات بثتها قنوات مقرها مدينة روستوف أون دون مسلحين يرتدون الزي العسكري يمشطون مقر الشرطة الإقليمية بالمدينة على الأقدام، فيما تمركزت دبابات خارج مقر المنطقة العسكرية الجنوبية.
إلى ذلك، دعت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الروس إلى الالتفاف حول الرئيس فلاديمير بوتين، كما دعا زعيما مجلسي البرلمان إلى دعم الرئيس الذي يواجه تمردا مسلحا، وكتب رئيس مجلس النواب فياتشيسلاف فولودين على "تلغرام": "نواب مجلس الدوما يدعمون توحيد القوات ويؤكدون دعم القائد العام الرئيس فلاديمير بوتين"، بينما قالت رئيسة مجلس الشيوخ فالنتينا ماتفيينكو إن قوة روسيا في الوحدة وعدم التسامح التاريخي مع الخيانة والاستفزازات.
الى ذلك، اهابت سفارة دولة الكويت لدى روسيا الاتحادية بالمواطنين الكويتيين المتواجدين في روسيا ضرورة توخي الحيطة والحذر والالتزام بالتعليمات الصادرة عن الجهات الرسمية الروسية.
ودعت السفارة في بيان صحافي المواطنين المتواجدين هناك للتواصل مع السفارة في حال الاستفسار أو طلب المساعدة عبر رقم الطوارئ (0079256311313) على ضوء التطورات الجارية في روسيا الاتحادية.