السبت 12 أكتوبر 2024
29°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

بين زلزال الحجاز وزلزال تركيا

Time
الخميس 09 فبراير 2023
View
5
السياسة
محمد الفوزان

شيء مرعب حدث في جنوب تركيا وشمال سورية، سقوط مبان وهلع وهزة أرضية، لم تزلزل الأرض فقط، بل زلزلت القلوب والنفوس، فكيف بيوم القيامة ويوم البعث؟ اللهم كن عوناً لهم ونصيراً، وارحمهم وارحمنا برحمتك يارب العالمين.
نعزي الحكومة والشعب التركيين والسوريين على مصابهم الجلل والبلاء العظيم الذي حل بهم، وأن يتغمد الله تعالى من قضى تحت الأنقاض برحمته وفسيح جناته، وأن يشفي جرحاهم، ويلم شمل عوائلهم الذين تهدمت بيوتهم، فأصبحوا في الشوارع بلا مأوى، ولاحول ولا قوة الاّ بالله.
الدمار الذي خلفه الزلزال الذي ضرب الجنوب التركي والشمال السوري أكبر من المتوقع؛ ويبدو أن أرقام الضحايا أكبر بكثير من المعلن، فيما الشمال السوري يعيش بكارثة حقيقية، فآلاف المباني سقطت، وآلاف الضحايا والمصابين، وعاصفة ثلجية، وإمكانات محدودة، ونكبات متوالية.
يقول أحد جنود ‏الخوذ البيضاء: "نشتغل بلا توقف وحدنا منذ 26 ساعة، فالوضع كارثي لا تصفه كلمات في ريف ‎حلب، والوقت بدأ ينفد للضحايا العالقين تحت الركام".
‏إنّ القلب ليحزن وإنّ العين لتدمع على الضحايا والمصابين والعالقين تحت الأنقاض في تركيا وسورية من الأبرياء الذين نحسب المتوفّي منهم من الشهداء بإذنهِ تعالى أرحم الرحمين.
عنْ أبي هُرَيْرةَ رضي الله عنه قالَ: "قالَ رَسُولُ الله: الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْم وَالشَّهيدُ في سبيل الله"
(متفقٌ عليهِ).
لقد‏ أصبح العالم مليئا بالعبر والدروس، وأبلغها هو أنه قد تأتي لحظة خاطفة يُسلب منك كل شيء ويتوقف النفس، وتجد نفسك أمام العظيم،
"وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ"، فهل نحن مستعدون؟
و‏على قدر ما أحمله من وجع في قلبي على الضحايا إلا أن ثقتنا بالله كبيرة، وبما تبذله الحكومة التركية والشعب التركي من جهد مضاعف في هذه البلاد العظيم، والبلاء للمؤمن تمحيص وأجر مضاعف، وللعاصي عقاب وعذاب.
ووجع أشقائنا السوريين الذين ليس لهم سوى الله تعالى كبير، كان الله في عونهم أمام إمكانياتهم المحدودة وقلة ذات اليد المتواضعة في معالجتهم الكارثة التي لحقت بهم.
لذلك نهيب بالدول والمجتمع الدولي والجمعيات الخيرية أن يسارعوا الى تقديم يد العون والمساعدة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.
لقد وقع عبر تاريخنا الإسلامي زلازل وبراكين في منطقتنا ظل علماء الحديث والتاريخ يتناقلون أخبارها، وخبر نار الحجاز التي ذكرها الرسول(صلى الله عليه وسلم) في الحديث "لا تقوم الساعة حتى تَخرُج نار من أرض الحجاز تضيء أعناقَ الإبل ببُصرى"، وبصرى في بلاد الشام، و بعد قرون، وبالتحديد في عام 654هجرية تحققت نبوءة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، إذ ظهرت النار، التي قال عنها المؤرخ شمس الدين الذهبي: "أمر هذه النار مُتواتِر... وقد حكى غير واحد ممن كان ببُصرى في الليل، ورأى أعناق الإبل في ضوئها"، وقال النووي: "تواتر العلم بخروج هذه النار عند جميع أهل الشام"، وذكر السمهودي أن ظهور النار اشتهر اشتهارا بلغ حد التواتر عند أهل الأخبار، ويقول ابن كثير: "ثم دخلت سنة أربع وخمسين وستمئة، فيها كان ظهور النار من أرض الحجاز التي أضاءت لها أعناق الإبل ببُصرى، كما نطق بذلك الحديث المتفق عليه".
قال القرطبي: "خرجت نار الحجاز بالمدينة، وكان بدؤها زلزلة عظيمة في ليلة الأربعاء بعد العتمة، الثالث من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمئة، واستمرت إلى ضحى النهار يوم الجمعة فسكنت، وظهرت بقريظة، بطرف الحرة ترى في صفة البلد العظيم، لا تمر على جبل إلا دكته وأذابته، ويخرج من مجموعه ذلك مثل النهر أحمر وأزرق، له دوي كدوي الرعد، يأخذ الصخور بين يديه، وينتهي إلى محط الركب العراقي، واجتمع من ذلك ردمٌ صار كالجبل العظيم، فانتهت النار إلى قرب المدينة، ومع ذلك فكان يأتي المدينة نسيم باردٌ، وشوهد لهذه النار غليان كغليان البحر".
وقال القطب القسطلاني، وقد كان بمكة المكرمة حين وقعت هذه الحادثة، وقد ألف فيها كتاباً: "ولما عاين أمير المدينة ذلك أقلع عن المخالفة واعتبر، ورجع عما كان عليه من المظالم وانزجر، وأظهر التوبة والإنابة، وأعتق جميع مماليكه، وشرع في ردِّ المظالم وعزم أهل المدينة على الإقلاع عن الإصرار وارتكاب الأوزار، وفزعوا إلى التضرع والاستغفار، وهبط أميرهم من القلعة مع قاضيهم الشريف سنان وأعيان البلد، والتجأوا إلى الحجرة الشريفة، وباتوا بالمسجد الشريف بأجمعهم حتى النساء والأطفال، فصرف الله تعالى تلك النار العظيمة ذات الشمال، ونجوا من الأهوال".
واستمرت هذه النار مدة ثلاثة أشهر على ما ذكره المؤرخون.

إمام وخطيب
[email protected]
آخر الأخبار