الثلاثاء 29 أبريل 2025
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة   /   كل الآراء

"بيتكوين" قمار ونصب واحتيال...مَنْ يقرأ ويتعظ؟

Time
الخميس 22 ديسمبر 2022
View
5
السياسة
أحمد الدواس

تعرض مواطنون ومقيمون لخسائر هائلة بسبب تعاملهم بما يسمى عملة رقمية "بيتكوين"، وهم لا يعلمون أنها قمار ونصب واحتيال، وقد كتبنا مرارا عنها، لكن من يقرأ ويتعظ؟
ما زال الانهيار الكبير في سعر العملة الرقمية يجد له مكانا في أحاديث ديوانيات الكويت، إذ يقول أحدهم: وضعت مبلغا وصل حينها إلى خمسة آلاف دينار للتداول بتلك العملة، إلا أنني فوجئت بهبوط مدو وصل إلى 70 في المئة من قيمة أموالي حيث وصلت حاليا إلى 1450 دينارا فقط، أي خسرت ما يصل إلى 3550 دينارا، والأمثلة كثيرة.
لنسأل أنفسنا: ما هي النقود؟
في قديم الزمن عاش الإنسان حياةً بدائية، كانت لديه ماعز أو بقرة يشرب من حليبها ويصطاد غزالا أو أرنبا ليأكله، وربما ربى بعض الدجاج، لم يكن للنقود وجود، لهذا تبادل الناس الأشياء أو السلع بالمقايضة، أعطيك موزا مقابل البيض، لكن لهذا التعامل عيوبه، فربما لا يريد الثاني الموز، وإذا أراد أحدهم أن يبادل دجاجة ببعض اللحم فان صاحب الدجاجة يطلب من صاحب البقرة أن يذبحها حتى يعطيه جزءاً منها، وبالطبع فان مالك البقرة لن يذبحها من أجل أن يعطي صاحب الدجاجة جزءاً منها، فماذا يفعل بباقي اللحم، ماعندهم ثلاجة؟ وفي مجتمعٍ كهذا يكون التبادل مزعجاً والتجارة بطيئة.
بمرور الزمن اتفق الناس على استعمال شيء يكون وسيطا ومقبولا عندهم يتبادلونه، ويمكن حمله بسهولة وبالإمكان تخزينه في المنزل، فقرروا مثلاً استخدام "الملح" لأهميته، فيخرج أحدهم حفنةً من الملح، ويعطيها لصاحب البيض ليشتري منه، ويأخذ الثاني الملح ليبادل به، لكن الملح يذوب في الماء وقد يتلف، فلا يصلح للتبادل، ثم استعملت المجتمعات الإنسانية "المحار والقواقع" وغير ذلك، أعطيك كذا محارة تعطيني الشي الفلاني.
وهكذا إلى ان اكتشف الإنسان ان الذهب والفضة لايتأثران بالتقلبات المناخية ويسهل حملهما بسهولة، فتم استخدامهما قبل آلاف السنين كوسيط للتبادل، وأيضاً لتخزين القيمة، كما أنهما لا يتعرضان للتغيير بمرور الزمن، فهذا يعطي الآخر قطعة من الذهب أو الفضة ليشتري فيقبض الثاني النقود ويشتري هو أيضا بها بدلا من حمل الملح.
قبل مئة عام عندما نشبت الحرب العالمية الأولى، أو في حدود ذلك التاريخ، لم تمتلك أوروبا كمية كافية من الذهب والفضة، وكانت تتقاتل بينها، ولما كان لا بد من الإنفاق على الجنود فكرت بإصدار الورقة النقدية (النوط كما نقول) على ان تتعهد بأن تدفع لحاملها كمية من الذهب إذا أراد ان يصرف العملة الورقية في البنك.
تدريجياً اعتاد الناس هذه العملة، ولم يذهب الكثير منهم الى البنوك ليستلموا الذهب بدلاً منها، اطمئناناً وثقة بقيمة الورقة النقدية التي تصدرها الحكومة على شكل نقود.
وفي يونيو 2014 تم التعامل بورقة نقدية كويتية جديدة أصدرها بنك الكويت المركزي، وهذا التبديل للعملة له بعض الفوائد، فتاجر المخدرات عادة ما تكون لديه بضعة آلاف من نقد البلد، فإذا كان التاجر موجودا في الكويت فان قرار الحكومة بتبديل العملة يجعله يهرع الى البنك لاستبدالها بالعملة الجديدة، وإلا ستصبح أمواله بلا قيمة، وهنا سيُفتضح أمره، فالبنك والجهات الرقابية سوف تسأله عن مصدر الأموال.
هذه هي النقود، كيف ظهرت وتبادلها الناس وأخذ يصدرها البنك المركزي للدولة، ولها سعر، ويقبل بها الناس في البيع والشراء، وهذا ما درسناه في علم الاقتصاد.
أما البدع الأخرى فليست نقودا، فالعملة الرقمية (بيتكوين) عملية معقدة لا يوصى بها المحللون الماليون لما تنطوي عليه من مخاطر جمة، فـ "بيتكوين" هي جنون عالمي، إنها قمار وليست استثماراً، إنها كالنصب والاحتيال، يصيب الناس بالخسائر الفادحة.
استعمل رئيس السلفادور نجيب بوكيله (عربي الأصل من فلسطين) الـ"بيتكوين" في صيف 2021 كعملة داخل بلاده، لكن نظام العملة هذه لم يعمل وكرهها الشعب.

سفير كويتي سابق

[email protected]
آخر الأخبار