من المحتمل أن يستمر تهديد وباء "كورونا" بعرقلة شركات النفط الصخري الأميركي التي ساعدت في تحويل الولايات المتحدة إلى أكبر منتج للنفط في العالم بأكثر من 13 مليون برميل من النفط يوميًا في وقت سابق هذا العام على مدار سنوات قبل أن تصل إلى تلك المستويات المرتفعة مجددًا.وتتزايد تلك التوقعات بين كبار المديرين التنفيذيين والخبراء في مجال النفط والغاز الطبيعي، إذ يرون أن جائحة "كورونا" ستضعف شركات النفط الصخري، وتترك الشركات الناجية من الأزمة أصغر حجمًا مع تراجع قدرتها على مواصلة النمو بأي كلفة وفقا لـ "ارقام". وقادت شركات النفط الصخرى طفرة في إنتاج الولايات المتحدة من الخام مما ساعد على مضاعفة الإنتاج في العقد الماضي، ولكن قبل أن يقلل الفيروس من الطلب العالمي على النفط، كان الكثير منها يكافح من أجل تحقيق الربح وكان المستثمرون قلقين بشأن القطاع مما حد من وصول الشركات إلى رأس المال.وضع شركات النفط الصخري على الرغم من ارتداد أسعار النفط في الأيام الأخيرة، وارتفاعها أعلى 33 دولارًا للبرميل، إلا أن الإنتاج الأميركي لا يزال يستعد للتراجع لأن الشركات لا تزال لا تحفر الآبار بالقدر الكافي لتعويض تراجع الإنتاج من الآبار الحالية.إذ تنتج آبار النفط الصخري في البداية الكثير من النفط والغاز لكن سرعان ما تفقد زخمها، وأوضحت شركة الأبحاث "وود ماكنزي" أنه بدون الاستثمار في آبار جديدة، فإن إنتاج العديد من الشركات سينخفض بمقدار من 30% إلى 50% خلال عام فقط.
وفقًا لـ "وول ستريت جورنال"، فإن شركات النفط الصخري خفضت ميزانياتها للحفر لهذا العام بصورة حادة، إذ قلصت أكبر 15 شركة من حيث القيمة السوقية الإنفاق بمتوسط 48%. وصرح "بيل توماس" المدير التنفيذي لشركة "إي أو جي ريسورسز" - التي قلصت ميزانياتها الرأسمالية لهذا لعام 46% - أنه من غير المحتمل أن يصل الإنتاج الأميركي إلى مستويات ما قبل الفيروس خلال السنوات العديدة المقبلة. على حسب بيانات وزارة الطاقة، تراجع إنتاج النفط الأميركي إلى 11.5 مليون برميل يوميًا في منتصف مايو، بعدما أغلقت الشركات الآبار. وتتوقع الوزارة حاليًا تراجع إنتاج النفط الأميركي إلى حوالي 10.8 مليون برميل يوميًا أوائل العام المقبل، وهو ما يعد تراجعًا مقارنة بتوقعاتها السابقة في يناير البالغة 13.5 مليون برميل يوميًا.ويتوقع "دانيل يرجين" نائب رئيس مجلس إدارة "آي إتش إس ماركيت" وصول إنتاج النفط الأميركي إلى القاع عند حوالي 9 ملايين برميل يوميًا في الصيف المقبل، قبل أن يعود في النهاية إلى حوالي 11 مليون برميل يوميًا. يتوقع "يرجين" وغيره أنه حتى مع تعافي الصناعة فإن وتيرة النمو ربما لا تتوافق مع الطفرة التي شهدتها السنوات الأخيرة، وهو ما يعود إلى حد كبير إلى تدهور العلاقة بين الصناعة و"وول ستريت" بعد سنوات من العائدات الضعيفة.بناءً على بيانات "إفيركور آي إس آي"، ضخت كبرى الشركات العامة لإنتاج النفط في الولايات المتحدة إجمالي 1.18 تريليون دولار في أنشطة حفر وضخ النفط خلال العقد الماضي، وخاصة في النفط الصخري، ولكنها عجزت عن جمع الكثير من ذلك المال، إذ جنت معًا 819 مليار دولار فقط من عملياتها النفطية.وساهم ذلك في خيبة أمل للمستثمرين بالصناعة، ففي العام الماضي جمع المنتجين الأميركيين تمويلا من الديون والأسهم بقيمة 23 مليار دولار، مقارنة مع 57 مليار دولار جمعوها في 2016، بناءً على بيانات "ديلوجيك". تقدمت بعض من كبرى شركات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة بما يشمل "وايتننج بتروليم" و"ألترا بتروليم" بطلبات للحماية من الإفلاس، في حين حذرت "أواسيس بتروليم" و"تشيسابيك إنرجي" من أنهما قد لا يتمكنا من الاستمرار في العمل.و ذكرت "فيتش ريتنجز" أن معدل التعثر بين كبرى شركات التنقيب وإنتاج النفط الأميركي يمكن أن يصل إلى 25% هذا العام وهو المستوى الأعلى منذ مارس 2017. هل يقدم ارتفاع أسعار النفط دعمًا؟ - يخفف الانتعاش الأخير في أسعار النفط بعض الضغط على الشركات، ولكنه لا يكفي لكي تكون أغلب آبار النفط الجديدة رابحة. هذا ومن المتوقع أن تتصرف شركات النفط الصخري التي ستتخارج من ذلك التراجع بشكل مختلف عما شهدته خلال السنوات الأخيرة.